بعد انتهاء فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى، باتت مشاعر الإحباط والاستياء تتزايد لدى العديد من الناخبين الذين وثقوا بوعوده. في رسالة نشرت مؤخرًا في صحيفة "ريدينغ إيجل"، علّقت سوزان ميلر من سبرينغ تاونشيب على تلك الفجوة بين الوعود والإنجازات، وتساءلت كيف يمكن للناس أن يثقوا بشخصية سياسية أثبتت عدم قدرتها على الوفاء بوعودها. منذ انطلاق حملته الانتخابية عام 2016، وعد ترامب الناخبين ببناء جدار على الحدود الأمريكية المكسيكية، وأكد بأن المكسيك ستتحمل تكاليف هذا المشروع الضخم. لكن مع نهاية فترة رئاسته، لم يتم بناء الجدار بالشكل الذي تم التعهد به، بل تم إنفاق مليارات الدولارات دون تحقيق الأهداف المرجوة. هذه ليست الحالة الوحيدة التي دفع فيها ترامب الناخبين للاعتقاد بأنه سيفي بوعوده، فقد حصلت وعود أخرى كثيرة تتعلق بالبنية التحتية والتوظيف وتحسين الاقتصاد. الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن ترامب لم يعد فقط يحاول إقناع الناخبين بوعوده، بل يخاطب مشاعرهم ودوافعهم بطريقة قد تبدو مغرية لكنها تفتقر إلى الدعم الواقعي. يعود ذلك بشكل كبير إلى أسلوبه في التعبير الذي يجمع بين المبالغة والوعود الطائشة، مما يجعل الكثيرين يتساءلون عما إذا كان Trump يسعى فقط وراء تسويق شخصيته بدلاً من تقديم حلول فعلية. في خطبه، غالبًا ما يستند ترامب إلى ادعاءات مثيرة للجدل، مما يثير تساؤلات حول مصداقيته. العديد من الناخبين الذين صوتوا له في السابق قد يشعرون بالخيانة، خاصةً مع الزيادة في التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الأمريكيون. عدم وفاء ترامب بوعوده قد ينعكس بشكل أكبر على قاعدته الانتخابية، حيث يبدأ الناخبون في تقدير الخيارات الأخرى. من المهم أيضًا النظر في تأثير هذه الظاهرة على السياسة الأمريكية بشكل عام. إن وجود شخصية سياسية مثل ترامب، تعدت وعودها حدود الواقع، يمكن أن يؤثر على كيفية فهم الناخبين للمسؤولية السياسية. لم يعد الأمر مجرد مسألة خيارات سياسية، بل تحوّل إلى معركة من أجل الحقائق والشفافية، حيث يحتدم النقاش حول من يمكن الوثوق به لإدارة شؤون البلاد. على الرغم من كل الوعود الكبرى التي تم الإعلان عنها، لا يزال ترامب يكافح من أجل إيجاد أرضية مشتركة مع الناخبين. الأرقام الاقتصادية لا تدعم تأكيداته، الأمر الذي يزيد من عمق الفجوة بين ما يقوله وما يحققه في الواقع. مما لا شك فيه أن السياسة الأمريكية تتطلب الثقة والشفافية، وهي أمور يبدو أن ترامب لم يستطع تقديمها. ظهرت أفكار مماثلة في التعليقات من قادة سياسيين آخرين، حيث انتقد العديد منهم ترامب وركزوا على ضرورة الوفاء بالوعود الانتخابية. على الرغم من أن ترامب يحظى بدعم قوي من أجزاء معينة من المجتمع الأمريكي، إلا أن هناك مجموعة متزايدة من الناخبين الذين يرون أن الوقت قد حان لمحاسبة القادة السياسيين على نتائجهم الفعلية. في هذه الأثناء، عادت حماسة الفئة المتشككة للظهور في النقاشات العامة، حيث يشعر العديد بأنهم خدعوا. يتفق الكثيرون على أنه يجب ألا يكون هناك تهاون في مسألة النزاهة والجدية في السياسة. إن الصرخات الأخيرة التي تدعو إلى الرئيس الحالي والمرشحين المستقبليين إلى التحلي بالنزاهة والإخلاص تشكل مصدر قلق متزايد للجميع. بالإضافة إلى ذلك، تتزايد الضغوط على ترامب في ضوء التحديات القانونية التي يواجهها. يعتبر الكثيرون أن شخصيته العامة تعكس أولويات غير ثابتة، وبالتالي يزداد الانقسام بين مؤيديه والمعارضين له. تتجلى هذه الديناميكيات في العديد من النقاشات، وكذلك في استجابة الناخبين تجاه عودته المحتملة إلى البيت الأبيض. وفي ختام رسالتها، دعت سوزان ميلر الناخبين إلى استراتيجية جديدة. مدّدت فكرة أنه يجب أن نتعلم من التجارب الماضية وأن نكون واعين للوعود التي لا يمكن تحقيقها. أصبحت المهمة الأساسية هي كيفية تشكيل الرأي العام بشكل يتسم بالنقد البناء، والحاجة إلى القادة الذين يمكنهم تقديم حوكمة جديرة بالثقة. إن الرسالة التي أرادت سوزان إيصالها هي أن الناخبين يحتاجون إلى أن يكونوا أكثر حذرًا وأقل تسرعًا في اختيار مرشحيهم. قد تكون هذه هي التحديات التي تواجه الديمقراطية الأمريكية اليوم، وهي الحاجة إلى إعادة بناء الثقة بين القادة والشعب. لذا، على الناخبين أن يتذكروا أن الاختيار يصبح أكثر تعقيدًا في ظل الوعود الكبيرة التي قد لا تُحقق. سيتعين على الولايات المتحدة في النهاية أن تواجه هذه المسألة، ما إذا كانت ستستمر في الانزلاق إلى الفوضى السياسية أو ستعود إلى مسار أكثر استقرارًا وعقلانية.。
الخطوة التالية