في ظل الضغوط المتزايدة والتغيرات الحادة في سياسة الحكومة الأمريكية تجاه صناعة العملات المشفرة، قامت بنك كاستوديا، الذي يعمل في ولاية وايومنغ ويقدم خدماته للعديد من الشركات الناشئة في هذا القطاع، بالإعلان عن خفض عدد موظفيه. هذه الخطوة تعد انعكاسًا مباشرًا للتحولات الكبيرة التي تشهدها صناعة الأصول الرقمية، والتي تأثرت بشدة من الخطوات التنظيمية التي اتخذتها إدارة الرئيس بايدن. أفاد تقرير لمصدر من داخل البنك أن كاستوديا أخبرت موظفيها صباح يوم الخميس بأنها ستقوم بتسريح تسعة من بين موظفيها الذين يبلغ عددهم 36 موظفًا. وقد برر مسؤولو البنك هذا القرار بأنه يأتي في إطار جهودهم للحفاظ على رأس المال وسط الصعوبات القانونية والمالية التي يواجهونها. حيث يقف كاستوديا في مواجهة مع الاحتياطي الفيدرالي عازمًا على انتزاع حقه في الحصول على ما يسمى بـ "الحسابات الرئيسية" التي تتيح للمؤسسات المصرفية الحصول على خدمات السيولة من الاحتياطي الفيدرالي. تعتبر هذه الحسابات أمرًا حيويًا للبنوك، حيث إنها توفر لها القدرة على التعامل بكفاءة أكبر وتقليل التكاليف المرتبطة بالتعاملات البنكية. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى الوصول إلى هذه الحسابات يُجبر بنك كاستوديا على العمل من خلال مؤسسات أخرى يحملون حسابات رئيسية، مما يزيد من الأعباء المالية للبنك. في الوقت نفسه، يقوم المنظمون المصرفيون بتحذير البنوك التقليدية من التعامل مع شركات العملات الرقمية بسبب المخاطر المرتبطة بهذا القطاع، بما في ذلك التقلبات الكبيرة في الأسعار ونقص التنظيمات الواضحة على المستوى الفيدرالي. وهذا يعني أن المؤسسات المالية التقليدية أصبحت تجد صعوبة متزايدة في تقديم الخدمات المالية لشركات العملات المشفرة، مما يزيد من تعقيد العمليات بالنسبة لبنك كاستوديا. تسارعت وتيرة الضغوط مع ما أطلق عليه البنك "عملية الخنق 2.0"، حيث يعتقد العديد من الفاعلين في قطاع الكريبتو أن هناك جهود منسقة من قبل إدارة بايدن لقطع أي اتصال بين صناعة العملات المشفرة والنظام المالي الأوسع. يُعتبر هذا المصطلح لعبارة مشابهة استخدمها إدارة أوباما في وقت سابق، حيث كانت تهدف إلى إعاقة الوصول إلى الخدمات المالية للقطاعات التي تعتبر "عالية المخاطر" مثل المقامرة والسماح بالتعاملات المرتبطة بالسلاح. كايتي لانغ، مؤسس ورئيسة بنك كاستوديا، أعربت عن استيائها من هذه الإجراءات، مشيرة إلى أن "عملية الخنق 2.0 كانت مدمرة لصناعة الكريبتو القانونية في الولايات المتحدة، وقد تأثر بنك كاستوديا بشدة على الرغم من سجلنا القوي في إدارة المخاطر والامتثال". وأضافت أن البنك في مرحلة إعادة تنظيم من أجل الحفاظ على القدرة على العمل وتحقيق الأهداف المالية حتى يتم إنهاء هذه العملية أو تحقق نجاحًا في دعواه ضد الاحتياطي الفيدرالي. للأسف، مثل هذه التقلبات في السياسة تجعل من الصعب على المؤسسات المالية الازدهار، ويبدو أن هذه ليست سوى البداية. فقضية كاستوديا تمثل جزءًا من صورة أكبر من الإحباط والصعوبة التي يواجهها العديد من اللاعبين في السوق. وعلى الرغم من الصور السلبية التي تُرسم في الإعلام، لا يزال هناك جانب من التفاؤل بين بعض المشاركين في السوق بأنه يمكن التغلب على هذه التحديات. وفي السياق نفسه، تم رصد تفاعلات من الحكومة الأمريكية، حيث نفى نائب وزير الخزانة وولّي أدييمو وجود أي جهد منسق لطرد صناعة الكريبتو من النظام المالي الأوسع. ومع ذلك، تشير بعض التغريدات التي نشرها المشاركون في السوق إلى تجاربهم السلبية مع البنوك التي قامت بإغلاق حساباتهم الشخصية بسبب تعامُلاتهم مع العملات المشفرة، مما يدعم وجهة نظر كاستوديا ويدعّم فكرة وجود ضغوط حقيقية على هذه الصناعة. وبحسب تقارير، أوقفت مؤسستين من شركاء بنك كاستوديا علاقاتهما مع البنك بسبب هذه الضغوط، مما يزيد من قلق المتعاملين في هذا السوق. تعد هذه التطورات بمثابة جرس إنذار للبنوك والشركات المهتمة بقطاع العملات المشفرة، حيث يبدو أن هناك حاجة ملحة لإيجاد طرق قانونية وآمنة للعمل ضمن هذا السوق المتقلب. تشير جميع هذه التطورات إلى أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستلعب دورًا كبيرًا في مستقبل صناعة العملات المشفرة في الولايات المتحدة. حيث سيتواجه الرئيس السابق ترامب، الذي يُظهر دعمه لصناعة الكريبتو، مع نائب الرئيس كامالا هاريس، التي لم تُصدر أي تصريحات واضحة حول موقفها من هذه الصناعة حتى الآن. ومن المفترض أن تدرك كلا الحميتين أهمية التعامل مع التحديات والصراعات التي تواجهها صناعة الكريبتو، لا سيما وسط الانتخابات المثيرة المعروفة بأنها قد تغير مصير السوق بالكامل. في النهاية، يظهر أن الضغط على بنك كاستوديا ونظرائه في الصناعة سيستمر ما لم يتم وضع إطار تنظيمي واضح وشامل. كما يتضح أن هذه القضية ليست مجرد معركة بين كاستوديا والحكومة، بل هي تمثل تحديات أوسع تواجهها صناعة العملات المشفرة في الولايات المتحدة. لقد حان الوقت لأصحاب المصلحة أن يتحدوا للعمل نحو إيجاد حلول تدعم الابتكار والأمان في آن واحد، وتضمن استمرارية هذه الصناعة التي باتت جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الرقمي العالمي.。
الخطوة التالية