في عالم العملات الرقمية، يُعتبر "إيثيريوم" واحداً من أبرز الشبكات التي حققت نجاحاً كبيراً بفضل قدرتها على دعم التطبيقات اللامركزية وابتكارات التمويل اللامركزي (DeFi). ومع ذلك، هناك العديد من التحديات التي تواجه هذه الشبكة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتعزيز اللامركزية، وهذا هو ما دعا إليه "فيتاليك بوترين"، مؤسس إيثيريوم. في 12 سبتمبر 2024، استخدم بوترين منصته للتواصل الاجتماعي وأثار قضايا تتعلق بشبكات الطبقة الثانية (Layer 2) التي تعمل على تعزيز قدرات إيثيريوم. حيث أشار إلى أهمية تحقيق مستوى أعلى من اللامركزية في هذه الشبكات، وشدد على ضرورة أن تتبنى المشاريع الجديدة معايير معروفة لضمان قدرتها على الاستدامة والتطور. **دور فيتاليك بوترين في صناعة العملات الرقمية** يُعتبر فيتاليك بوترين رمزاً في عالم التكنولوجيا المالية، حيث ساهم بشكل كبير في تأسيس إيثيريوم، التي تُعتبر ثاني أكبر عملة رقمية من حيث القيمة السوقية بعد بيتكوين. يُعترف به كمطور رئيسي وناشط في مجال اللامركزية، ومع كل حديث له، يصغي المجتمع الرقمي باهتمام. في بيانه الأخير، أشار بوترين إلى أنه لن يُناقش أي من مشاريع الطبقة الثانية التي لا تبذل جهوداً كافية لتعزيز اللامركزية. عملية التحول إلى اللامركزية ليست بالأمر السهل. وتشير الدراسات إلى أن العديد من المشاريع في عالم الكريبتو لا تزال تعتمد على الأنظمة المركزية، مما يجعلها عرضة للمشاكل والثغرات. وبدلاً من ذلك، ينادي بوترين بتبني التقنيات التي تعزز من اللامركزية، داعياً المطورين إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو هذا الهدف. **المعايير المعتمدة لللامركزية** تأسيساً على ذلك، أوضح بوترين أنه سيحث على الاقتصار في مناقشاته على المشاريع التي تحقق ما يُعرف بـ "المرحلة الأولى" من اللامركزية، وهي المعايير التي وضعها في منشور له عام 2022. هذه المعايير تعكس مستويات مختلفة من decentralization يمكن أن تمر بها المشاريع قبل الوصول إلى حالة النضج الكامل. وفقاً لبوترين، تتضمن هذه المراحل ثلاث خطوات رئيسية: 1. **المرحلة 0**: حيث يكون المشروع معتمداً بالكامل على الأنظمة التقليدية، مثل استخدام "multisignature" وبالتالي يكون التشغيل محدوداً للغاية. 2. **المرحلة 1**: في هذه المرحلة يبدأ الاعتماد على الأدلة مثل "fraud proofs" التي تُعتبر عناصر أساسية لضمان أمان الشبكة، بينما لا يزال هناك بعض المساعدة من الأنظمة المستخدمة سابقاً. 3. **المرحلة 2**: وهي المرحلة النهائية التي تعكس الوصول إلى اللامركزية الكاملة، حيث يتم إزالة كافة الاعتماديات عن الأنظمة القديمة. أثناء عملية التطوير، يشير بوترين إلى أن تقنيات مثل "زيرو-كريتوم" (ZK-rollups) يمكن أن تساعد في دفع المشاريع نحو مراحلها اللامركزية. وبالتالي، يُعَد هذا توجهاً نحو المستقبل حيث تتبنى المشاريع رؤية أكثر استدامة وابتكاراً. **أهمية اللامركزية** تتجلى قيمة اللامركزية في قدرتها على خلق بيئة تكنولوجية امنة وموثوقة. في عالم يعتمد على الثقة والتشفير، تُعتبر عملية إزالة السلطة من الكيانات المركزية أساسية. حيث تحد من احتكار المعلومات وتُعزز من مشاركة المستخدمين، مما يتيح لهم تصريف قوتهم بشكل أكبر. من دون شك، اللامركزية تسعى لتحقيق مجتمع أكثر عدالة وشفافية. بوترين عبر عن قلقه بشأن تزايد اتكال بعض المشاريع على أنظمة مركزية قد تعرض هذه المشاريع لمخاطر عديدة. فهو يدرك تماماً أننا نعيش في عصر يتطلب الابتكار ودعم الأطر التي تعمل على تحسين كيفية استخدام التقنية في حياتنا اليومية. **استجابة المجتمع** كانت ردود الفعل على دعوة بوترين مثيرة للاهتمام. العديد من المطورين ورجال الأعمال في مجال العملات الرقمية أبدوا دعمهم لفكرته، مشيرين إلى أن اللامركزية ليست مجرد فكرة رائجة، بل هي ضرورة لمستقبل العملات الرقمية. علاوة على ذلك، دعا العديد من المشاريع إلى مراجعة استراتيجياتها لتحقيق أهداف اللامركزية، بينما أبدى آخرون استياءهم من التحديات التي قد تواجههم في هذا الطريق. إن تحقيق مستوى عالٍ من اللامركزية يعني الحاجة إلى استثمارات كبيرة في التكنولوجيا والتطوير، وهو ما قد يكون عائقاً أمام بعض المشاريع الصغيرة. **ختاماً** إن دعوة فيتاليك بوترين لتعزيز اللامركزية في شبكة إيثيريوم هي دعوة للنظر بعمق في مستقبل التكنولوجيا المالية. اللامركزية تعد مفتاحاً لمستقبل أفضل، يعزز من العدالة ويفتح الأبواب أمام مزيد من الابتكار. في وقت تتزايد فيه الحاجة لتقنية مستدامة، فإن الجهود نحو تحقيق مجتمع لامركزي تعكس الرؤية الحقيقية لعالم العملات الرقمية. إن الطريق نحو اللامركزية قد يكون طويلاً وصعباً، لكنه يمثل خطوة جوهرية نحو بناء نظام أكثر استدامة واستقلالية. ومع وجود شخصيات قوية مثل بوترين تدعو دوماً للاعتماد على اللامركزية، فإن هناك الكثير من الأمل في أن تستمر المشاريع الجديدة في اتخاذ خطوات إيجابية نحو تحقيق هذا الهدف.。
الخطوة التالية