توجهت أنظار المستثمرين في عالم الأسهم نحو استراتيجيات جديدة لتحقيق الأرباح في ظل تقلبات الأسواق والتغيرات السريعة التي تختبرها. من بين هذه الاستراتيجيات، نجد استراتيجية بيع الأسهم على المكشوف (Short Selling) وشراء خيارات البيع (Put Options). سنتناول في هذه المقالة مقارنة بين هاتين الاستراتيجيتين ونحدد أيهما يمكن أن تكون الأفضل للمستثمر. عندما نتحدث عن بيع الأسهم على المكشوف، فإن الأمر يتعلق بعملية اقتراض سهم معين من مستثمر آخر، ومن ثم بيعه بسعر السوق الحالي. الهدف هنا هو انتظار تراجع سعر السهم، مما يسمح للمستثمر بشراء السهم مرة أخرى بسعر أقل، ليقوم بعد ذلك بإعادته إلى صاحبه الأصلي. وبذلك، يحقق المستثمر أرباحه من الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء. من ناحية أخرى، توفر خيارات البيع للمستثمر الحق - وليس الالتزام - في بيع سهم معين بسعر محدد قبل تاريخ انتهاء محدد. إذا انخفض سعر السهم عن السعر المحدد في الخيار، يمكن للمستثمر تحقيق ربح من خلال بيع السهم بسعر أعلى من السوق. ### أبرز مزايا بيع الأسهم على المكشوف أحد أكبر المزايا لبيع الأسهم على المكشوف هو عدم وجود حدود زمنية معينة. في حين أن خيارات البيع تأتي مع تاريخ انتهاء محدد، فإن المستثمر في بيع الأسهم على المكشوف يمكنه الاحتفاظ بمركزه لفترة كما يشاء. هذا يوفر الفرصة للتحلي بالصبر وانتظار الوقت المناسب لتغطية المركز. بالإضافة إلى ذلك، قد يتمكن المستثمرون من الاستفادة من تقلبات الأسعار في السوق بشكل أفضل. عند اقتراض سهم من سوق يعاني من فقاعة سعرية، يمكن للمستثمر استغلال هذه الفقاعة وتحقيق أرباح عند تصحيح السعر. ### التحديات والمخاطر للأسلوب التقليدي لكن هناك دوماً مخاطر كبيرة مرتبطة ببيع الأسهم على المكشوف. أولاً، إذا استمر السعر في الارتفاع بدلاً من الانخفاض، فإن خسائر المستثمر قد تكون غير محدودة. في الأساس، لا يوجد سقف للسعر الذي يمكن أن يصل إليه السهم. مما يعني أن المستثمر يمكن أن يواجه خسائر ضخمة يتعين عليه تغطيتها. علاوة على ذلك، قد يؤدي التركيز الكبير للمتداولين على بيع الأسهم على المكشوف إلى ضغط شرائي على السهم، مما يدفع سعره إلى الارتفاع ويؤدي إلى "ضغط شراء" (Short Squeeze). وفي هذه الحالة، قد يضطر المستثمرون المبيعون على المكشوف إلى إعادة شراء الأسهم بسعر أعلى، مما يزيد من خسائرهم. ### مزايا خيارات البيع إذا انتقلنا إلى خيارات البيع، سنجد لديها مزايا فريدة تجعلها محبوبة من قبل العديد من المستثمرين. واحدة من أبرز المزايا هي أنه يمكن للمستثمرين تحديد مستوى المخاطر الخاص بهم. مع شراء خيار بيع، فإن الخسائر محصورة بمبلغ القسط المدفوع لشراء الخيار. وبالتالي، حتى في أسوأ السيناريوهات، لن يخسر المستثمر أكثر من المبلغ الذي استثمره في الخيار. كذلك، تتيح خيارات البيع للمستثمرين الوصول إلى الربحة بفئات سعريّة أقل بكثير مقارنة بشراء الأسهم مباشرة. فعلى سبيل المثال، بدلاً من الحاجة إلى شراء 100 سهم من شركة ما، يمكن للمستثمر شراء خيار بيع يغطي نفس العدد بتكلفة أقل بكثير، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين. ### العيوب والمخاطر المرتبطة بخيارات البيع لكن خيارات البيع ليست خالية من المخاطر. تظل خيارات تداول خيارات البيع مرتبطة بفترات زمنية محددة، مما يعني أن المستثمر يجب أن يكون على دراية جيدة بتوقيت السوق. إذا انقضى الوقت قبل حدوث التغير المطلوب في سعر السهم، فقد تنتهي صلاحية الخيار ويصبح بلا قيمة. علاوة على ذلك، مركبات خيارات البيع قد تكون معقدة بعض الشيء. فاختيار الخيار المناسب من بين الخيارات المختلفة المتاحة يتطلب معرفة وإلمامًا أكبر بالسوق، وقد يكون تحديًا للمستثمرين الجدد. ### مقارنة نهائية عند التقييم بين الاستراتيجيتين، يعتمد الخيار الأفضل على وضع المستثمر وأهدافه. أولئك الذين يفضلون عدم وجود حدود على المدة الزمنية لمراكزهم قد يفضلون بيع الأسهم على المكشوف. بينما يفضل أولئك الذين يفضلون الحد من المخاطر والتكاليف المنخفضة للبدء، شراء خيارات البيع. لذا، في عالم الاستثمار، لا يوجد خيار مثالي للجميع، ولكن الفهم الجيد لمزايا وعيوب كل استراتيجية يمكن أن يساعد المستثمرين في اتخاذ القرار الأفضل بناءً على معطياتهم الشخصية وظروف السوق. في النهاية، يجب على المستثمرين أن يضعوا في اعتبارهم أنه سواء قرّروا استخدام بيع الأسهم على المكشوف أو خيارات البيع، فإن التقييم الدقيق للمخاطر والعوائد المحتملة والتخطيط المالي السليم يمثلان الأسس لتحقيق استثمار ناجح.。
الخطوة التالية