تتزايد المخاوف في روسيا من تهديد الهجمات الصاروخية البعيدة المدى، حيث يشهد سكان المناطق القريبة من الحدود تطورات جديدة في النزاع المستمر مع أوكرانيا. قبل أكثر من ثمانين عاماً، عانت مدينة أوريول من ويلات الحرب خلال الاحتلال النازي، والآن تبدو وكأنها تتعرض لتهديد جديد يتخذ شكل صواريخ قد تصل إليها من أوكرانيا. في ظل الظروف الحالية، تأتي التصريحات من المسؤولين الأمريكيين بشأن احتمال السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ طويلة المدى تم توفيرها من قبل الولايات المتحدة، مما يزيد من حالة القلق بين السكان في المدن الروسية القريبة. فقد أفادت التقارير بأن إيران بدأت بتزويد روسيا بأسلحة جديدة، مما يعكس تطوراً خطيراً في الصراع. تجولت إحدى الصحف في مدينة أوريول حيث التقت مع سكان المدينة، الذين عبّروا عن مخاوفهم بشكل واضح. قالت أولغا، وهي امرأة في الخمسينيات من عمرها، "أنا قلقة بالطبع. لكن آمل ألا تصلهم إلينا. أتمنى ذلك حقاً." وتظهر هذه الكلمات كيف يعيش الناس في توتر دائم، حيث أصبحت التهديدات العسكرية جزءاً من حياة اليومية. بينما كان هناك آخرون فضلوا عدم الحديث، قال ميخائيل، الذي بدا غاضباً، "بريطانيا هي عدوّنا." يعكس هذا التعليق الوضع الجيوسياسي المتوتر، حيث يعتقد العديد من الروس أن الغرب يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن الصراع. وأضاف ميخائيل بحزن، "ستفقد مدينتنا، وسنكون في المقبرة." على الرغم من المخاوف، تستمر الحياة في أوريول بشكل شبه طبيعي. قد تمتلئ الشوارع بملصقات تجنيد وجدران تحمل رسومًا عسكرية، مما يدل على التوتر المتزايد في الأجواء. ومع ذلك، بدأ الناس في بناء ملاجئ مؤقتة تعبيراً عن القلق من الانتقام المحتمل من قبل أوكرانيا. تشير بعض التقارير إلى أن الأهداف المحتملة للهجمات ستكون منصات الإطلاق والمدارج التي تتم منها عمليات الإطلاق الروسية نحو أوكرانيا. في هذا السياق، قال ليونيد، أحد سكان المدينة، "أحكم على موقف بلينكن، لكن بالطبع، يمكن أن تصل [المسيرات] دون شك، لكن فقط إذا سمحت لنا قواتنا المسلحة بذلك." تشير معاناة سكان أوريول، مثل عائلة آنا كونستانتينوفا التي اضطرت للنزوح إلى فندق في بولكوف، إلى التأثير المباشر للنزاع. قالت آنا، التي تحمل ابنتها الرضيعة، "أخبروني أننا سنعود بعد أيام، لكن مرّ شهر كامل." على الرغم من كل ما حدث، لا تزال آنا تؤمن برسالة الكرملين بأن الأمور تحت السيطرة. تضيف ليودميلا، البالغة من العمر خمسة وثمانين عامًا، لمسة إنسانية أخرى للمأساة. وقد عاشت في زمن الغزو النازي، وهي مقتنعة بأن روسيا ستخرج من هذه الأزمة منتصرة. "لقد حققنا النصر دائماً. نحن دائماً نتغلب على الأعداء، لأن الشعب الروسي شجاع ومحب. لا يريدون الحرب." ومع تصاعد الأنشطة العسكرية من الجانبين، يتساءل الكثيرون عن مصيرهم. لقد أصبحت تفسيرات الحكومة الروسية للأحداث مختلفة، حيث تؤكد أن الهجمات ضد أوكرانيا تحظى بمبررات متينة، بينما ينظر الآخرون داخل البلاد إلى الصراع بشكل متزايد كحقيقة صارخة تروع حياتهم اليومية. لقد اضطرت روسيا، التي لطالما اعتبرت نفسها قوة عظمى، لمواجهة خطر جديد يتجسد في الصواريخ الأوكرانية الطويلة المدى التي قد تصل إلى أراضيها. فكيف ستستجيب موسكو لهذا التهديد؟ هل ستسلم للأسلحة الغربية أم ستتخذ خطوات عسكرية ضخمة للدفاع عن حدودها؟ يبدو أنه من الواضح أن الضغط الدولي على الكرملين يتزايد، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومات الغربية إلى تقديم الدعم لأوكرانيا وتمكينها من تقوية قدراتها العسكرية. ومع ذلك، يتساءل البعض عن مدى استجابة روسيا للموقف المتصاعد من الغرب. بالنسبة لسكان أوريول وباقي البلاد، تعتبر اللحظات الحالية مليئة بالقلق والمخاوف بشأن ما قد يحدث في المستقبل. يتحدثون بعفوية وإيمان بأن الحرب ستنتهي بالنصر، لكنهم أيضاً يعيشون في حالة من القلق بشأن السلامة والتهديدات المستقبلية. قد يرجع جزء من هذه المخاوف إلى الإشاعات والأساطير التي تحيط بالنزاع، والتي تعزز الفكرة السائدة بأن هناك دائماً تهديداً حقيقياً في الأفق. من المرعب التفكير في أن الأمور قد تتصاعد إلى مستويات غير قابلة للسيطرة، مما يؤدي إلى خسائر بشرية أكثر فتكاً، ولا سيما بين المدنيين. في النهاية، تبقى الحرب في أوكرانيا قضية حساسة تعكس التوترات الجيوسياسية السائدة في العالم اليوم. إن مخاوف الروس من الهجمات الصاروخية ليست مجرد تصريحات عابرة، بل هي تعبير عن واقع قاسٍ يعيشونه بشكل يومي. ومع استمرار الصراع، يبقى السؤال مطروحاً: كم من الوقت ستستمر هذه الأوضاع المرعبة، وما هي الخسائر التي لا يستطيع أحد توقعها في النهاية؟。
الخطوة التالية