في تحول بارز في السياسات الاقتصادية، اقترحت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية بنسبة 28% على بعض أصحاب الدخل المرتفع، وهي خطوة تبتعد عن موقف الرئيس جو بايدن الذي كان يأمل في رفع هذه النسبة إلى مستويات أعلى، تصل إلى 39.6%. يأتي هذا الاقتراح في إطار الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر 2024، حيث أصبحت قضايا الضرائب والسياسات الاقتصادية محور النقاشات بين المرشحين. خلال تجمع انتخابي في نيوهامشير، أوضحت هاريس أن هذه الضريبة تهدف إلى دعم الابتكار والمشروعات الصغيرة في الولايات المتحدة. وقالت: "سنقوم بفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية بمعدل يكافئ الاستثمار في مبتكري أمريكا ومؤسسيها". وتجدر الإشارة إلى أن الضرائب على الأرباح الرأسمالية هي ضريبة تفرض على الأرباح الناتجة من بيع الأصول مثل الأسهم والصناديق المشتركة والعقارات. وتعتمد هذه الضريبة على دخل الفرد ومدة الاحتفاظ بالأصول. الجدير بالذكر أن المعدل الحالي للضرائب على الأرباح الرأسمالية يتراوح بين 0% و20%، حسب مستوى الدخل. وتخطط هاريس لزيادة المعدل للأشخاص الذين يتجاوز دخلهم مليون دولار سنويًا، مما يعني أن أصحاب الدخل المرتفع سيواجهون زيادة في الضرائب التي يدفعونها على الأرباح الناتجة عن استثماراتهم. بينما تدعم هاريس هذه الزيادة، كانت خطة بايدن تهدف إلى زيادة المعدل إلى 39.6% للأثرياء. وبالإضافة إلى ذلك، كان بايدن يقترح فرض ضريبة إضافية على الدخل من الاستثمارات، مما يرفع المعدل الإجمالي لأعلى شريحة من دافعي الضرائب إلى 44.6%، وهو معدل يعتبر من بين الأعلى في العالم. لم تتوقف ردود الأفعال حول هذا الاقتراح عند ذلك، فقد انتقد السيناتور بيرني ساندرز، المعروف بمواقفه اليسارية، اقتراح هاريس، مشيرًا إلى أنه يفضل رفع المعدلات أعلى من ذلك. ودعا ساندرز إلى فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية بمعدلات تساوي معدلات الضريبة على الدخل العادي للأسر التي تتجاوز دخلها 250,000 دولار سنويًا. أحد الجوانب المثيرة للجدل في هذه النقاشات هو التأثير المحتمل لهذه الضرائب الجديدة على الاقتصاد. يقول مؤيدو خطة هاريس إنها ستساعد في خلق توازن أكبر في توزيع الثروة وتعزيز البرامج الاجتماعية. ومن الناحية الأخرى، يخشى بعض الخبراء أن تؤدي زيادة الضرائب على الأرباح الرأسمالية إلى تقليص الحوافز للاستثمار، مما قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي. وبهذا الصدد، تساءل البعض عما إذا كان المستثمرون سيحتفظون بممتلكاتهم لفترة أطول لتجنب تحميل أنفسهم ضرائب أعلى. كما تشمل خطط هاريس أيضًا اقتراحًا بـ"ضريبة الحد الأدنى للمليارديرات"، والتي تهدف إلى فرض ضريبة على الأسر التي تمتلك صافي ثروة يتجاوز 100 مليون دولار. كان بايدن قد أشار أيضًا إلى ضرورة فرض هذه الضريبة كجزء من خطته لتعديل ميزانية الدولة، حيث تشير التقارير إلى أن الأثرياء في الولايات المتحدة يدفعون معدل ضريبة متوسط يبلغ 8.2% فقط، وهو رقم يعتبره الكثيرون غير عادل. تعكس هذه النقاشات التحديات التي تواجهها الحكومة الأميركية فيما يتعلق بتحقيق العدالة الضريبية وتلبية احتياجات المواطنين. في الوقت نفسه، يتضح أن كل من هاريس وبايدن يسعيان للابتعاد عن سياسات تمويل الحكومة التقليدية التي كانت تتبع خلال السنوات الماضية. والتي كانت تعتمد بشكل أساسي على فرض ضرائب منخفضة على الطبقات العليا. كما يظهر أن هناك تبايناً في الآراء بين أعضاء الحزب الديمقراطي حول كيفية معالجة قضايا الضرائب. في حين أن بعض الأعضاء مثل هاريس يدعون لزيادات معتدلة، فإن آخرين مثل ساندرز يدعون لتغييرات أكثر جذرية. وعلى الجانب الآخر، تشير آراء بعض المحللين إلى أن الاقتراحات الضريبية التي تتبناها هاريس وبايدن تأتي في وقت تحتاج فيه البلاد لتنمية العديد من البرامج الاجتماعية التي تعاني من نقص التمويل. ومن هنا، فإن الحاجة إلى الحفاظ على الحوافز للاستثمار مع تحقيق العدالة الاجتماعية تصبح مسألة بالغة التعقيد. وفي السياق نفسه، يُتوقع أن يستمر النقاش حول الضرائب كأحد القضايا الرئيسية خلال الحملة الانتخابية. فبينما تسعى هاريس إلى استقطاب الناخبين الذين يشعرون أن النظام الضريبي الحالي غير عادل، لا يزال يتعين عليها مواجهة الانتقادات من داخل الحزب وخارجه. يمثل هذا النقاش حول الضرائب مثالاً واضحًا على كيف أن القرارات السياسية يمكن أن تأخذ أنماطًا متعددة تعكس مصالح مختلفة. ومع اقتراب موعد الانتخابات، سيتعين على كل من هاريس وبايدن توضيح رؤاهم وخططهم الضريبية بشكل أفضل لجذب الناخبين، كما سيحتاجون لمواجهة الضغوط وتحديات المطالبات المتضاربة من مختلف قطاعات المجتمع. بمعنى آخر، فإن الاقتراح بفروض جديدة على الأرباح الرأسمالية يعكس اتجاهًا أعمق في السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تسعى لتحقيق العدالة ومواجهة الفجوات الاقتصادية في المجتمع الأميركي. وفي ظل هذا النقاش، تظل آمال التغيير قائمة، ولكنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بإرادة الناخبين في اتخاذ قرارات حاسمة في الانتخابات القادمة.。
الخطوة التالية