عندما يتعلق الأمر بالتخطيط للتقاعد، يُعتبر قرار الانتقال من المنزل الذي عشت فيه لسنوات طويلة واحدًا من أكثر القرارات تعقيدًا التي قد تواجهها. فبينما تترقب بداية فصل جديد في حياتك، قد تسأل نفسك: هل يجب علي بيع منزلي أم تأجيره عندما أنتقل؟ تعد هذه المسألة محورية، وتستحق التفكير بعناية نظرًا للعوامل المالية والنفسية والاجتماعية التي تلعب دورًا فيها. أولاً وقبل كل شيء، يجب أن تتذكر أن منزلك هو أكثر من مجرد استثمار. فهو ملاذك، مكان ذكرياتك، ربما يحتوي على كل ما عزيز لديك. ومع ذلك، عندما تفكر في تأجيره، فإنك تتعامل مع المنزل بشكل مختلف، حيث تصبح مستثمرًا بدلًا من مجرد مالك. من هنا، يجب أن تبدأ بتقييم الوضع المالي. تكمن النقطة الأساسية في التفكير في ميزات وعيوب البيع والتأجير. إذا قررت بيع المنزل، فإنك ستحصل على دفعة مالية واحدة يمكن استخدامها لتمويل تقاعدك أو استثمارها في أشياء أخرى. هناك أيضًا ميزة كبيرة تتعلق بالضرائب عند بيع المنزل، حيث يمكنك الاعتماد على استثناءات ضريبية قد تبلغ حتى 250,000 دولار للأفراد و500,000 دولار للأزواج. هذا يعني أنك ستحتفظ بجزء كبير من أموالك من أرباح البيع دون الحاجة لدفع ضرائب إضافية. لكن ماذا لو كنت تفكر في تأجير المنزل؟ لا شك أن العوائد الشهرية من الإيجارات قد تبدو جذابة، خاصةً إذا كنت تستطيع تغطية التكاليف الشهرية مثل الرهن العقاري والضرائب. ومع ذلك، يجب أن تضع في اعتبارك أن إدارة الممتلكات تتطلب وقتًا وجهدًا. إذا كنت تخطط للانتقال بعيدًا، فربما تحتاج إلى تعيين مدير ممتلكات، مما سيكلفك جزءًا من العائد الشهري. ليست كل الأوقات مناسبة للإيجار، وقد تواجه مشاكل مع المستأجرين، مما قد يتطلب منك المزيد من الجهد لحلها. دعونا نستعرض بعض القواعد العامة التي يمكن أن تساعد في توجيه قرارك. تشير قاعدة 1% في عالم العقارات إلى أنه يجب أن يكون لديك القدرة على تأجير المنزل بنسبة 1% من قيمته السوقية. فإذا كانت قيمة منزلك 750,000 دولار، فمن المفترض أن تجني حوالي 7,500 دولار في الشهر. ومع ذلك، إذا كنت تسكن في منطقة مرتفعة التكلفة، فقد تكون هذه النسبة غير متحققة. بمعنى آخر، عليك أن تسأل نفسك: هل سأشتري هذا المنزل لو كنت مستثمرًا الآن؟ عند اتخاذ هذا القرار، يجب أيضًا التفكير في جانب السيولة. يُعتبر العقار أقل سيولة مقارنة بالأسواق المالية مثل الأسهم والسندات. في بعض الأحيان، يمكن أن تكون عملية بيع العقار معقدة وتستغرق وقتًا طويلاً، خاصة إذا كنت في سوق بطيء. بالإضافة إلى العوامل المالية، يجب أن تفكر في الجوانب الضريبية. إذا قمت بتحويل منزلك إلى عقار مؤجر، فقد تواجه تحديات ضريبية خاصة. عادة ما تُعفى أرباح بيع المنزل من الضرائب، لكنك قد تخسر بعض هذه الفوائد إذا قررت تأجيره لفترة طويلة. والضرائب على دخل الإيجار تختلف أيضًا، حيث يُعتبر دخل الإيجار تحت بند دخل الشخصي، مما قد يُزيد من الضرائب المستحقة عليك. هناك أيضًا اعتبارات غير مالية ينبغي أن تؤخذ في الحسبان. يُعد كونك مالكًا لعقار مؤجر تحديًا كبيرًا، حيث يتطلب منك التصدي لـ "ثلاثة T's": القمامة، والصرف الصحي، والمستأجرين. العديد من المستثمرين في الممتلكات يجدون أنفسهم دائمًا على اتصال مع المستأجرين، وهذا قد يكون مرهقًا في فترة تقاعدك، حيث تفضل الاستمتاع بحياتك الجديدة بدلاً من التعامل مع مشاكل دورية تتعلق بالصيانة والإصلاحات. إذا كنت تفكر في احتمال العودة إلى منزلك في المستقبل، فإن الاحتفاظ به يمكن أن يكون له مبرر قوي. ففي بعض الحالات، قد لا تعجبك فكرة الانتقال إلى مكان جديد وترغب في العودة إلى الشوارع التي تعرفها جيدًا. إن تكاليف الانتقال والشراء مرة أخرى يمكن أن تكون باهظة، لذا فإن الاحتفاظ بالمنزل قد يكون بحثًا عن الأمان في حال قررت العودة. عندما تستخدم كل هذه العوامل في اعتباراتك، سيكون لديك مجموعة شاملة من المعلومات التي تساعد في اتخاذ القرار. ليس هناك خيار صحيح أو خطأ بشكل عام، فكل شخص لديه ظروف وتجارب فريدة. يمكن أن تساعدك المناقشات مع المستشارين الماليين أو الوكلاء العقاريين في توفير رؤية إضافية. ختامًا، يُعتبر اتخاذ قرار حول بيع أو تأجير منزلك خلال الانتقال للتقاعد مسألة تعتمد بشكل كبير على أولوياتك وأهدافك المالية. بغض النظر عن الخيار الذي تختاره، تأكد من أنه يتماشى مع أهدافك الشخصية في مرحلة التقاعد، حيث يمكنك الاستمتاع بأفضل ما في الحياة بعد العمل. القرار النهائي يجب أن يكون مدروسًا بعناية، مع التركيز على تحقيق حياة غنية ومرضية خلال سنوات التقاعد.。
الخطوة التالية