عندما نتحدث عن العملات الرقمية، فإن أحد أبرز المواضيع التي تثار حولها هو وعودها المتعلقة بالشمول المالي. فمنذ ظهورها، كانت العملات الرقمية تعد بالكثير، بدءًا من توفير وصول أفضل إلى الخدمات المالية للأفراد غير المتعاملين مع البنوك، إلى تقليل تكاليف التحويل وتمكين الجميع حول العالم من المشاركة في الاقتصاد العالمي. ولكن، هل ستحقق العملات الرقمية هذه الوعود في عام 2024؟ في السنوات القليلة الماضية، شهدنا طفرة في استخدام العملات الرقمية، حيث أصبح لدينا الكثير من المشاريع التي تتطلع إلى تحسين الشمول المالي من خلال الابتكار التكنولوجي. على سبيل المثال، كانت هناك جهود عديدة لدعم المجتمعات المهمشة من خلال توفير حلول مالية مبتكرة تتجاوز القيود التقليدية التي تفرضها الأنظمة البنكية الكلاسيكية. تشير الدراسات إلى أن حوالي 1.7 مليار شخص حول العالم لا يمتلكون حسابات بنكية، مما يعني أنهم محرومون من العديد من الفرص المالية، من الحصول على قروض إلى الاستثمار في أعمال صغيرة. هنا تأتي فرصة العملات الرقمية، التي يمكن أن تسهم في توفير حلول بديلة لفئات واسعة من المجتمع. ومع ذلك، فإن الطريق نحو تحقيق الشمول المالي عبر العملات الرقمية مليء بالتحديات. أول هذه التحديات هو نقص الوعي والثقة في هذه التقنيات الجديدة. العديد من الأفراد في المجتمعات الفقيرة أو النامية لا يتفهمون كيفية عمل العملات الرقمية، مما يمنعهم من الاستفادة من فوائدها. بالإضافة إلى ذلك، فإن التقنيات المعقدة مثل المحافظ الرقمية وعقود الذكاء الاصطناعي قد تكون مترادفة للحواجز التقنية. التحدي الآخر هو التنظيم. حيث تحاول الحكومات في مختلف أنحاء العالم وضع لوائح واضحة بشأن العملات الرقمية، وهذا يتضمن قضايا مثل حماية المستهلك، وضرائب المعاملات، ومحاربة غسل الأموال. في بعض الدول، أدت هذه السياسات إلى تشديد القواعد على استخدام العملات الرقمية، مما عرقل تقدم المشاريع التي تهدف إلى تعزيز الشمول المالي. قد تكون الأحداث التي شهدناها في عام 2023 مؤشرًا على كيف يمكن أن يتغير المشهد في عام 2024. على سبيل المثال، زادت العديد من الشركات من استثماراتها في مشاريع العملات الرقمية التي تركز على الشمول المالي، مما يشير إلى اتجاه متزايد نحو الاستفادة من هذه التقنيات. كما أن الأبحاث مستمرة لفهم أفضل لكيفية تفاعل المجتمعات مع العملات الرقمية وكيفية الاستفادة منها بشكل فعّال. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن هناك العديد من النماذج الناجحة التي يمكن أن تُستمد منها الدروس. على سبيل المثال، قامت بعض المنصات مثل "بطاقة سكالرب" و"آويك" بتطوير حلول فعّالة تساعد الأفراد على الحصول على خدمات مالية عبر الهواتف الذكية، مما يسهل عملية الوصول إلى التمويل. هذه النماذج يمكن أن تُعتبر ملهمة للعديد من المشاريع الأخرى التي تستهدف تقديم الدعم المالي للمجتمعات المحتاجة. ومن ناحية أخرى، فإن الاهتمام المتزايد من قبل المستثمرين والشركات الكبرى تجاه العملات الرقمية يوفر دفعة كبيرة نحو تحقيق الشمول المالي. العديد من شركات التقنية الكبرى تستثمر في التأكد من أن خدماتها تلبي احتياجات المستهلكين في جميع أنحاء العالم، مما يسهل عملية الاستخدام ويعزز الثقة في هذه التقنيات. نحن نشهد حاليًا تزايدًا في عدد المنصات المالية التي تستهدف المجتمعات النامية، حيث تعمل هذه المنصات على تقديم خدمات مثل المدفوعات الرقمية والقروض الصغيرة باستخدام العملات الرقمية. ومن المحتمل أن يؤدي هذا النوع من الحلول إلى تمكين الأفراد وتحفيز الأنشطة الاقتصادية في تلك المناطق. ومع التقدم الدؤوب في تكنولوجيا البلوكشين، فإن فرص العملة الرقمية لتحقيق الشمول المالي تزداد. تعتمد العديد من الابتكارات الجديدة على هذه التكنولوجيا لتسريع وتحسين العمليات المالية، مما يعزز من إمكانية الوصول للعملات الرقمية. في ختام حديثنا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيكون عام 2024 هو العام الذي تحقق فيه العملات الرقمية وعودها بشأن الشمول المالي؟ على الرغم من كافة التحديات، لا يزال هناك أمل كبير في أن نجد أنفسنا في وضع أفضل، حيث يمكن أن تسهم الحلول الرقمية في تمكين الأفراد وتعزيز اقتصاديات المجتمعات المحرومة. إذا استمر الاتجاه نحو الابتكار والتنظيم الإيجابي، فإننا قد نشهد تحولًا في كيفية تعامل المجتمعات مع المال وخدماته الأمر الذي يزيد من فرص النجاح لهذه التقنية. الحقيقة هي أن تحقيق الشمول المالي عبر العملات الرقمية ليس هدفًا بعيد المنال، بل يمكن أن يكون حقيقة واقعة إذا تم استغلال الفرص بشكل صحيح والتغلب على العقبات الموجودة. 。
الخطوة التالية