في خطوة قد تكون بمثابة تحدٍ كبير للقوات الروسية، يبدو أن أوكرانيا قد حاولت في الآونة الأخيرة استهداف منطقة جديدة داخل الأراضي الروسية، وذلك بعد نجاحاتها الأخيرة في منطقة كورسك. هذه التحركات تأتي في وقت يتزايد فيه الضغط على الحكومة الأوكرانية لإثبات قدرتها على استعادة المبادرة في الصراع المستمر منذ سنوات مع روسيا. لكن الخبراء يحذرون من أن هذه الخطوة قد تحمل الكثير من المخاطر وقد تعود بنتائج عكسية. وفقًا لمدونين عسكريين روسيين ومسؤول روسي، تشير التقارير إلى أن القوات الأوكرانية قد حاولت التقدم إلى منطقة بيلغورود القريبة من الحدود. وقد أكد فياتشيسلاف جلادكوف، حاكم بيلغورود، عبر منصة تيليغرام أن أوكرانيا كانت تحاول اختراق الحدود في المنطقة هناك، وأشار إلى أن القوات الروسية كانت تواجه صعوبة في الوصول إلى بعض القرى بسبب "الوضع العملياتي الصعب". سلسلة من الهجمات الأوكرانية قد تكون جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى إثبات للعديد من الحلفاء والداعمين لأوكرانيا أن كييف لا تزال قادرة على استعادة المبادرة في ساحة المعركة بعد شهور من الصمود والدفاع. حيث قال ألكسندر ليبمان، أستاذ السياسة الروسية والشرقية الأوروبية في الجامعة الحرة في برلين، إن هذه الهجمات ممكن أن تسهم في إرباك القوات الروسية وتخفيف الضغط على مناطق أخرى مثل دونباس، بالإضافة إلى تعزيز الروح المعنوية بين الأوكرانيين ودعمهم من قبل المجتمع الدولي. بالإضافة إلى محاولات التحرك الهجومي، حققت أوكرانيا في الآونة الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في منطقة كورسك، حيث تقدمت القوات الأوكرانية واستعادت مساحات شاسعة من الأراضي الروسية. وبحسب ما صرح به أوليكساندر سيرسكي، القائد العام للجيش الأوكراني، فإن القوات الأوكرانية تمكنت من السيطرة على حوالي 500 ميل مربع من الأراضي الروسية، مما أدى إلى إعادة نشر ما يقرب من 30 ألف جندي روسي إلى منطقة كورسك. ومع استمرار المعارك، يبدو أن الاستراتيجية الأوكرانية تتجه نحو تنفيذ عمليات عسكرية عبر الحدود، لكن الأمر ليس بالسهولة التي يتخيلها البعض. إذ تحذر التحليلات العسكرية من أن هذه العمليات تتطلب عددًا كبيرًا من الجنود والموارد، وهو ما قد يكون محدودًا بسبب طول خط الجبهة الذي يمتد لقرابة 600 ميل في الشرق الأوكراني. مارك كانسيان، عقيد متقاعد من مشاة البحرية الأميركية ومحلل بارز في "مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية"، يشير إلى أن أي هجوم إضافي قد يكون مخاطرة كبرى. حيث إن القوات الروسية أصبحت أكثر يقظة بعد الهجمات الأخيرة في كورسك، ومن المحتمل أن تتبنى استراتيجية دفاعية أقوى في المناطق القريبة من الحدود. إن المخاوف من الفشل في تنفيذ هجمات عبر الحدود كانت شائعة بين الخبراء العسكريين. إذ أعرب ليبمان عن doubts جدية حول نجاح الأوكرانيين في هذه المحاولات، مشيرًا إلى أن القوات الأوكرانية قد تجد صعوبة كبيرة في التأثير على القوات الروسية وجرهم للقتال في أماكن أخرى. ومع ذلك، يبقى التساؤل قائمًا حول الدوافع الأوكرانية خلف هذه الهجمات. فالبعض يرى أن الحكومة الأوكرانية ربما تتجه نحو تحركات هجومية كوسيلة للتأثير على المفاوضات السياسية المستقبلية مع روسيا، خصوصاً في ظل عدم اليقين المتزايد في المشهد السياسي الغربي. قد تعتقد كييف أن فرض سيطرتها على أراض روسية معينة يمكن أن تكون ورقة ضغط في أي محادثات سلام مستقبلية. إذًا، ما هي العواقب المحتملة لهذه الحملة العسكرية؟ يمكن أن تكون مخاطرة عالية إذا لم تحقق القوات الأوكرانية تقدمًا حاسمًا. فهي بحاجة إلى تعزيز أسهمها في المحافل الدولية وإظهار أن لديها القدرة على استعادة الأراضي. ولكن، إن فشلت أو تعرضت لهزيمة، قد يؤدي ذلك إلى إحباط في صفوف الشعب الأوكراني وزيادة الضغط على الحكومة الأوكرانية لتحقيق انتصارات ملموسة. الشتاء يقترب، وكلا الجانبين يسعى لتحقيق أفضل وضع ممكن قبل أن تتعقد الأمور مع انخفاض درجات الحرارة. في الوقت الذي تحارب فيه أوكرانيا لإثبات قدرتها على التقدم، تسعى روسيا للحفاظ على مكتسباتها والتأكد من عدم تحول الحرب إلى وضع مروع سيؤثر سلبًا على قدرتها العسكرية والإستراتيجية. في النهاية، يبقى الصراع بين أوكرانيا وروسيا معقدًا للغاية. ومع تعدد الأهداف والخطط العسكرية، يبدو أن كلا الطرفين سيستمران في إجراء تحركات تعتمد على الظروف الحالية. من الواضح أن العواقب ستظل مستمرة، وستؤثر وبشكل غير مباشر على الحالة السياسية في الغرب، وخصوصًا على دعم الدول الغربية لأوكرانيا. مع اقتراب الشتاء، سيتعين على كل من كييف وموسكو مراجعة استراتيجياتهما بعناية، حيث كل حركة قد تكون لها تبعات غير متوقعة في المستقبل القريب.。
الخطوة التالية