في عصر يتزايد فيه الحديث عن التطرف والعنف، تبرز قضية مقلقة تتعلق بالشباب الذين يقعون فريسة للفكر المتطرف. لقد أصبح من الواضح أن العملية المعقدة لتحول المراهقين إلى التطرف لا تأتي من فراغ، بل تعكس العديد من العوامل الاجتماعية والنفسية والاقتصادية. في هذا السياق، تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية لانتقادات حادة بشأن الشبكة الأمنية التي يفترض أن تحمي الشباب وتمنعهم من الانجراف نحو الفكر المتطرف. قصص كثيرة تبرز في هذا المجال، ولكن قصة أحد المراهقين تعدّ نموذجاً يسلط الضوء على فشل نظام الحماية الاجتماعية. فقد عاش هذا المراهق في حي فقير يتسم بارتفاع معدلات الجريمة والافتقار إلى الفرص. عائلته كانت تعاني من مشاكل اقتصادية، ولم يكن هناك متسع للتواصل الأسري أو الدعم العاطفي. تلك البيئة غير المستقرة كانت المحور الدافع نحو البحث عن هوية وولاء، وهو ما أدى به إلى شق طريقه نحو التطرف. بحسب العديد من الدراسات، فإن المراهقين الذين يواجهون تحديات اقتصادية واجتماعية أكثر عرضة للتأثر بالجماعات المتطرفة. هذه الجماعات تقدم لهم شعورًا بالانتماء والهدف الذي غالباً ما يفتقده هؤلاء الشباب. تأمل القصص التي تتوالى في وسائل الإعلام، حيث يغيب السياق العائلي والبيئة المحيطة عن الأذهان، وتبرز فقط نتائج التطرف في العنف وسفك الدماء. المراهق، الذي سنطلق عليه اسم "علي"، كان واحداً من هؤلاء الشباب. بعد تجربة سلسلة من الفشل في المدرسة، وافتقاد الدعم الأسري، وجد نفسه محاطاً برموز قد تبدو له مفعمة بالقوة والعزيمة. كانت تلك الرموز تمثل له وسيلة للخروج من حياته البائسة والتعبير عن غضبه. ومع مرور الوقت، أصبحت أفكار علي تتجذر بشكل أعمق، وأعلن بنفسه انضمامه إلى مجموعة متطرفة. هنا تأتي النقطة الحاسمة فيما يتعلق ببنية الشبكة الاجتماعية، حيث تفتقر الولايات المتحدة إلى برامج فعالة لدعم الشباب المعرضين للخطر. على الرغم من وجود الكثير من المبادرات التي تستهدف الشباب، إلا أن العديد منها لا تصل إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها. يعتقد الخبراء أن توجيه الموارد نحو البرامج التي تدعو إلى التعليم الشامل والدعم النفسي يمكن أن يقلل من مشكلة التطرف. في سياق آخر، تبرز بعض الإحصائيات التي توضح أن الشباب الذين ينتمون إلى الأقلية يعانون أكثر من غيرهم من الفجوات في النظم التعليمية والصحية. تنتشر القضايا مثل العنصرية وعدم المساواة في الفرص، مما يُحدث شعورًا بالإقصاء لدى هؤلاء الشباب. وهذا الإقصاء، عندما يقترن بالصحبة السيئة، يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية. علي لم يكن استثناءً، فقصته تعكس واقع العديد من المراهقين في الولايات المتحدة. وبينما تكافح الحكومة لوضع سياسات فعالة لمكافحة التطرف، يجب النظر إلى القضايا الجذرية التي تُسهم في ظهور الأفراد المتطرفين. فبدلاً من التركيز على الحلول الأمنية وحدها، ينبغي توجيه الجهود نحو معالجة الفقر، والتعليم غير المتكافئ، ودعم الصحة النفسية. عندما يتم تجاهل هذه الجوانب، يصبح الشباب كالقنابل الموقوتة، في انتظار الفرصة المناسبة للانفجار. مدعوماً بالأفكار المتطرفة، قد ينظر هؤلاء الشباب إلى العنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم. لكن، في العمق، هم في حاجة إلى مساعدة وتوجيه بدلاً من الإقصاء والرفض. لماذا إذًا يفشل نظام السلامة الاجتماعية في الولايات المتحدة في منع تحول الشباب إلى التطرف؟ تعد الكفاءة المالية وسوء توزيع الموارد من العوامل الأساسية. يتم توجيه معظم التمويلات نحو السياسات الأمنية، بينما تُ neglected برامج التعليم والشباب. على الحكومة تقديم حلول شاملة تتعدى مجرد المبادرات قصيرة المدى. الخطر هنا ليس فقط على المجتمعات المعنية، بل هو تهديد للمجتمع ككل. يحتاج صناع القرار إلى اتخاذ خطوات جادة لمعالجة قضايا الفقر وعدم المساواة في الفرص. يجب على المدارس أن تكون مكانًا يرحب بالشباب، ويعزز تعليمهم ويوفر لهم الأدوات اللازمة لمواجهة التحديات. علي ليس هو الوحيد، فكل يوم يعاني فيه شباب آخرون من نفس المشاعر واليأس. في النهاية، يكون الخيار لهم إما نحو الاعتدال أو التطرف. إذا استمرت الشبكة الاجتماعية في الفشل، فإن العواقب ستكون وخيمة على المجتمعات، وقد يصبح التطرف ظاهرة أكثر شيوعًا. ببساطة، تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة التفكير في كيفية دعم شبابها. فإن بناء مجتمع أمان للشباب يتطلب عملاً جماعياً يشمل المجتمع، الحكومة، والمنظمات غير الربحية. من خلال العمل سوياً، يمكن أن نخلق بيئة صحية تدعم المراهقين وتدفعهم بعيدًا عن التطرف، نحو مستقبل أكثر إشراقاً.。
الخطوة التالية