في السنوات الأخيرة، شهدت الولايات المتحدة تحولًا ملحوظًا في نظرة الكثير من المواطنين إلى مرحلة التقاعد. فقد أظهرت العديد من الدراسات والاستطلاعات زيادة كبيرة في عدد الأمريكيين الذين يفكرون في تأجيل تقاعدهم لأسباب مالية. هذا التوجه يعكس القلق المتزايد بشأن القدرة على توفير ما يكفي من المال لضمان حياة كريمة بعد انتهاء مسيرتهم المهنية. أحد الاستطلاعات الأخيرة التي أجرتها LiveCareer، أظهرت أن أكثر من 80٪ من المشاركين قد فكروا في تأجيل تقاعدهم بسبب الضغوط المالية. وعبّر 92٪ من الأشخاص عن مخاوفهم من الحاجة إلى العمل لفترة أطول مما خططوا له. وحسب التعليقات التي أدلى بها جاسمين إسكاليرا، الخبيرة في مجال الحياة المهنية: "تشير نتائج دراستنا إلى أن الاستقرار المالي يمثل مصدر قلق رئيسي بين المشاركين، حيث يخشى الكثيرون من أنهم لن يتمكنوا من تحمل تكاليف التقاعد أو حتى تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الرعاية الصحية." يمكن أن يكون هذا القلق مفهومًا، خاصة مع الضغوط الاقتصادية التي تواجهها البلاد. وفقًا للبيانات الصادرة عن Vanguard، ارتفعت المتوسطات في حسابات التقاعد إلى 134,128 دولار في عام 2023، مما يمثل زيادة بنسبة 19٪ مقارنة بالعام السابق. ومع ذلك، لا تزال هذه الأرقام بعيدة عن 1.46 مليون دولار التي يعتقد الأمريكيون أنهم بحاجة إليها للتقاعد بشكل مريح. هناك العديد من العوامل التي تساهم في هذه المخاوف. فقد شهدت الأسعار ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مما جعل تكاليف السكن والغذاء والعديد من الضروريات الأخرى مرتفعة للغاية. يشعر الأمريكيون، ولا سيما ذوي الدخل المنخفض، بأن رواتبهم لم تعد كافية لمواجهة هذه التحديات الاقتصادية. حتى مع انخفاض معدل التضخم من ذروته التي بلغت 9.1٪ في يونيو 2022، لا يزال الرقم الحالي أعلى بكثير من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2٪. بجانب الضغط المالي، هناك قلق متزايد بشأن الصحة. أظهر الاستطلاع أن حوالي 39٪ من المشاركين يخشون من أن يؤدي التقاعد إلى كونهم عبئًا ماليًا على أسرهم. كما أن 39٪ آخرين أشاروا إلى مخاوفهم بشأن عدم وجود أموال كافية لتغطية النفقات الطبية غير المتوقعة. العواقب الناجمة عن التغيرات الاقتصادية والمخاوف بشأن الرعاية الصحية تدفع الكثيرين إلى التفكير جديًا في تأجيل خطط تقاعدهم. يشير العديد من المتخصصين الماليين إلى أن القلق بشأن المال والتقاعد قد يكون مبررًا. فعدد كبير من الناس يعتقدون أنهم لن يستطيعوا جمع المبلغ الكافي للتقاعد، وفقًا لاستطلاع آخر أجرته Nationwide، حيث أشار 19٪ من المشاركين إلى شكوكهم في قدرتهم على الادخار بما يكفي للتقاعد على الإطلاق. الشباب هم أيضًا يعانون من هذه الضغوط. فقد أشار استطلاع آخر إلى أن جيل الألفية (Millennials) وجيل Z يشعرون بمزيد من الضغط مقارنة بالأجيال السابقة، حيث يسعون لتأمين مستقبلهم المالي. وبالرغم من أن هناك العديد من المبادرات والحملات التوعوية بشأن الاستثمار والادخار، إلا أن الكثير من هؤلاء الشباب ليس لديهم معلومات كافية أو أدوات مناسبة لبدء التوفير بشكل فعّال. يتوقع الكثيرون أن يزيد عدد الأشخاص الذين يتأخرون في التقاعد، ما لم تتغير الظروف الاقتصادية بشكل كبير. ومع ذلك، فإن هذه التغييرات لا تتم بسهولة، مما يصعّب عملية التخطيط المالي للمستقبل. إن الأسعار المرتفعة ونقص الوظائف الجيدة للأجيال الجديدة يمثلان معركة مستمرة للعديد من الأمريكيين. في ختام المقال، من الواضح أن مشاعر القلق والخوف تتزايد بشأن التقاعد في الولايات المتحدة، مما يجعل الكثيرين يفكرون في الاستمرار في العمل لفترة أطول. إن الاستقرار المالي هو قضية مركزية تؤثر على حياة الناس اليومية، وقد يؤثر تأثيرها على قرارات التقاعد لفترة طويلة قادمة. الأمل هو أن يقوم صانعو السياسات بالاستجابة لهذه التحديات من خلال توفير المزيد من الموارد والدعم للمواطنين، مما يجمع بين الاستقرار المالي وخاصة الصحة في تقدير شامل للتقاعد.。
الخطوة التالية