تشهد العملات الرقمية في السنوات الأخيرة نموًا سريعًا وجذبًا غير مسبوق من كبار الشخصيات في عالم المال. في الوقت الذي كانت فيه العملات الرقمية مثل بيتكوين وإيثيريوم تُعتبر مجرد موضة عابرة، أصبحت الآن محور اهتمام وتداول للعديد من المؤسسات المالية الكبرى. وفي هذا الإطار، أشار "هولجر زشيف" الرئيس التنفيذي لشركة "بيت وايز" إلى أن القوى المؤثرة في صناعة المال تتجه بشكل متزايد نحو الاستثمار في الفضاء الرقمي. لقد تحول المجال المالي بشكل جذري مع ظهور تقنية البلوكشين، التي كانت الأساس وراء إنشاء العملات الرقمية. نمت العملات مثل بيتكوين لتتجاوز قيمتها السوقية تريليون دولار، مما جعلها إحدى أبرز الأصول المالية. ولعل هذا الاهتمام من المؤسسات المالية الكبرى لم يكن من قبيل الصدفة، بل هو نتيجة لتقنيات جديدة وفوائد تتجاوز مجرد المضاربة. تتطلع كبرى الشركات المالية إلى الفرص التي توفرها العملات الرقمية والمشاريع المصاحبة لها، ربما لت diversifying محافظها الاستثمارية أو للبقاء على اتصال مع الأجيال الجديدة من المستثمرين. كما تُعتبر العملات الرقمية وسيلة للتخفيف من مخاطر التضخم والركود الاقتصادي الذي يضرب العديد من الاقتصادات العالمية. يقول زشيف إن العديد من الشركات الكبرى تتطلع إلى كيفية دمج هذه التكنولوجيا في نماذج أعمالها، سواء من خلال تطوير محفظة رقمية لعملائها أو الاستثمار المباشر في الأصول المشفرة. علاوة على ذلك، مع ارتفاع الشركات الناشئة التي تعتمد على البلوكشين والتمويل اللامركزي (DeFi)، أصبح هناك رغبة متزايدة من قِبَل المؤسسات التقليدية لتبني هذه الابتكارات والتكيف مع الاتجاهات الجديدة. من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل المخاطر المرتبطة بالاستثمار في العملات الرقمية. إذ أن التقلبات الحادة التي تتعرض لها أسعار العملات المشفرة يمكن أن تشكل تهديدًا كبيرًا للمستثمرين. ولكن زشيف يؤكد أن الفهم العميق لهذه التكنولوجيا ووجود بنية تحتية قوية يمكن أن يساعدان في التغلب على هذه العقبات. ومن المؤكد أن وجود أبرز شخصيات المال يضيف شرعية وقوة لهذا القطاع. علاوة على ذلك، تزايدت الأنظار مؤخرًا نحو العملات الرقمية المدعومة من قبل الدول، مثل عملات البنوك المركزية الرقمية (CBDCs)، وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من استجابة الحكومات لظهور العملات المشفرة الخاصة. يفسر زشيف ذلك بأن رموز البنوك المركزية ستدفع أيضًا بنمو العملات الرقمية الخاصة، حيث ستساهم في إضفاء الطابع الرسمي على هذا المجال وتعزيز الثقة فيه. إن البلوكشين لديه القدرة على إعادة تعريف مجموعة واسعة من القطاعات، من الرعاية الصحية إلى العقارات. لذا، فإن وجود كبار القادة في مجال المال ضمن هذا الفضاء يعد مؤشرًا على المستقبل القوي الذي ينتظره. يأتي ذلك في وقت يتزايد فيه القلق حول الاستدامة المالية، وتبحث الحكومات والكيانات المالية عن وسائل للتكيف مع الاقتصاد الرقمي الجديد. وتجدر الإشارة إلى أن التوجه نحو العملات الرقمية لا يقتصر على الرجال والنساء في المؤسسات المالية التقليدية فقط، بل يظهر أيضًا في عدد متزايد من مستثمري التجزئة، مما يجعل التحديات والمخاطر أكثر تعقيدًا. ومع ذلك، كان زشيف متفائلًا بشأن المستوى العالي من التعليم والوعي الذي بدأ ينتشر بين المستثمرين الجدد في سوق العملات الرقمية. يعتبر زشيف أن الاستثمارات المؤسسية في هذا القطاع تعني أنه ستتم مراعاة القوانين والتنظيمات بشكل أكبر في الفترة المقبلة، مما يسهم في استقرار السوق ويعزز الثقة بين المستثمرين الجدد. ويشير إلى أهمية وجود تنظيم حكومي ملائم يسهم في حماية المستثمرين وتعليمهم. في النهاية، إذا كانت الأسئلة لا تزال متعلقة بمستقبل العملات الرقمية وكيف ستتطور، فإن الجواب في يد المستثمرين والمبتكرين. فالتوجه نحو تحويل العملات الرقمية إلى سلع مقبولة في أوساط المؤسسات المالية هو ما سوف يحدد مصير هذا السوق. ومع وجود أكبر الشخصيات في عالم المال جزءًا من المعركة، يبدو أن المشهد مستعد لتغيير قواعد اللعبة. تختتم القصة بملاحظة هامة عن الأثر الاجتماعي لهذه التغييرات. إذ يمتد التأثير إلى ما هو أبعد من مجرد الاستثمارات المالية، فبفضل العملات الرقمية، يمكن للشعوب في مختلف أنحاء العالم الحصول على التمويل والدعم المالي بطرق لم يكن من الممكن تحقيقها من قبل، مما يسهم في تقليل الفجوات الاقتصادية وزيادة الفرص للأفراد. بهذا الشكل، يبدو أن العملات الرقمية ستكون جزءًا لا يتجزأ من المستقبل المالي، مع تدفق مستمر للأفكار والابتكارات من جميع الاتجاهات. فيبدو أن المشهد المالي العالمي على موعد مع تحول جذري يدعو الجميع إلى متابعة هذا اللعب الشيق.。
الخطوة التالية