في خطوة تعكس تصاعد القلق بشأن تأثير الألعاب الإلكترونية على الفئات الضعيفة، قامت المنظمة الأوروبية لحماية المستهلك (BEUC) بالتعاون مع 22 منظمة حماية مستهلك في 17 دولة أوروبية بتقديم شكاوى ضد ممارسات إنفاق الألعاب الافتراضية من قبل بعض الشركات الكبرى في هذا المجال. جاء هذا الإجراء في وقت تشير فيه الدراسات إلى أن الأطفال في أوروبا ينفقون في المتوسط حوالي 39 يورو شهريًا على المشتريات داخل الألعاب. بينما يعتبر الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و14 عامًا، من أكثر الفئات عرضة للخطر، حيث يستمتع 84% منهم بلعب الألعاب الإلكترونية. في بيان صدر في 12 سبتمبر 2024، أشارت BEUC إلى أن الشكاوى تم تقديمها إلى شبكة التعاون بين السلطات الوطنية لحماية المستهلك (CPC Network)، في إطار المادة 27 من اللوائح الأوروبية المتعلقة بحماية المستهلك. وتوضح الشكوى أن العديد من شركات الألعاب الكبرى تتبع نماذج أعمال تعتمد بشكل كبير على عمليات الشراء داخل الألعاب التي تستخدم أموالًا رقمية افتراضية. تظهر الأدلة والتحليلات التي قدمتها BEUC أن هذه الشركات تعتمد على ممارسات تجارية مضللة وغير عادلة، وهو ما يتعارض مع توجيهات الاتحاد الأوروبي حول حماية المستهلك. تتضمن هذه الممارسات استخدام عملات افتراضية تجعل تفاصيل الأسعار غير مرئية للمستخدمين، مما يدفعهم للإنفاق بشكل غير واعٍ. وأوضحت BEUC أن العديد من اللاعبين، وخاصة الأطفال، ينفقون مبالغ أكبر من اللازم لأنهم لا يتمكنون من رؤية التكلفة الحقيقية للعناصر الرقمية. ليلقي الضوء على الوضع الحالي، سمحت BEUC لنفسها بالتشديد على أن النشاط الاقتصادي لصناعة الألعاب الرقمية يتجاوز عائداته تلك الخاصة بصناعات الموسيقى والأفلام مجتمعة. وفي الوقت الذي تكسب فيه هذه الشركات مليارات الدولارات، فإن الممارسات الخادعة التي تتبعها تحرم المستهلكين من حقهم في الشفافية وإدراك القيمة الحقيقية لإنفاقهم. يقول أوجستين رينا، المدير العام لـ BEUC، إن البيئة الرقمية توفر تحديات جديدة لحماية المستهلك وتحتاج إلى معالجة فعالة. وتعتبر BEUC أن المسؤولية تقع على عاتق هذه الشركات لضمان أن يتمكن المستهلكون من اتخاذ قرارات مستنيرة، خاصة الأطفال الذين يمكن أن يصبحوا ضحايا لممارسات غير أخلاقية ولا يستطيعون تقييم قراراتهم بشكل واضح. تعتبر تقرير BEUC واحدًا من عدة محاولات لتنظيم مجال الألعاب الإلكترونية وضمان حقوق المستهلكين. تكشف التوجهات الحالية عن ضرورة تنفيذ قوانين أكثر صرامة من قبل الهيئة الأوروبية من أجل توفير بيئة آمنة للمستهلكين. تشير التقارير إلى أن الأطفال يمكن أن يواجهوا صعوبات جمة في اتخاذ قرارات الإنفاق المنطقي، خاصةً عندما يكونوا مُحاطين باستخدام الأرقام الافتراضية بدلاً من النقود الحقيقية. يأتي هذا الجهد في وقت يعاني فيه العديد من اللاعبين من عدم اليقين حول كيفية إنفاقهم للأموال على المشتريات داخل الألعاب. وتعارض BEUC بشدة الادعاءات التي تشير إلى أن اللاعبين يفضلون العملات الافتراضية على القيمة الحقيقية للأموال، مما يسلط الضوء على أهمية تسليط الضوء على هذه القضايا وفتح نقاشات أوسع بشأن حماية المستهلك في المجال الرقمي. ورغم الجهود الحالية، لا تزال BEUC تدعو إلى مزيد من التنسيق بين هيئات حماية المستهلك في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات فعلية ضد الشركات التي تتبع ممارسات غير عادلة. يعتقد القائمون على المنظمة أن فرض قواعد أكثر صرامة سيحول دون وجود ممارسات استغلالية ويضمن أن تبقى الألعاب الإلكترونية ضمن معايير عادلة ومناسبة للجميع. للقيام بذلك، تتطلع BEUC أيضًا إلى دعم وتعاون من الحكومة الأوروبية، حيث تنادي بأن يتم تضمين مبادئ حماية المستهلك كمبدأ أساسي في سياسات الاتحاد الأوروبي بشأن الألعاب الإلكترونية. إن توفير المزيد من الشفافية في المعاملات المالية داخل الألعاب سيكون الخطوة الأولى نحو تحسين تجربة المستخدم وضمان عدم تعريض الأطفال ومجموعات الضعفاء للاستغلال. وعلى صعيد آخر، قد يكون لهذا الخطاب تأثير واسع النطاق بما يتجاوز حدود الألعاب. يعتبر تطوير بيئة استهلاكية آمنة ومراعية للحقوق أمرًا أساسيًا ليس فقط في مجال الألعاب، ولكن أيضًا في مجالات التكنولوجيا الرقمية والاجتماعية الأخرى. لذلك، يأمل المدافعون عن حقوق المستهلكين بأن يكون هناك استجابة منظمة من قبل الكيانات الحكومية والتجارية الفاعلة للتأكيد على أهمية الشفافية والنزاهة في جميع المعاملات. وختامًا، يبدو أن مهمة BEUC لن تنتهي هنا. بينما يكشف النقاش حول العملات الافتراضية داخل الألعاب عن قضية أكبر تتعلق بحماية المستهلك في العصر الرقمي، فإن الخطوات المقبلة في الحفاظ على حقوق الأفراد وتعزيز الوعي حول هذه القضايا ستكون حاسمة. تطالب BEUC والمجتمع الأوروبي بأن تكون حماية المستهلك أولوية قصوى، ويدعو رجال الأعمال وصناع القرار للعمل معًا من أجل ضمان مستقبل آمن ومشرق لجميع المستخدمين، لا سيما الأطفال.。
الخطوة التالية