أثارت تصريحات مؤخراً بعض الجدل حول السياسات الصحية للإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جو بايدن، حيث تناولت بعض التقارير الإعلامية أن الحكومة تلزم الولايات بتمويل تكاليف الرعاية الصحية للمهاجرين غير الشرعيين. ومع ذلك، فإن هذه الادعاءات ليست دقيقة وتفتقر إلى السياق الكامل. في 15 أغسطس 2024، ظهرت تصريحات للعمود المعلق اليميني ميراندا ديفين على منصة X، حيث أثارت زوبعة من التعليقات حول ما وصفته بأنه سياسة جديدة ستدخل حيز التنفيذ في 1 نوفمبر 2024، والتي تلزم الولايات بتحمل نفقات الرعاية الصحية لمهاجرين غير موثقين. تلاحقت هذه التصريحات بسرعة في الأوساط الإعلامية، حيث نشر موقع "ذا غيتواي بوندت" مقالًا يتبنى نفس الادعاءات، موضحًا أن متوسط تكلفة الرعاية الصحية في الولايات المتحدة قد تصل إلى حوالي 23,968 دولارًا سنويًا لكل أسرة. رداً على هذه الادعاءات، قام فريق التحقيقات "VERIFY" بتدقيق المعلومات، حيث أوضحوا أن الادعاءات المتعلقة بفرض الرعاية الصحية على المهاجرين غير الشرعيين هي في الواقع مضللة. الادعاء الذي أثار الجدل يشير إلى قرار تم اتخاذه في مايو 2024 من قبل وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، والذي يسعى إلى توسيع الوصول إلى التغطية الصحية لمستفيدي برنامج الحماية المعروف باسم DACA. يهدف برنامج DACA، الذي تأسس كإجراء تنفيذي في عام 2012، إلى حماية المهاجرين غير الشرعيين الذين تم إحضارهم إلى الولايات المتحدة في طفولتهم، ويسمح لهم بالعمل بشكل مؤقت وتحت شروط معينة. وبموجب القواعد الجديدة، سيتاح لمستفيدي البرنامج إمكانية الوصول إلى سوق التأمين الصحي، حيث سيتم اعتبارهم "حاضرين بشكل قانوني"، مما سيمكنهم من التقديم للحصول على التغطية الصحية. من المهم أن نلاحظ أن هذا القرار لا يشمل جميع المهاجرين غير الشرعيين، وبالتالي لا يمكن القول إن إدارة بايدن تحث الولايات بشكل مباشر على تمويل تكاليف الرعاية الصحية لمن ليس لديهم وثائق. وفقًا لمصادر مثل مؤسسة كايزر للفنون الصحية، فإن هناك حوالي 21.2 مليون مهاجر غير مواطن في الولايات المتحدة، وأكثر من 60% منهم لديهم وضع قانوني، بينما نسبة 40% هم مهاجرون غير موثقين. الخطوات التي اتخذتها الحكومة تهدف إلى تقليل النسبة العالية لعدم التأمين بين المستفيدين من DACA، حيث أكدت مؤسسة كايزر أن هؤلاء يعانون من قيود على الوصول إلى البرامج الفيدرالية مثل Medicaid و CHIP، مما يزيد من نسبة عدم التأمين بينهم. وتعتبر هذه السياسات جزءًا من جهود أوسع لتعزيز الرعاية الصحية والوصول إليها. تُظهر التقارير أن هناك رفعًا في نسبة الولايات التي تسعى لتمويل الرعاية الصحية للمهاجرين في السنوات الأخيرة. في يونيو 2024، أظهرت الأرقام أن 12 ولاية ومقاطعة كولومبيا تقدم تغطية كاملة للأطفال بغض النظر عن وضعهم الهجري، بينما توفر ست ولايات وحتى مقاطعة كولومبيا تغطية لبعض البالغين. لا يزال العائق الأكبر المتمثل في عدم التأمين بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين موجودًا، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 18% من المهاجرين الحاضرين قانونيًا و50% من المهاجرين غير الشرعيين يفتقرون إلى التغطية الصحية. وهذا يشير إلى حاجة ملحة لتوسيع نطاق البرامج الصحية بحيث تشمل الجميع، بغض النظر عن وضعهم القانوني. على الرغم من lawsuits التي قدمتها 15 ولاية، والتي تزعم أن الحكومة تتعامل مع المهاجرين غير الشرعيين كأنهم مواطنون قانونيون، إلا أن الحقيقة تستند بشكل كبير إلى الأرقام والإحصائيات. فمن المهم أن نضع في اعتباراتنا أن تحسين الرعاية الصحية ليس فائدة فقط للمهاجرين، بل للمجتمع ككل، حيث يساهم في تحسين الصحة العامة وتقليل تكاليف الرعاية الصحية على المدى البعيد. بينما تتواصل النقاشات حول سياسة الهجرة والرعاية الصحية، من الضروري الاعتماد على المعلومات الدقيقة والتحليلات الموضوعية لفهم ما يجري. إن الادعاءات غير الدقيقة يمكن أن تؤدي إلى تباين كبير في الآراء والتوقعات حول ما يمثله المستقبل للمهاجرين في الولايات المتحدة. لن يكون هناك حل سهل لمشاكل الرعاية الصحية في حالة المهاجرين، ولكن الحوار المفتوح والمبني على الحقائق يمكن أن يسهم في فهم أوضح للمسألة. تمثل السياسات الحالية محاولة لجعل الرعاية الصحية متاحة للمزيد من الأشخاص، ومهما كانت التحديات، فإن العمل نحو شمولية أكبر يبقى هدفًا أساسيًا تستمر الحكومة في السعي لتحقيقه. تتطلب هذه القضية تعبيرًا صافًا عن الحقائق والأرقام، فالسياسات الصحية لا يمكن أن تكون قائمة على الشائعات أو التحليلات الضحلة. في النهاية، يجب أن نتذكر أن الصحة حق أساسي للجميع، وأن يكون للمهاجرين حقوق في الوصول إلى الرعاية الصحية، وهذا يتطلب جهدًا جماعيًا من الجميع لتحقيق الأفضل.。
الخطوة التالية