تحليل: ماذا يعني خفض معدل الفائدة بـ50 نقطة أساس للعملات الرقمية؟

قررت الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، قبل أسبوع، خفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 50 نقطة أساس، وهو أول خفض من نوعه منذ عام 2020. كانت التوقعات متباينة بين المحللين بشأن الخفض، حيث كانت هناك آراء ترجّح خفضًا مقداره 25 نقطة، ولكن الفيدرالي اختار الخيار الأكثر عدوانية. وقد فُسّر هذا القرار على أنه مؤشر على قلق المسؤولين في البنك المركزي بشأن مسار الاقتصاد الأمريكي. يعتقد المشاركون في السوق أنه، على الرغم من استعدادهم لهذا الخبر، إلا أن له تبعات كبيرة على الاقتصاد وأداء الأصول المختلفة، بما في ذلك العملات المشفرة. وهنا نستعرض ما يقوله المحللون حول تأثير هذا الخفض على سوق العملات الرقمية. تأثير الخفض على سوق العملات المشفرة قال ديميتري بيرينزون، شريك في شركة Archetype: "تمثل العملات المشفرة أصولًا ذات مخاطر عالية". وأشار إلى أن بيئات الفائدة المنخفضة تميل إلى جذب المستثمرين نحو الأصول المالية التي يمكن أن تحقق عوائد أعلى، كما هو الحال مع البيتكوين والعملات البديلة. على نفس المنوال، أضاف جاك أستروفسكيس، تاجر OTC في شركة Wintermute لتداول العملات المشفرة، أنه تاريخياً، يزيد مثل هذا القرار من سيولة النظام المالي، مما يعود بالفائدة على الأصول ذات المخاطر العالية مثل البيتكوين. وقد شهدت أسعار الأصول الرقمية حتى الآن ردود فعل إيجابية نتيجة لخفض الفائدة، حيث ارتفع سعر البيتكوين بمعدل 3.3% خلال الأسبوع الماضي. تفاعل السوق مع الخفض وصل سعر البيتكوين إلى 64,413 دولارًا، بينما شهدت بعض العملات البديلة مثل الإيثريوم (ETH) وسولانا (SOL) مكاسب أعلى، حيث بلغت 7.5% و8.8% على التوالي. من جهة أخرى، يشير مؤشر الخوف والجشع في سوق العملات المشفرة إلى أن المعنويات لدى المستثمرين قد تحولت، حيث ارتفعت من 45 في منطقة الخوف إلى 59، ما يعني أنهم يشعرون الآن بالجشع، مما يؤدي إلى زيادة في قيمة الأصول الرقمية على المدى المتوسط. يرى المحللون أن خفض أسعار الفائدة يؤدي إلى زيادة السيولة، وهو أمر إيجابي بشكل عام للأصول المشفرة. ومع ذلك، هناك عوامل إضافية قد تؤثر على أسعار العملات الرقمية في المدى القصير، مثل التوترات الجيوسياسية والوضع في سوق العقارات في الصين. ما هو مغزى الخفض الكبير؟ أبرز يوي وي يانغ، كبير الاقتصاديين في شركة BIT Mining Limited، أن "حجم خفض الفائدة" يمكن أن يؤثر بشكل كبير على "السيولة في السوق، ومعنويات المستثمرين، وجاذبية هذه الأصول النسبية". يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن قرار الفيدرالي بخفض الفائدة بشكل كبير يعتبر تحولا ملحوظا، خصوصا من قبل رئيس البنك المركزي، جيروم باول، المعروف بنهجه المحافظ. من جانبهم، أشار المحللون في شركة Nansen لتحليل البيانات إلى أن تأثير خفض الفائدة كان مُسعّراً بالفعل في سوق العملات المشفرة. حيث أفادت أورلي بارثير، المحللة الرئيسية في Nansen، بأن قرار الفيدرالي كان متوقعًا إلى حد كبير من قبل الأسواق، وأكدت أن ذلك قد منح دفعة إضافية للسوق المتفائل بالفعل. علاقة البيتكوين بالمؤشرات المالية تظهر البيانات الحديثة أن هناك زيادة ملحوظة في العلاقة بين البيتكوين ومؤشر S&P 500، حيث ارتفعت العلاقة إلى أعلى مستوياتها منذ عامين. هذا يشير إلى أن البيتكوين أصبحت الآن أكثر حساسية لموقف الاحتياطي الفيدرالي، وقد تكون حركة أسعارها أكثر تأثراً بالتوجهات الاقتصادية العامة. وفي ظل هذا السياق، يتوقع العديد من المحللين أن يكون لهذا الخفض تأثيرات كبيرة على مسار أسعار العملات المشفرة. إذ قالت ديفيد لوانت، رئيسة قسم الأبحاث في شركة FalconX، إن الزيادة في العلاقة بين العملات المشفرة والأصول ذات المخاطر الأكبر تجعل المستثمرين يولون اهتمامًا أكبر للاتجاهات الاقتصادية. التحديات المستقبلية رغم النظرة الإيجابية تجاه فرص العملات المشفرة، أشار آرثر هايز، المؤسس المشارك لشركة BitMEX، إلى أنه يتوقع أن تشهد السوق انخفاضًا في الأسعار خلال الأيام القادمة بسبب تزايد ضغط التضخم. واعتبر أن خفض أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة التضخم في الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى ضغوط إضافية على السوق. من جهة أخرى، أشار هايز كذلك إلى أن التغيرات في الفروق بين أسعار الفائدة في الولايات المتحدة واليابان يمكن أن تؤدي إلى زيادة حادة في الين الياباني، مما يسبب تقلصات في استثمارات معينة مثل استثمارات الفائدة. المستقبل المنظور للعملات الرقمية في ظل هذه الظروف الاقتصادية المضطربة، قد يتجه المستثمرون إلى خيارات تتيح لهم تحقيق عوائد أعلى، مثل فرص تقديم العائد في سوق التمويل اللامركزي (DeFi). منتجات مثل Pendle وEthena التي تقدم خيارات للاستثمار عبر staking ممكن أن تشهد زيادة في الطلب. وبالرغم من عدم اليقين الذي يكتنف مستقبل العملات المشفرة في ظل الضغوط الاقتصادية الحالية، يرى العديد من المحللين أن الأصول مثل البيتكوين قد تظل ناجحة على المدى الطويل. حيث تشير التحليلات إلى أن المواد الأساسية قد تستفيد من التدخلات المتواصلة للمصارف المركزية. في النهاية، يمكن أن يُفضي خفض أسعار الفائدة إلى زيادة التقلبات في السوق على المدى القصير، لكن بالنسبة لأولئك الذين يمتلكون إيمانًا قويًا بدور العملات المشفرة كأساس نقدي قوي ومستدام، قد يُعتبر هذا القرار خطوة أخرى نحو تعزيز قيمتها طويلة الأجل.。