في خطوة جديدة وبارزة تضاف إلى سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد الجريمة الإلكترونية، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات صارمة على شبكة من الأشخاص ومنصات تبادل العملات الرقمية، متهمة إياها بمساندة روسيا في ظل العقوبات المفروضة عليها. يأتي ذلك في وقت حساس، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمناقشة الدعم الأمني لأوكرانيا وسط الغزو الروسي المستمر. تستهدف العقوبات الأخيرة، والتي أُعلن عنها في 26 سبتمبر 2024، شخصيات بارزة مثل القراصنة الروس سيرجي إيفانوف، بالإضافة إلى منصة "كريبتكس" المعروفة، والتي تُسجل في سانت فنسنت وغرينادين وتعمل في مجال تبادل العملات الرقمية داخل روسيا. وتتيح منصات تبادل العملات الرقمية للناس والشركات تداول العملات الرقمية مقابل أصول أخرى، مما يعزز من أهمية هذا السوق بالنسبة لمجرمي الإنترنت. وفقاً لوزارة الخزانة، تم اتهام إيفانوف بغسل مئات الملايين من الدولارات من العملات الرقمية على مدار العقدين الماضيين لصالح مجرمي الإنترنت، بما في ذلك الأشخاص الذين قاموا بإنشاء أسواق خفية لبيع المعلومات المسروقة مثل بيانات بطاقات الائتمان والهويات المخترقة. من بين هذه العمليات، أُشير إلى عملية غسيل العائدات من سوق "جوكر ستاش"، وهو سوق شهير على الويب المظلم يُعتقد أنه يتاجر في معلومات ضحايا مختلفة. تنوي وزارة الخارجية أيضًا تقديم مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل معلومات قد تؤدي إلى القبض على إيفانوف وشريكه شاخماميتوف، الذي يملك سمعة غير جيدة كمؤسس لسوق المعلومات المسروقة. وقد تم فتح تحقيق قضائي بحقهم في مكتب الادعاء في ولاية فرجينيا، مما يعكس الجدية التي تتعامل بها السلطات الأمريكية مع هذه القضية. من خلال هذا التحرك، أعرب بايدن عن التزام الولايات المتحدة بزيادة الضغوط على روسيا، مؤكدًا أن الحكومة الأمريكية ستستمر في استهداف شبكات غسيل الأموال والداعمة للمجرمين. وقد أظهر المسئولون الأمريكيون عزمًا على استخدام جميع الأدوات المتاحة لديهم لمواجهة التهديدات الناجمة عن هذه الشبكات. في السياق نفسه، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، عن استمرار الجهود الأمريكية لتعطيل الشبكات المساندة للجريمة الإلكترونية، محذرًا روسيا من ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة لمنع النشاطات الإجرامية في أراضيها. تُظهر هذه التصريحات التوجه العدائي تجاه روسيا وحرص واشنطن على محاسبتها على العمليات غير القانونية التي تستفيد منها. منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، كان هناك زيادة ملحوظة في عدد الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد مجرمي الإنترنت الروس. في وقت سابق من هذا العام، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على 13 شركة، بما في ذلك خمس شركات مرتبطة بشخصيات تم فرض عقوبات سابقة بحقها. وتمت الإشارة إلى ارتباط هذه الشركات بتطوير الخدمات القائمة على تكنولوجيا البلوكشين، والتي تسهل الدفع باستخدام العملات الرقمية في القطاع المالي الروسي، مما يسهم في إمكانية التملص من العقوبات. إن الذكاء الاصطناعي والابتكار التكنولوجي في مجال العملات الرقمية أدى إلى ظهور نماذج جديدة تساعد مجرمي الإنترنت على إخفاء توجيه أموالهم، مما يجعل من الصعب على الجهات الحكومية تتبع الأنشطة المالية المشبوهة. في هذا السياق، تسعى الولايات المتحدة جاهدة للسيطرة على هذا الاتجاه من خلال تطوير سياسات صارمة واضحة. الجدير بالذكر أن هذه العقوبات ليست مجرد إجراءات ردعية، بل تمثل دعوة لكل من يعتمد على cryptocurrencies للامتثال للقوانين وتفادي الانخراط في أنشطة غير قانونية. فالعالم الرقمي لا يزال حديث العهد، والممارسات المالية السيئة قد تضر بسمعة الأفراد والشركات على حد سواء. تعتبر الولايات المتحدة واحدة من أكثر الدول نشاطاً في مجال تنظيم العملات الرقمية، حيث تدرس إمكانية وضع قواعد قانونية صارمة لضمان سلامة العمليات المالية ولتجنب استغلال هذه التقنيات. وفي سبيل ذلك، تتعاون الجهات الحكومية الأمريكية مع الشركات الخاصة والمبدعين في مجال التكنولوجيا لتطوير أنظمة الكشف عن الغش والنصب. في المحصلة، تُعتبر هذه العقوبات خطوة بارزة في معركة طويلة ضد الجريمة الإلكترونية، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تقويض عمليات غسيل الأموال التي تُمكن أعداءها من العمل بحرية، مما يشير إلى استراتيجية شاملة تهدف إلى حماية الأمن القومي ومكتسبات السياسات الخارجية. وبينما يستمر النزاع في أوكرانيا، تبقى العملية لفضح شبكات الجريمة المنظمة والعناصر الهامشية جزءًا أساسيًا من أهداف السياسة الأمريكية.。
الخطوة التالية