تتوالى الأحداث في صراع أوكرانيا وروسيا، حيث تسعى أوكرانيا مؤخرًا إلى تنفيذ هجمات جديدة في مناطق روسية، في محاولة لاستعادة المبادرة على الأرض وإقناع حلفائها بأنها لا تزال قادرة على تحقيق الانتصارات. وفي هذا السياق، أشار عدد من الخبراء العسكريين إلى أن هذه الاستراتيجية قد تحمل مخاطر كبيرة وقد تؤدي إلى نتائج عكسية. خلال الأسبوع الماضي، وردت تقارير عن اعتزام القوات الأوكرانية شن هجوم في منطقة بيلغورود الروسية. جاءت هذه الخطوة بعد نجاحاتهم العسكرية السابقة في منطقة كورسك، حيث تمكنت أوكرانيا من تحقيق تقدم ملحوظ على الأرض. وقد صرح فياتسلاف غلادكوف، حاكم منطقة بيلغورود، في منشور له على تيليجرام، بأن القوات الأوكرانية حاولت اختراق الحدود في تلك المنطقة. وأشار أيضًا إلى أن الوضع العسكري كان صعبًا، مما أعاق وصول القوات الروسية إلى بعض القرى. من المتوقع أن هذه التحركات الأوكرانية تهدف إلى إثبات قدرتها على استعادة المبادرة في ساحة المعركة، وهو ما يعتبر أمرًا مهمًا لدعم موقفها في النقاشات السياسية مع حلفائها الغربيين. يقول الخبير العسكري ألكسندر ليبمان، من الجامعة الحرة في برلين، إنه بإمكان أوكرانيا زيادة وتيرة الهجمات عبر الحدود الروسية لتعزيز الوضع العسكري وتعزيز الاستياء العام في روسيا تجاه الحرب. الجدير بالذكر أن هجمات أوكرانيا الأخيرة قد تكون محاولة لتفكيك تركيز القوات الروسية على جبهات القتال في دونباس، مما يتيح لأوكرانيا مجالًا أوسع لشن هجمات مضادة. ويشير مارك كانسيان، العقيد المتقاعد في مشاة البحرية الأميركية، إلى أن الهجوم على كورسك قد أعطى الأمل بأن تكون هذه البداية لما يمكن اعتباره خطة انتصار أكبر لأوكرانيا. ولكنه يحذر بأن هجومًا واحدًا قد لا يكون كافيًا لتحقيق الأهداف المرجوة. في سياق الهجمات الأوكرانية، تجدر الإشارة إلى أن القوات الأوكرانية قد تمكنت من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الروسية، بما في ذلك 500 ميل مربع من الأراضي، حيث أشار القائد الأوكراني أوليكساندر سيرسكي إلى أنهم تمكنوا من السيطرة على 100 مستوطنة. ومع ذلك، فإن التقدم في هذا الاتجاه قد يكون محفوفًا بالمخاطر. ففي حين تسعى أوكرانيا إلى إثبات قدراتها أمام الحلفاء، قد تواجه صعوبات ناجمة عن نقص القوات والموارد اللازمة لدعم جبهاتها المختلفة. ويشير الخبراء إلى أن النجاح في الهجوم قد يعتمد بشكل كبير على القدرة العسكرية واللوجستية للسماح بأكثر من هجوم في وقت واحد. تحتاج أوكرانيا إلى التوازن بين الهجمات الأوكرانية في الأراضي الروسية والحفاظ على السيطرة على الجبهات الأساسية في البلاد. فالهجمات عبر الحدود يمكن أن تؤدي إلى استجابة عسكرية روسية سريعة، مما تزيد من التفوق الروسي على مواقع أوكرانية حساسة. ويقول بعض المحللين إن القوات الروسية أصبحت أكثر يقظة بعد الهجمات الأخيرة، مما يجعل من الصعب على القوات الأوكرانية تحقيق النجاح المطلوب في بيلغورود. بالإضافة إلى ذلك، تتأثر أوكرانيا بالضغوط السياسية المتزايدة من الحلفاء للبدء في محادثات السلام مع روسيا. وقد تؤدي هذه الديناميكيات إلى استنتاج أوكراني بأن السيطرة على أراضٍ روسية قد تكون ورقة رابحة في أي مفاوضات مستقبلية. يوضح مارك تيمنيكي، الزميل غير المقيم في مركز اليوراسيا، أن تحقيق السيطرة على الأراضي في بيلغورود وكورس سيكون ذا أهمية استراتيجية في هذا السياق. ومع دخول الصراع مرحلته الجديدة، يتضح أن الوضع معقد للغاية. كلا البلدين، أوكرانيا وروسيا، يسعيان لتحقيق أعلى درجات التأثير السياسي والعسكري قبل حلول فصل الشتاء. ومع اقتراب فصل البرد، قد تظهر تحولات جديدة في الاستراتيجية العسكرية من كلا الجانبين. وأخيرًا، يبقى السؤال مفتوحًا حول فعالية الاستراتيجية الأوكرانية الجديدة وقدرتها على تحقيق أهدافها، في ظل الصعوبات العسكرية المتزايدة والتحديات اللوجستية. الظروف الحالية تشير إلى أن أي تصعيد عسكري قد يحمل مخاطر كبيرة، وقد تتخذ مأزقًا في ظل غياب النجاحات الملموسة أو تحقيق تقدم واضح. لذا سيتعين على أوكرانيا التوفيق بين الطموحات العسكرية والإمكانات الواقعية لتحقيق أقصى استفادة من الظروف المعقدة على الأرض.。
الخطوة التالية