في عالم الاستثمار، يُعتبر التداول في الأسهم أحد أكثر الأنشطة شعبية، حيث يسعى المستثمرون لتحقيق أرباح من خلال شراء الأسهم وبيعها. ومع ذلك، هناك استراتيجية تداول تُعرف بالبيع على المكشوف أو "short selling"، والتي تجذب بعض المستثمرين، لكن من الأفضل الابتعاد عنها. في هذا المقال، سنستعرض الأسباب التي تدفع المستثمرين إلى تجنب هذه الاستراتيجية عالية المخاطر. تعتبر عملية البيع على المكشوف وسيلة لتحقيق الربح عندما تنخفض أسعار الأسهم، حيث يقوم المستثمر ببيع سهم لا يملكه عن طريق اقتراضه من وسيط ثم بيعه في السوق. وبعد ذلك، يتوقع المستثمر أن ينخفض سعر السهم، ليقوم بعد ذلك بشرائه مرة أخرى بسعر أقل وإعادته إلى الوسيط. ولكن، هذه الاستراتيجية تحمل في طياتها العديد من المخاطر والعقبات. أحد الأسباب الرئيسية لتجنب البيع على المكشوف هو خطر الخسائر غير المحدودة. فعندما يشتري المستثمر سهمًا، فإن الحد الأقصى للخسائر هو قيمة الاستثمار. على سبيل المثال، إذا اشتريت سهمًا بسعر 50 دولارًا، فلن تخسر أكثر من 50 دولارًا. لكن في حالة البيع على المكشوف، إذا ارتفع سعر السهم إلى 100 دولار، يجب على المستثمر دفع 100 دولار لشراء السهم لإغلاق مركزه. وبما أن أسعار الأسهم يمكن أن ترتفع إلى ما لا نهاية، فإن المخاطر المحتملة للخسائر تكون غير محدودة. هذه الحقيقة تجعل الكثير من المستثمرين يترددون في استخدام هذه الاستراتيجية. علاوة على ذلك، تلعب الوقت دورًا سلبيًا أيضًا عند التعامل مع أسهم مباعة على المكشوف. بينما يمكن للمستثمرين الاحتفاظ بمراكز الشراء إلى أجل غير مسمى، فإن مراكز البيع على المكشوف تتطلب عادةً استخدام الهامش، الذي يأتي مع رسوم فائدة يجب دفعها طيلة فترة مركزهم. إذا كان المستثمر يدفع 5% سنويًا من الفائدة على الهامش وحافظ على مركزه لمدة خمس سنوات، فقد يخسر 25% من استثماره فقط من خلال دفع الفائدة دون أي حركة في السوق. إضافةً إلى ذلك، يمكن أن تتجاوز الأحداث غير المتوقعة توقعات السوق وأسعار الأسهم. على سبيل المثال، قد ترتفع السوق بشكل عام، مما يؤدي إلى زيادة سعر الأسهم، حتى لو كانت أساسيات الشركة ضعيفة. أو قد تصدر الشركة أخبارًا إيجابية غير متوقعة، مثل تحقيق أرباح تفوق التوقعات أو التوصل إلى صفقة شراكة استراتيجية. هناك أيضًا عوامل أخرى مثل الأخبار الاقتصادية أو التغيرات السياسية التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على أسعار الأسهم. تعد حالات الندم الناتجة عن البيع على المكشوف شائعة بين المستثمرين. قد يستمر المستثمرون في التعامي عن البيانات والأخبار التي تشير إلى ارتفاع محتمل في سعر الأسهم، مما يزيد من المخاطر. بالإضافة إلى ذلك، قد تتسبب عمليات الشراء المؤسساتية أو استثمارات المليارديرات في ارتفاع أسعار الأسهم، مما يؤثر سلبًا على مراكز البيع على المكشوف. تظهر الحالات التي تفشل فيها استراتيجيات البيع على المكشوف عندما يحدث تحول كبير في معنويات السوق. على سبيل المثال، في عام 2020، عندما بدأت جائحة كوفيد-19، كان هناك انخفاض حاد في أسعار الأسهم لبعض القطاعات. ولكن بعد فترة وجيزة، شهد السوق انتعاشًا غير متوقع، حيث ارتفعت أسعار الأسهم بشكل كبير بسبب التوجه نحو الرقمية وزيادة الطلب على الخدمات الإلكترونية. المستثمرون الذين قاموا بالبيع على المكشوف تعرضوا لضرر كبير حيث ارتفعت أسعار الأسهم بشكل سريع وغير متوقع. من المهم أن يكون المستثمرون في حالة من الوعي التام بالمخاطر المحتملة. إن استخدام استراتيجيات محسوبة وتطوير مهارات البحث والتحليل يمكن أن يساعد كثيرًا في اتخاذ القرارات المالية السليمة. استثمار الوقت في فهم الشركات والأسواق يمكن أن يقلل من مخاطر الخسائر الفادحة. على الرغم من أن البيع على المكشوف يمكن أن يكون مربحًا في بعض الحالات، إلا أنه يتطلب قدرًا كبيرًا من المعرفة والخبرة. لذا، من المفضل أن يترك تلك الاستراتيجية للمتداولين المحترفين أو الأفراد الذين لديهم خبرة قوية في الأسواق. في الختام، يعتبر التداول في الأسهم نشاطًا محفوفًا بالمخاطر، ولكن يتعين على المستثمرين التفكير مليًا قبل اتخاذ قرار بالبيع على المكشوف. إن قدرة السوق على التغير بشكل مفاجئ ودائم، واحتمالية الخسائر غير المحدودة، تستدعي الحكمة والحذر. لذا، إذا كنت مستثمرًا، فإن الخيار الأفضل قد يكون تجنب استراتيجيات البيع على المكشوف والبحث عن طرق أكثر أمانًا للاستثمار. التوجه نحو استراتيجيات استثمارية تتسم بالاستدامة قد يكون الطريق الأكثر أمانًا لتحقيق النجاح المالي على المدى الطويل.。
الخطوة التالية