في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي يعيشها الكثير من السوريين، قامت مجموعة من النشطاء وحقوق الإنسان بالتصدي للممارسات الظالمة التي تتعرض لها الفئات الضعيفة من اللاجئين السوريين، والذين يتم ترحيلهم قسرياً إلى سوريا. تشير التقارير إلى أن هؤلاء اللاجئين يتعرضون لمخاطر جسيمة عند عودتهم إلى بلادهم، حيث يُعتبرون أهدافاً للعنف والتمييز، مما يستدعي تدخلًا جادًا من المجتمع الدولي، ولاسيما الاتحاد الأوروبي. شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الأشخاص الذين يتم ترحيلهم بشكل قسري من دول مثل قبرص ولبنان، والتي تعتبر من الوجهات الأساسية للاجئين السوريين. النشطاء، مثل سوسن أبوزيدين، الرئيسة التنفيذية لجمعية مدنية، أكدوا في تصريحاتهم أن من تم ترحيلهم إلى سوريا وُوجهوا بظروف كارثية، حيث ينتهي بهم المطاف في السجون أو يتم تجنيدهم قسراً في الجيش، حتى أنهم قد يجدون أنفسهم في صفوف القوات الروسية. اتهمت هؤلاء النشطاء الحكومات الأوروبية بالتقاعس عن القيام بدورها في حماية اللاجئين، بالرغم من الأعداد الكبيرة التي تستضيفها الدول المجاورة لسوريا. على سبيل المثال، يستضيف لبنان نحو 1.5 مليون لاجئ سوري من أصل ستة ملايين. الوضع السياسي الهش هناك دفع الكثير من السوريين إلى محاولة الوصول إلى قبرص عبر البحر الأبيض المتوسط، حيث الجهود المبذولة من قبل السلطات القبرصية أدت إلى تعليق معالجة طلبات اللجوء منذ أبريل. واجهة الحكومة القبرصية انتقادات حادة من قبل منظمات حقوق الإنسان، التي أفادت بحالات ترحيل غير قانونية لعدد من السوريين. وفي رد على هذه الاتهامات، نفت وزارة الهجرة القبرصية ادعاءات القيام بعمليات ترحيل قسري، مؤكدة على أنها دولة صغيرة تتعامل مع تدفقات هائلة من المهاجرين. تبعًا لتقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، انتقدت الحكومات الأوروبية لتقديم مساعدات مالية دون التحقق من الامتثال للحقوق الأساسية، وفي المقابل، تؤكد المفوضية الأوروبية على أنها تقوم بمراقبة هذه الاتفاقيات. يجب أن تضم جهود المساعدات الإنسانية التحقق من أن الشركاء يمتثلون لمبدأ عدم الإعادة القسرية. في مؤتمر صحفي عُقد مؤخرًا في بروكسل، دعا النشطاء إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الترحيلات، مشيرين إلى الأوضاع المروعة والمناقشة التي تحتاجها القضايا الإنسانية المتعلقة باللاجئين. وجدير بالذكر، أن ثمانية دول أوروبية، بما في ذلك قبرص، أرسلت خطابًا إلى المسؤولين في الاتحاد الأوروبي تطالب بإعادة تقييم السياسات تجاه سوريا، مؤكدين أن الوقت قد حان لاستئناف الحوار مع نظام بشار الأسد. وبعد 13 عامًا من الانتفاضة ضد الأسد، لا تزال البلاد تفتقر إلى الظروف الآمنة التي تسمح بعودة اللاجئين. المحامية مختصة حقوق الإنسان، زهرة الأبرزي، أشارت إلى ضرورة أن يكون النقاش حول عودة السوريين مشروطًا بمسائل العدالة والمساءلة في سوريا، حيث يجب أن لا يتمكن مجرمو الحرب من الحفاظ على سيطرتهم. وأفاد تقرير صادر عن مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أن سوريا لا توفر ظروفًا آمنة للعودة، حيث يتعرض العائدون لانتهاكات واعتداءات جسيمة على حقوق الإنسان. أدرك النشطاء أن السوريين العائدين يمكن أن يصبحوا ضحايا للتمييز والعنف، خاصة في ظل تغيّر الخطاب السياسي الذي بات يميل نحو الحوار مع الأسد. يُعتبر الحوار مع النظام السوري بدون إجراء محاسبة على الجرائم الموجهة ضد الإنسانية بمثابة شرعنة للجرائم المرتكبة. وقد حذرت سوسن أبوزيدين من أن هذا الاتجاه قد يهدد جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام الدائم واحترام حقوق الإنسان. المجتمع الدولي مُطالب باتخاذ خطوات جادة لوضع حد لهذه الممارسات القاسية، فمع ترحيل اللاجئين، تتنامى المخاوف من تفشي مشاعر العنصرية والتمييز ضدهم في البلدان المضيفة. هذه الضغوط الاجتماعية والأمنية التي يواجهها اللاجئون تتطلب استجابة فعالة من الدول الأوروبية لمواجهة هذه التحديات. يعد النزاع في سوريا الأعمق في التاريخ المعاصر، حيث أثر على حياة الملايين من السوريين، وما زالت تداعياته مستمرة حتى اليوم. يتطلب الوضع الإنساني المتدهور تحركًا عاجلاً من المجتمع الدولي، والذي يُفترض أن يكون له دور قيادي في حماية حقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة. يؤكد النشطاء على ضرورة تعاون الدول الأوروبية مع المنظمات الدولية والمحلية لوضع حد للترحيلات القسرية، والتأكد من أن اللاجئين السوريين لا يُعاقبون بسبب خياراتهم للهروب من الصراعات والعنف. إن النداءات من أجل العدالة والمساءلة تزداد إلحاحًا، حيث يسعى اللاجئون للعودة إلى وطنهم ولكن في ظروف آمنة وكريمة. في النهاية، يبقى الأمل معقودًا على تغيير السياسات الأوروبية وقيامها بدورها الفاعل في استعادة الكرامة الإنسانية للاجئين وضمان حقوقهم، فالأمن والسلام لا يمكن الحفاظ عليهما إلا من خلال الاحترام المتبادل والالتزام بحقوق الإنسان.。
الخطوة التالية