في عالم السياسة، حيث تصبح القضايا الاقتصادية والتكنولوجية محور النقاشات، يبرز موضوع العملات الرقمية كواحد من القضايا الأكثر تأثيرًا في الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2024. مع اقتراب الانتخابات، تنقسم الآراء بين المرشحين حول موقفهم من العملات المشفرة. في هذه المقالة، سنستعرض مواقف كل من الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس تجاه هذا القطاع المتنامي. لقد حصلت العملات الرقمية، التي كانت تُعتبر في بادئ الأمر ظاهرة عابرة، على قبول واسع في الأوساط المالية، وتحولت سريعًا إلى قوة اقتصادية تؤثر في السياسات الحكومية. وفقًا لتقرير حديث من منظمة "بيوتينسيان"، شكلت الأموال الموجهة من مؤيدي العملات المشفرة نسبة كبيرة من التبرعات في الحملة الانتخابية الحالية، حيث تم إنفاق أكثر من 119 مليون دولار لدعم المرشحين الذين يتبنون سياسات تفضل هذا المجال. مع زيادة الاهتمام بالعملات الرقمية، تتبنى كل من هاريس وترامب مواقف متباينة، وتعكس آراؤهم التغيرات في البيئة السياسية والثقافية حول هذه الظاهرة. بينما كانت هاريس تعبر عن حذرها، يبدو أن ترامب قد حوّل وجهته ليصبح حليفًا للقطاع. **موقف كامالا هاريس** في بداية حملتها كرئيسة مرشحة عن الحزب الديمقراطي، لم تتناول هاريس موضوع العملات الرقمية بشكل واضح. يظهر ذلك تفاؤلًا حذرًا قد يتسم به الديمقراطيون في التعامل مع هذا القطاع، وخاصة في ظل الضغوط التي يمارسها مؤيدو العملات المشفرة، الذين يرغبون في رؤية التغيير في السياسات الحكومية المتعلقة بها. تُظهر التحليلات أن هاريس تدرك أهمية هذه القضية، وقد بدأت باتخاذ خطوات لتعزيز علاقتها مع المستثمرين في هذا المجال. في يوليو الماضي، كتب 14 نائباً ديمقراطياً رسالة إلى قيادة الحزب تطالب بدمج سياسات مؤيدة للعملات المشفرة في منصة الحزب. على الرغم من أن هاريس لم تُعلن عن سياسات محددة بعد، فإنها بدأت تتحدث علنًا عن ضرورة تشجيع الابتكار والتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الأصول الرقمية، مما يشير إلى تحول محتمل في موقفها. في أحد الفعاليات fundraising في نيويورك، أشارت هاريس إلى أهمية "تشجيع التكنولوجيا المبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي والأصول الرقمية". هذا التعليق يوضح إمكانية تحول موقف الحزب الديمقراطي إلى مزيد من الانفتاح تجاه العملات الرقمية، خاصة بعد الانتقادات التي واجهها الحزب من مجتمع العملات المشفرة. ومع ذلك، تبقى التفاصيل المتعلقة بسياساتها المرتبطة بالعملات الرقمية غير دائمة. ويتطلع القائمون على الاستثمار في هذا المجال إلى رؤية توضيحات أكثر حول الرؤية التي تحملها هاريس لحماية وتعزيز الابتكار في الصناعة. **موقف دونالد ترامب** بعكس هاريس، يبدو أن ترامب قد اتخذ قرارًا استراتيجيًا بالتوجه نحو دعم العملات الرقمية، مما يُظهر تغييرًا جذريًا في موقفه. في عام 2019، كان ترامب قد انتقد الحركات المرتبطة بالعملات المشفرة، مدعيًا أنها قد تستخدم في أنشطة غير قانونية. لكن في عام 2024، تحول هذا النقد إلى حماس لدعم هذا القطاع. خلال مؤتمر رئيسي للعملات المشفرة في ناشفيل، أعلن ترامب عن رغبته في جعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة في العالم". وليست هذه هي الخطوة الوحيدة من ترامب، حيث بدأ حملته لتمويل حملته الانتخابية من خلال قبول التبرعات بالبيتكوين، وأطلق بطاقات NFTs تحمل ملامح شخصيته. يتمتع ترامب أيضًا بدعم قوي من مستثمرين كبار في العملات الرقمية، مما يعكس ضخامة الأموال التي يتم توجيهها لدعم مرشحي هذه الصناعة. ومن خلال برنامج حملته، قدم ترامب مجموعة من السياسات الطموحة، مثل إنشاء احتياطي حكومي للعملات المشفرة وتشكيل مجلس استشاري رئاسي يضم خبراء في هذا المجال. يعتبر ترامب هذا التحول بمثابة خطوة لبناء علاقة مُستدامة ومُثمرة بين الحكومة وقطاع العملات الرقمية. ويقول إن سياساته ستدافع عن حقوق الأفراد في تداول عملاتهم بحرية، بعيدًا عن المراقبة الحكومية. **أثر التمويل السياسي على الانتخابات** مع تدفق الأموال من مؤيدي العملات الرقمية، أصبح من الواضح أن لهذه الهيئة الاقتصادية الجديدة تأثيرًا ملحوظًا على السياسة الأمريكية. كما أن الأرقام تشير إلى أن عملات مثل البيتكوين والايثريوم لم تعد مجرد أصول رقمية، بل أدوات ضغط قوية يمكنها تشكيل النتائج الانتخابية. يسعى مؤيدو العملات المشفرة لتحويل الحوار السياسي لصالحهم ودعم مرشحين يتعهدون بإنشاء بيئة تشريعية ملائمة لنمو هذا القطاع. بينما تبذل هاريس جهودًا لحماية القيم التقدمية في الحزب، يبدو أن ترامب يضع نفسه في موقف يمكنه من استقطاب جمهور جديد يبحث عن الفرص في العصر الرقمي. **الخاتمة** مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024، يبدو أن العملات الرقمية ستكون واحدة من القضايا البارزة في الحملة الانتخابية. كان موقف ترامب أكثر وضوحًا، حيث تبنى سياسة داعمة بشكل ملحوظ، بينما لا تزال هاريس تتخذ موقفًا حذرًا. ومع تصاعد الدعم للابتكارات الرقمية من قبل قطاعات متعددة، سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيف ستؤثر هذه الديناميكيات على نتيجة الانتخابات وعلى مستقبل تنظيم العملات الرقمية في الولايات المتحدة. يتطلب التفاعل بين السياسة والاقتصاد في عرض العملات الرقمية المزيد من المتابعة، حيث تسلط الضوء على التغيرات الجذرية التي تتجه نحو تشكيل المشهد الاقتصادي والسياسي في الجيل القادم.。
الخطوة التالية