في خطوة جريئة تعكس القلق المتزايد بشأن ممارسات صناعة الألعاب، تقدمت مجموعة تمثل منظمات حماية المستهلك في أوروبا، والمعروفة باسم "منظمة المستهلك الأوروبية" (BEUC)، بشكوى رسمية إلى المفوضية الأوروبية. تطالب هذه المنظمات باتخاذ إجراءات فعالة ضد الشركات التي تستغل الأشكال الرقمية من المال داخل الألعاب، والتي تُستخدم بشكل متزايد من قبل صانعي الألعاب لتعظيم إيراداتهم على حساب المستهلكين، خصوصًا الأطفال. في تقريرها، تسلط BEUC الضوء على الأبعاد المختلفة لاستخدام العملات الرقمية في الألعاب، خاصة في الألعاب المجانية التي تجذب أعدادًا كبيرة من اللاعبين، بما في ذلك الأطفال. تلك العملات، التي تقدم بشكل شائع كجزء من تجربة اللعب، ليست مجرد وحدات افتراضية تُستخدم لشراء المقتنيات الرقمية داخل اللعبة، بل تعد أيضًا وسائل للدفع تُعزز من تجربة المستخدم. ومع ذلك، فإن هذا الاستخدام يخلق نوعًا من الغموض القانوني في الاتحاد الأوروبي، مما يضع حقوق المستهلكين في موضع تساؤل. تشير المنظمة إلى أن العديد من المستهلكين يقعان ضحية لممارسات خادعة عند شراء العملات الرقمية المميزة في الألعاب. حيث تتواجد مخاوف من أن هذه العملات تُعرض بأسعار غير واضحة، إذ تُظهر اللعبة الأسعار بالعملة الرقمية فقط دون إعطاء معلومات دقيقة عن قيمتها الحقيقية باليورو أو العملات الأخرى. هذا الأمر قد يؤدي إلى انتهاك قوانين حماية المستهلك في الاتحاد الأوروبي. وقد أفادت المجموعة بأن سلوك المستهلك يظهر أن الكثيرين يجدون هذه العملات مربكة، ويعبرون عن شعورهم بأنهم يتعرضون للتضليل عند اتخاذهم قرار الشراء. وهذا يشمل عدم وضوح الأسعار، مما يجعل من الصعب على اللاعب تحديد مقدار المال الحقيقي الذي ينفقه. رغم أن التقرير لم يذكر العملات الرقمية التقليدية مثل البيتكوين والإيثريوم بشكل مباشر، إلا أن الألعاب اللامركزية و"Web3" تتبع ممارسات مشابهة مع استخدام الرموز في عمليات الشراء داخل اللعبة. ويشير التقرير إلى أن هذه الأنظمة يمكن أن تؤدي إلى تغيير في سلوك المستهلكين، حيث يمكن أن تُخفف من الشعور بالألم المرتبط بالدفع. توجّه الاصبع إلى بعض الشركات الكبرى في صناعة الألعاب، مثل أكتيفيجن بليزارد، وإلكترونيك آرتس، وإبيك غيمز، وموجانغ، وروبlox، وسوبرسيل، ويوبيسوفت. حيث يُزعم أن لعبة إبيك غيمز، "فورتنايت"، يمكن أن تحقق إيرادات تصل إلى مليوني دولار يوميًا من المشتريات داخل اللعبة. كما أظهرت الأبحاث أن متوسط الإنفاق الشهري للأطفال على المشتريات داخل الألعاب ارتفع بنسبة 18%، حيث بلغ تقريبًا 36 يورو في عام 2020 وصعد إلى 43 يورو في عام 2023. من الواضح أن هذا الوضع يتطلب التوجه إلى نتائج أكثر وضوحًا في إجراءات الحماية. لذلك، يطالب المنظمون الأوروبيون بضرورة تعزيز تنفيذ القوانين وإعطاء توجيهات تنظيمية أكثر وضوحًا للتعامل مع القضايا المتعلّقة باستخدام العملات الرقمية في الألعاب. هذه الخطوات تسعى لضمان أن يكون جميع اللاعبين، وخاصة القُصّر، محميين من أي ممارسات خادعة أو استغلالية. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل يتوقع أن تؤثر هذه الحملة على طريقة تطوير الألعاب المستقبلية. إذ يشير بعض النقاد إلى أن الشركات ستضطر لتغيير نماذجها من حيث كيفية تصميم آليات الدفع داخل الألعاب. هذه التغييرات قد تكون منفعة للمستهلكين، ولكنها أيضًا قد تؤثر سلبًا على إيرادات هذه الشركات، مما يجعل ساحة صناعة الألعاب تحتاج إلى توازن دقيق بين الأرباح وحقوق المستهلكين. في هذا السياق، تمثل هذه القضايا جزءًا من نقاش أكبر بشأن كيفية تنظيم الاقتصاد الرقمي بشكل عام. الشركات التي تركز على تقديم تجارب ترفيهية للعب تحتاج إلى أن تكون أكثر شفافية بشأن كيفية تفاعلها مع المستهلكين. يجب أن تكون هناك تحسينات في القوانين لضمان حقوق كل من صانعي الألعاب والمستخدمين، وهذا قد يتطلب تعاونًا دوليًا بين الهيئات التنظيمية. تسعى BEUC إلى جعل المستهلكين في قلب صناعة الألعاب، حيث انطلقت الحملة من بند جديد يُدرج حقوق المستهلكين ضمن إطار النقاشات حول تصميم الألعاب. وقد حدثت أحداث تاريخية سابقة شجعت على تأميم القضايا المتعلقة بحماية المستهلك، وهذا الأمر يتطلب انخراطًا كبيرًا من المطورين لتعديل استراتيجياتهم. مستقبل الألعاب الرقمية قد يتغير جذريًا إذا ما استجابت الحكومات والهيئات التنظيمية لهذه الدعوات. المستثمرون والمطورون في عالم الألعاب بحاجة للتفكير في كيف يمكنهم العمل ضمن إطار أخلاقي يحترم رغبات وحقوق اللاعبين. الكلمة الأخيرة في هذا النقاش لن تعود للمبرمجين فقط، بل ستكون للمستهلكين الذين قد يخططون لمستقبل جديد في عالمهم الافتراضي. وبهذا، يستمر الحديث حول العملات الرقمية داخل الألعاب، حيث لا تزال الممارسات الحالية بحاجة إلى مراجعة دقيقة. إن حقوق المستهلكين يجب أن تكون في طليعة أي ابتكارات، ويجب أن نعمل جميعًا على وضع إطار يضمن الشفافية والعدالة في هذا القطاع المتنامي.。
الخطوة التالية