في عالم العلاقات الأسرية، كثيرًا ما تظهر تحديات وصراعات قد تجعل الروابط العائلية معقدة وصعبة. لا يوجد سيناريو أكثر تعقيدًا من مواجهة مشاعر سلبية تجاه أفراد الأسرة، خاصة في الأوقات الحرجة مثل المرض والشيخوخة. في إحدى الاستشارات المشهورة، حيث كتب R. Eric Thomas عمودًا يسأل فيه الناس عن مشكلاتهم، وردت رسالة من أخ لا يرغب في قضاء أيامه الأخيرة مع شقيقه، على الرغم من كونه في مراحل متقدمة من مرض السرطان. تبدأ القصة مع رجل يبلغ من العمر 75 عامًا، يعاني من مرض سرطان الكلى في مرحلة متقدمة. وعندما يواجه المراحل الأخيرة من حياته، فإن مشاعره تجاه شقيقه - الذي يكبره بثلاث سنوات - تتصاعد. حيث عبر عن انزعاجه الشديد لكونه مضطرًا للبقاء حول شخص لم يكن له معه علاقة جيدة. فقد واجه العديد من الصعوبات في محادثاته السابقة مع شقيقه، حيث كان يتعرض لسلوكيات وصفها بالمهينة، متذكرًا كيف كان شقيقه يتعامل مع ابنه بالتبني بطريقة تتسم بالتقليل من شأنه، كما أنه كان يصف أولاد زوجته السابقين بأنهم ليسوا "حقيقيين" لأنهم لم يُتبنوا. هذا السلوك أسهم في تعميق الفجوة بين الإخوة، لدرجة أنه أثناء عملية جراحية للشخص الذي يكتب الرسالة، كان على زوجته السابقة أن تطلب منه عدم الزيارة لمجرد أن يكون لبعض الوقت للهدوء والتفكير. مع تقدم مرضه، بات الرجل يفضل تخصيص وقته للطاقة الإيجابية والأشخاص الذين يدعمونه، بدلاً من الوقت مع شقيقه الذي يستمر في تجاهل حدوده، بل ويشكو إلى الآخرين عن عدم اهتمامه. ويرافق هذه المشاعر التوتر النفسي، حيث يشعر بأنه ليس لديه الطاقة لمواجهة مشاعر سلبية في الوقت الذي يواجه فيه معركة البقاء. رد إريك على رسالته جاء حازمًا ومؤيدًا. فقد أكد أن الشخص لا ينبغي عليه قضاء وقته مع من لا يحترم حدوده، مهما كانت العوامل. الحياة قصيرة جدًا لتبذيرها على الأناس الذين يجعلوننا نشعر بالسوء أو يقللون من قيمتنا. وعليه، فإن إريك اقترح أن يكتب هذا الرجل رسالة ليوضح فيها مشاعره ويضع حدًا لتلك الديناميكية المؤلمة، لكن كما أشار، قد لا يكون ذلك مفيدًا له بشكل كبير. بدلاً من ذلك، حثه على التركيز على الأنشطة التي تجلب له السعادة والراحة. هذا النوع من الاستجابة يظهر لنا أهمية تربية العلاقات الإيجابية وتجنب العلاقات السلبية، خاصة في الأوقات الحرجة. بينما نستعد لمواجهة النهاية، قد يكون من الأفضل لنا أن نكرس وقتنا وأفكارنا للأشخاص الذين يرفعون من طاقتنا بدلًا من أولئك الذين يسحبوها. هذه القصة تعيد إلى الأذهان التساؤلات حول إمكانية بناء علاقات جديدة أو تعزيز الروابط الموجودة لدينا قبل أن نحكم على بعض الأشخاص نهائيًا. قد يكون الألم والخيانة جزءًا من الحياة، لكن كيف نتعامل مع ذلك هو ما يحدد نوعية وجودنا. وفي سياق العلاقات، فإن السلام الداخلي هو الأمر الأكثر قيمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بأوقات الأزمات. تقودنا هذه التجربة إلى فهم أعمق لطبيعة الحزن والغضب الناتجين عن العلاقات الأسرية. في بعض الأحيان، يتعين علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا حول ما نشعر به حقًا تجاه الآخرين، وأن نختار بوعي الأشخاص الذين نريد قضاء وقتنا معهم. وهذا لا يعني بالطبع أننا نغلق الأبواب أمام أولئك الذين أذونا، بل يعني أن نرحب بالسلام والإيجابية في حياتنا، مما يمكننا من مواجهة تحديات الحياة بشكل أكثر قوة ووضوح. في عالم مترابط ومتداخل، قد يصعب أحيانًا اتخاذ قرارات تؤذي مشاعر الآخرين، لكن تذكر أن صحتك النفسية وراحتك يجب أن تكون أولوية. لذلك، إذا كان لديك شخص في حياتك يجلب لك الألم بدلاً من السعادة، ففكر جيدًا في كيفية التفاعل معه، وكن صريحًا عند الحاجة. خلاصة الكلام، إن مشاعر الإنسان تجاه عائلته ليست ثابتة، وتحتاج في كثير من الأحيان إلى إعادة تقييم. الاستجابة لمشاعرنا واختياراتنا في علاقاتنا العائلية قد تُحدث فرقًا كبيرًا في جودة حياتنا في الأوقات الصعبة. وفي ضوء العواقب المحتملة، يتعين على الأفراد أن يكونوا واعين تمامًا لاختياراتهم عند التعامل مع القضايا العائلية التي تثير مشاعر سلبية. إن العناية بأنفسنا والبحث عن سبل للتواصل مع الآخرين الذين يشجعوننا ويدعموننا هي خطوات هامة نحو العيش في سلام ووئام، حتى في ظل الظروف الأكثر صعوبة.。
الخطوة التالية