في الأشهر الأخيرة، كانت الأسواق المالية تترقب باهتمام كبير تحركات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والذي يحدد سياسات أسعار الفائدة التي تؤثر بشكل مباشر على معظم الأصول المالية، بما في ذلك العملات المشفرة مثل بيتكوين. ومع توقعات بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعه القادم، يتساءل الكثيرون: هل يمكن أن تكون هذه الخطوة إيجابية لبيتكوين؟ من المعروف أن تخفيض أسعار الفائدة يعزز من الوصول إلى الائتمان، مما قد يؤدي إلى زيادة الاستثمار في الأصول ذات المخاطر العالية، مثل الأسهم والعملات المشفرة. ومع ذلك، عارض بعض الخبراء هذا الرأي، مشيرين إلى أن تخفيض أسعار الفائدة قد لا يكون له التأثير الإيجابي المتوقع على بيتكوين، ويمكن أن يؤدي حتى إلى تداعيات سلبية. إحدى وجهات النظر المميزة تأتي من زاك باندل، رئيس قسم الأبحاث في "غرايسكالف"، الذي يعتقد أنه كلما زاد سرعة تخفيض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، ازداد الضغط على الدولار الأمريكي، مما قد يكون جيدًا لبيتكوين. فتحرك الدولار بشكل سلبي يمكن أن يعزز الطلب على الأصول البديلة مثل بيتكوين. لكن من ناحية أخرى، يرى ألكسندر بلوم، الرئيس التنفيذي لشركة "تو برايم"، أن خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة يشير إلى وجود مشكلات حقيقية في السوق، مما قد يضر بأداء الأصول التي تُعتبر ذات مخاطر عالية. من المهم أن نلاحظ أن بيتكوين غالبًا ما يتداول في أنماط متوازية مع سوق الأسهم كأصل مخاطرة. ومع أن خفض أسعار الفائدة عادة ما يُنظر إليه كإشارة إيجابية، إلا أن الظروف الاقتصادية الحالية قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة. في السنوات الأخيرة، تغيرت مخاوف المستثمرين من مجرد التضخم المستمر إلى قلق أكبر بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي. من جهة أخرى، تشير العديد من الدراسات التاريخية إلى أن السوق الأمريكية للأسهم لم تتفاعل دائمًا بشكل إيجابي بعد انخفاض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. على سبيل المثال، منذ السبعينات، كانت هناك حالات كثيرة شهدت تراجعات في الأسهم بعد أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة، باستثناء دورة التخفيضات التي حدثت قبل الجائحة في عام 2019. يذكر أن السوق حاليًا تسعر بالفعل خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس، مما قد يعني أن فائدة هذا الخفض لا تتجاوز الحد الأدنى من التوقعات وبالتالي قد لا تساهم بشكل فعّال في تحفيز الأصول ذات المخاطر. بلوم يشير هنا إلى أن الاحتياطي الفيدرالي عادة ما يبدأ في خفض أسعار الفائدة عندما يبدأ الاقتصاد في الانهيار، مما قد يناقض الفكرة السائدة بأن هذه السياسات تعود بالنفع على الأصول عالية المخاطرة. أحد الميادين الأخرى التي نحتاج إلى أخذها بعين الاعتبار هي النظرية السلوكية لدى المستثمرين. في الوقت الذي يتوقع فيه البعض أن تخفيض أسعار الفائدة سيخلق بيئة مشجعة للاستثمار في الأصول المشفرة، قد تكون مشاعر الخوف وعدم اليقين الناتجة عن الظروف الاقتصادية الفائقة التأثير أكبر من أي حافز استثماري. التجارب الماضية تشير إلى أن الأزمات الاقتصادية غالبًا ما تؤدي إلى ردود فعل غير متوقعة من الأسواق، وقد نرى أن حتى الثقة في الأصول التقليدية تنخفض، مما يزيد من رغبة المستثمرين في البقاء بعيدين عن المخاطر. يُظهر الشكل الحالي لسوق العملات المشفرة أن بيتكوين، الذي وصل سعره إلى حوالي 57,590 دولارًا، شهد زيادة بنسبة 2.8% خلال الأسبوع الماضي، في حين تراجعت إيثيريوم بنسبة 4.6%. وهذا يعكس تباين الأداء بين الأصول المختلفة في السوق، حيث أن التأثيرات المتباينة لقرارات الاحتياطي الفيدرالي قد تكون لها نتائج مباشرة على قيمة الأصول. ختامًا، يبدو أن خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لن يكون بالضرورة مؤشرًا إيجابيًا لبيتكوين. في ظل التأثيرات السلبية المحتملة على السوق ككل والبيئة الاقتصادية غير المستقرة، قد يحتاج المستثمرون إلى مراجعة استراتيجياتهم بعناية. وفي هذا السياق، يبقى من المهم متابعة البيانات الاقتصادية ورصد حركة الأسواق للتكيف مع التطورات المستقبلية. بينما تتطور الأحداث، يجب أن يظل المستثمرون واعين للمخاطر المحتملة، وأن يكونوا مستعدين للتكيف مع التغيرات السريعة في المشهد الاقتصادي، سواء كانت بسبب سياسات الفيدرالي أو تغييرات أوسع في الاقتصاد العالمي.。
الخطوة التالية