مليارديرات يحثون كامالا هاريس على إقالة المنظمين المفضلين لديهم: تصادم بين المال والرقابة

تتزايد الضغوط على كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، من قبل عدد من المليارديرات الذين يتطلعون إلى إحداث تغييرات جذرية في هيكل تنظيم الأسواق المالية والتجارية في الولايات المتحدة إذا فازت في الانتخابات القادمة في نوفمبر 2024. تركّز هذه الضغوط بشكل خاص على استبدال بعض كبار المسؤولين التنظيميين، ومن بينهم لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) وجاري جينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC). تعمل الشركات الكبرى في وول ستريت على دفع هاريس لتغيير القيادة التنظيمية، حيث يعتبر العديد من المانحين من أصحاب الثروات الضخمة أن خان وجينسلر يمثلان عوائق أمام النمو والابتكار في الاقتصاد الأمريكي. وقد ارتفعت أصوات بعض المليارديرات في الآونة الأخيرة، حيث قام بارى دييلر، رئيس شركة IAC Inc.، بإدلاء تصريحات لاذعة بحق خان، واصفًا إياها بأنها "غبية" بسبب سياساتها. وكما يبدو، فإن الضغوط التي يمارسها دييلر وغيره من رجال الأعمال على هاريس تعكس قلقهم من تنظيمات خان التي تهدف إلى تعزيز المنافسة وتنظيم الشركات الكبرى. خان، التي تم تعيينها من قبل الرئيس جو بايدن في عام 2021، تعتبر شخصية محورية في حركة التنظيم الجديدة. وقد تمسكت بنهج جريء بشأن مكافحة الاحتكار، وكانت قادرة على إثارة الكثير من الجدل. أولت اهتمامًا خاصًا لصفقات الاستحواذ الكبيرة، مثل محاولة مايكروسوفت للاستحواذ على شركة أكتيفجن بلزار، والتي قوبلت بمعارضة منذ توليها الرئاسة في اللجنة. إن جهود خان من جهة للقضاء على الاحتكارات من جهة، وضغوط المليارديرات من جهة أخرى، تجعل من الصعوبة على هاريس اتخاذ موقف متوازن. في السياق نفسه، يُعتبر جينسلر شخصية مثيرة للجدل، حيث يسعى إلى تطبيق لوائح أكثر صرامة على الأسواق المالية، وحتى أنه أدلى بتصريحات تصف سوق الأصول الرقمية بأنها تنتهك قوانين الأوراق المالية. ولا يقتصر استياؤه على المليارديرات من الديمقراطيين فقط، بل يمتد أيضًا ليشمل بعض الممولين من الجمهوريين. وتعتبر هذه الحالة تعبيرًا عن انقسام عميق داخل الصفوف الحزبية، حيث يحاول بعض أعضاء الحزب الديمقراطي التوفيق بين دعم الصناعة وتلبية مطالب القاعدة الجماهيرية التي تنادي بتنظيم أكبر للقطاع المالي. تشير التقارير إلى أن هاريس تجد نفسها في موقف صعب بين جذب المانحين والمساهمة في دعم القضايا التي تهم قاعدتها الشعبية. ففي الوقت الذي يحاولون فيه الضغط عليها لإجراء تغييرات في قيادة لجنة التجارة الفيدرالية ولجنة الأوراق المالية والبورصات، فإنهم يواجهون أيضًا مقاومة من بعض الفصائل ذات التوجهات التقدمية داخل الحزب. بدورها، تُظهر بيانات الأداء أن الجولة من الإجراءات التي تتخذها لجنة التجارة الفيدرالية تحت قيادة خان أثارت قلق بعض المستثمرين وسوق العمل. يكمن الخوف في أن العوائق التنظيمية قد تعوق النمو والاستثمار، مما يؤدي إلى ضعف الاقتصاد بدلاً من دعمه. تأتي هذه الأحاديث في وقت حرج، حيث تبحث هاريس عن تعزيز دعمها من المانحين لاستكمال حملتها الانتخابية، وعليها أن تُظهر أنها قادرة على تحقيق التوازن بين رؤى المانحين والتقدمية. ومع توقعات الانتخابات القادمة، ارتفعت أصوات من بعض كبار المانحين الخاصين الذين يرتبطون بكثافة بصناعة التكنولوجيا ومختلف القطاعات. أحد هؤلاء هو مارك كيوبان، الذي دعا هاريس علنًا إلى تغيير قيادة لجنة الأوراق المالية والبورصات، مشيرًا إلى أن "الوقت قد حان للتغيير" في ذلك المجال. تسببت التصريحات حول خان وجينسلر في قلق أيضًا بين المانحين الذين يرون أن هذه التعليقات يمكن أن تؤثر سلبًا على الحملة الانتخابية لهاريس. إن فكرة البدء في استبدال قادة تنظيميّين يشكلون جزءًا من الحكومة الاتحادية تثير استياء الكثير من الممولين. إذ يفسر الكثيرون أن هذه التحركات قد تؤدي إلى تعزيز صورةٌ سلبية عن هاريس كونها تتماشى مع رغبات المليارديرات. هناك العديد من المليارديرات الذين ساهموا بشكل كبير في حملة هاريس الانتخابية ويريدون رؤية تحول فوري في قيادة الهيئات التنظيمية. بعضهم ربطوا قضاياهم بشكل مباشر مع ما يرونه من عواقب سلبية لسياسات خان وجينسلر. وفي الوقت نفسه، يُفضل كثيرون من القاعدة الشعبية أن تظل هذه الهيئات مستقلة وتعمل لمصلحة العامة بعيدًا عن أي ضغط سياسي، ويعتقدون أن تغيير القيادة قد يضر أكثر مما ينفع في النهاية. تستند لغة المانحين إلى أهمية تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل ولكن من منظور يتماشى مع أنزاعهم الخاصة. إن قلقهم من التوجهات التنظيمية يتمثل في عدم قدرتهم على تحقيق أهدافهم بدون وجود قيادة موالية لمصالحهم. في المجمل، تشكل هذه الضغوط نذيرًا واضحًا لتحديات محتملة ستواجهها هاريس في حال فوزها بالانتخابات. وبينما يستعدون للخوض في الانتخابات الرئاسية، قد يتعين عليهم التفكير بعمق في كيفية إدارة التوترات بين المصالح المالية والسياسات العامة. إن إدارة العلاقة بين المانحين والقاعدة الشعبية ستكون مفتاح النجاح في الحملات الانتخابية القادمة، وستكون القرارات المتعلقة بالتنظيم عاملاً حاسمًا في رسم مستقبل حزبها. إن الرد على هذه التحديات بشكل حكيم سيشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة هاريس على توجيه دفتها بين المتطلبات المتناقضة لقاعدة المانحين والمصالح العامة.。