ارتفعت قيمة مؤشر S&P 500 بشكل ملحوظ في الفترة الماضية، حيث سجل زيادة تقدر بنحو 19% حتى الآن هذا العام. ومع اقترابنا من نهاية العام، يطرح الكثير من المستثمرين تساؤلات حول مدى قدرة هذا المؤشر على تحقيق مزيد من الارتفاعات. في هذا المقال، سنستعرض بعض التاريخيات والأسس التي قد تساعدنا في فهم ما يمكن توقعه لبقية العام. يمثل مؤشر S&P 500 أحد أبرز مؤشرات السوق الأمريكية ويعتبر مؤشراً قياسياً لأداء الاقتصاد الأمريكي بشكل عام. يعتمد هذا المؤشر على أسعار 500 من الأسهم الكبرى المسجلة في الولايات المتحدة، مما يجعله مؤشراً موثوقاً لما يحدث في قيادة الاقتصاد وبورصة الأسهم. خلال السنوات الأخيرة، شهد السوق تقلبات كبيرة، مما أثار الكثير من النقاشات حول الاتجاهات المستقبلية. التاريخ عادةً ما يكون مرشداً جيداً في عالم الاستثمار. فمع نهاية أغسطس من العام الماضي، كان مؤشر S&P 500 قد ارتفع بنسبة 17%. وفي يونيو 2024، سجل زيادة تقدر بنحو 19%. إذا نظرنا إلى التاريخ، نجد أن المؤشر عادةً ما يستمر في اتجاهه الإيجابي، خاصة بعد تحقيق مكاسب كبيرة في الأشهر الأولى من العام. فخلال السنوات الماضية، كان من الشائع أن تشهد آخر أربعة أشهر من السنة جولات أخرى من المكاسب، خاصة في السنوات التي تحقق فيها المؤشر مكاسب مضاعفة في الأشهر الأولى. عند النظر إلى الأرقام، يمكننا أن نرى أن متوسط نسبة الارتفاع في المؤشر خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من السنة منذ عام 1994 كان حوالي 4.34%. ومع ذلك، فإن هذه النسبة تتأثر بشكل كبير بما حدث في عام 2008 خلال الأزمة المالية. إذا نظرنا إلى الأداء على أساس الوسيط، فنجد أن الارتفاع كان أكثر إقناعاً، حيث تحقق الوسيط حوالي 6.51%. إذا قمنا بالتركيز على السنوات التي حقق فيها المؤشر مكاسب كبيرة في الأشهر الثمانية الأولى، فإن الأرقام تتحسن أكثر. حيث كانت نسبة الارتفاع المتوسطة في الأشهر الأربعة الأخيرة من تلك السنوات تقدر بنحو 4.71%، بينما كان الوسيط أقوى، حيث بلغ 7.2%. مما يؤكد أن الأجواء الإيجابية في الأشهر الأولى غالباً ما تستمر في الأشهر الأخيرة من السنة. تجدر الإشارة أيضاً إلى تأثير سنة الانتخابات الرئاسية الأمريكية على سوق الأسهم. إحصائيات من Morningstar وIbbotson Associates تشير إلى أن متوسط عائدات مؤشر S&P 500 في السنوات التي تشهد انتخابات رئاسية كان حوالي 11.28% منذ عام 1928. على الرغم من التأثيرات السلبية التي يمكن أن تحدث في بعض السنوات، إلا أن السوق كان يميل نحو الصعود. على سبيل المثال، في عام 2020، ارتفع المؤشر بنسبة 16%، على الرغم من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا في بداية العام. إذا نظرنا إلى أداء المؤشر في الفترة الأخيرة من السنوات الانتخابية، نجد أن الأداء كان مختلطاً. متوسط المكاسب في الأشهر الأربعة الأخيرة من تلك السنوات كان حوالي 1.85%، لكن الوسيط كان أعلى ويصل إلى 4.72%. السبب المحتمل وراء هذا التأثير هو أن الحزب الحاكم غالباً ما يسعى إلى تعزيز الاقتصاد للبقاء في السلطة، في حين يحاول المرشح المنافس أيضاً تقديم سياسات إيجابية تعزز من الصورة الاقتصادية. بالطبع، تبقى الأسئلة قائمة حول كيف سيواصل مؤشر S&P 500 تقدمه في الفترة المتبقية من العام. من الصحيح أن التاريخ يجعلنا متفائلين، لكن من الصعب التنبؤ بدقة بمسار السوق. المستثمرون الذكيون غالباً ما يكونون أكثر قلقاً حول الأداء على المدى الطويل، مثل السنوات الخمس أو العشر القادمة. تاريخياً، كان هناك تفاؤل كبير في هذا المجال، ويبدو أنه يستمر في كونه خياراً جيداً للمستثمرين على المدى الطويل. دعونا نلقي نظرة على بعض المؤشرات الإضافية التي قد تعزز من التفاؤل في سوق الأسهم. التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا، والذي يبدو أنه تحقق في معظم القطاعات، يساهم بشكل كبير في تعزيز ثقة المستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، البيانات الاقتصادية الأخيرة تشير إلى انتعاش في سوق العمل وثبات في معدلات النمو الاقتصادي، مما يعكس قوة الاقتصاد الأمريكي. لكن لا بد من انتباه المستثمرين إلى المخاطر المحتملة، مثل التضخم المتصاعد أو أي تذبذبات مفاجئة في السياسة الاقتصادية. في ظل هذه العوامل، يتوجب على المستثمرين أن يكونوا مستعدين لأي تقلبات قد تواجههم وأن يكون لديهم استراتيجية واضحة للتحوط من المخاطر. في الختام، بينما يستمر مؤشر S&P 500 في تحقيق مكاسب ضخمة، تظل الأسئلة قائمة حول مدى قدرته على الاستمرار في هذا الاتجاه. من المهم أن نفهم الدروس المستفادة من التاريخ، لكن يجب أن نكون واعين للعوامل المتغيرة التي يمكن أن تؤثر على السوق. كما هو الحال دائماً، يتطلب الاستثمار الناجح مزيجاً من التحليل الأساسي والسلوكيات الحكيمة. لذا، يبقى السؤال: إلى أين سيذهب المؤشر بعد هذه الارتفاعات الكبيرة؟ الجواب كما يشير التاريخ، يمكن أن يكون في اتجاه الصعود، ولكن يبقى المستقبل غير مؤكد.。
الخطوة التالية