تحتل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في عام 2024 مركز الصدارة في النقاشات السياسية المحلية والدولية. ومع اقتراب موعد الانتخابات، يتضح أن المعركة بين نائب الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب ستكون واحدة من أكثر المنافسات حماسة في التاريخ الحديث للولايات المتحدة. وفي هذا السياق، سنتناول كيف تتباين مواقف كل منهما من القضايا الأساسية التي تشغل بال الناخبين الأمريكيين، وكيف يمكن أن تؤثر هذه المواقف على السياسة داخليًا وخارجيًا. على مدى السنوات الماضية، ولّت الأنظار نحو كامالا هاريس كأول امرأة من أصول أفريقية وآسيوية تشغل منصب نائب الرئيس في تاريخ الولايات المتحدة. تبرز هاريس من خلال الترويج لسياسات تركز على العدالة الاجتماعية، حقوق المرأة، موضوعات الهجرة، وتغير المناخ. بينما يمثل ترامب، الذي كان رئيسًا للولايات المتحدة لكل من ولايتين، التيار التقليدي للجمهوريين والذي يركز على القيم المحافظة، الأمن القومي، والاقتصاد الحر. عند النظر في قضايا الاقتصاد، تشدد هاريس على أهمية الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز الطبقة المتوسطة من خلال زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى. أما ترامب، فيصر على خفض الضرائب وتحفيز النمو عبر تخفيف القوانين واللوائح الاقتصادية. يرى ترامب أن هذه السياسات ستساعد في جذب الاستثمارات وتحفيز سوق العمل، ويعزز بذلك خدمته التي شهدت نموًا اقتصاديًا ملحوظًا خلال فترة ولايته. وفي ما يتعلق بالرعاية الصحية، تتبنى هاريس نهجًا يؤيد توسيع برنامج الرعاية الصحية "أوباما كير" ودعم الحقوق الصحية للنساء، بما في ذلك حق الإجهاض. من جهته، فإن ترامب يدعم إلغاء قانون "أوباما كير" والتوجه نحو نظام رعاية صحية يعتمد على المنافسة الحرة، مبرزًا أنه سيوفر خيارات أفضل للمستهلكين. خلاف ذلك، يعد موضوع الهجرة أحد القضايا الأكثر جدلًا في المشهد السياسي الأمريكي. تؤكد هاريس على الحاجة إلى إصلاح شامل للهجرة، ما يتضمن تقديم مسار نحو المواطنة للمهاجرين الذين عاشوا لسنوات في الولايات المتحدة، مع إبراز أهمية حقوق المهاجرين والإجراءات الإنسانية. في المقابل، يستخدم ترامب خطابًا صارمًا حول الهجرة، مؤكدًا على الحاجة إلى تعزيز الحدود وعقد الاتفاقيات مع الدول المجاورة لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين. أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فقد عانت أمريكا خلال فترة ترامب من توترات متعددة مع دول مثل الصين وروسيا. أمام تلك الخلفية، تبرز هاريس أهمية التعاون الدولي وبناء تحالفات قوية بهدف مواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي والأزمات الإنسانية. في حين أن ترامب يتخذ موقفًا يعكس "أمريكا أولاً"، حيث يفضل الانسحاب من الاتفاقيات الدولية التي يراها مجحفة بحق الولايات المتحدة. ومع تقدّم الحملة الانتخابية، من المرجح أن تزداد حدة النقاشات حول قضايا العدالة الاجتماعية والعنصرية. هاريس، المهتمة بقضايا حقوق السود والعدالة الاجتماعية، تروج لخطط تدعم المجتمعات المهمشة وتعمل على معالجة الفجوات الاقتصادية والاجتماعية. أما ترامب، فقد جذب القاعدة الشعبية من البيض المتعصبين، ويعتمد على خطاب يركز على الوطنية وينبذ الاتجاهات الليبرالية. تعد قضايا الأمن القومي أيضًا من المحاور الهامة للمنافسة. تبرز هاريس الحاجة إلى مراجعة السياسات الأمنية ودعم حلول دائمة للأزمات العالمية، مشددة على أهمية التعاون مع الحلفاء التقليديين. بينما ترامب يؤكد على أن سياسته السابقة قد ضمنت سلامة الولايات المتحدة من تهديدات إرهابية، ويرى أن العودة إلى مثل هذه السياسات ستضمن أمن البلاد. فيما يتعلق بالتغير المناخي، تشكل القضايا البيئية جزءًا أساسيًا من خطاب هاريس، حيث تمثل خطة "البنية التحتية الخضراء" استثمارًا كبيرًا في الطاقة المتجددة والابتكار البيئي. أما ترامب، فقد أبدى مقاومة لخطط الحد من الانبعاثات، مدعيًا أن هذه السياسات تعيق العمل وتؤثر سلباً على الاقتصاد. وفي خضم هذه السجالات، يظهر أن كلا المرشحين يسعيان لاستقطاب مصالح مختلفة من الناخبين. هاريس تستهدف الشباب، النساء، والأقليات، بينما يركز ترامب على قاعدته الشعبية التقليدية. كل ذلك يظهر بوضوح كيف أن الانتخابات المقبلة ستكون بمثابة استفتاء على رؤية الناخبين لأمريكا والمستقبل الذي يطمحون له. ختامًا، يظل من المهم مراقبة كيفية تطور هذه الحملة الانتخابية، إذ إن الاختلافات بين هذين المرشحين تعكس ليس فقط انقسام الساحة السياسية الأمريكية بل أيضًا كيف تنعكس التوجهات العالمية والمحلية في السياسات الأمريكية. ستكون الانتخابات في 2024 فرصةً للناخبين للتعبير عن آرائهم حول مستقبل البلاد في مواجهة التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.。
الخطوة التالية