دونالد ترامب: الذكاء الاصطناعي "خطير جداً" ومع ذلك ينشر محتوى يبدو أنه مُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي في عالم اليوم، حيث يتسارع التطور التكنولوجي، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من العديد من مجالات حياتنا، بما في ذلك السياسة. ومؤخراً، أظهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تناقضات واضحة في موقفه من هذه التقنية المبتكرة. ففي الوقت الذي وصف فيه الذكاء الاصطناعي بأنه "خطير جداً"، لم يتردد في نشر محتوى يبدو أنه تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي على منصته الاجتماعية "Truth Social". لطالما كانت تصريحات ترامب مثيرة للجدل، ولكن تصريحاته حول الذكاء الاصطناعي كانت خاصة في هذا السياق. حيث حذر ترامب من المخاطر المحتملة لاستخدام التقنيات الحديثة في الانتخابات، مشيراً إلى أن خصمه، كامالا هاريس، قد استخدمت الذكاء الاصطناعي لتعزيز حملتها الانتخابية بأساليب غير نزيهة. وقال ترامب في منشور طويل على "Truth Social": "هل لاحظ أحد أن كامالا غشّت في المطار؟ لم يكن أحد عند الطائرة، وهي استخدمت الذكاء الاصطناعي". واعتبر ترامب أن هذا النوع من التلاعب يُعد نوعاً من "التدخل الانتخابي". لكن المثير للدهشة هو أن هذا الانتقاد لم يمنع ترامب نفسه من استخدام محتوى يبدو أنه مُنتج بالذكاء الاصطناعي. ففي الأسابيع التي تلت تصريحاته، بدأ ترامب يشارك مجموعة من الصور والميمات التي تظهر شخصيات مشهورة مثل هاريس وإيلون ماسك وتايلور سويفت. العديد من هذه الصور تحمل علامات واضحة تدل على أنها مُنتجة بالذكاء الاصطناعي، مما جعل البعض يتساءل عن مصداقية المحتوى الذي يشاركه. تم استنكار هذه الصور على نطاق واسع، وقد اتُهم ترامب بأنه يساهم في نشر معلومات مضللة. وعندما تمت مواجهته بهذه الانتقادات، أشار ترامب إلى أنه ليس هو من قام بإنتاج هذه الصور، لكنه أكد على ضرورة توخي الحذر من استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل عام، قائلاً: "نحن نرى هذا في كل مكان، إنه خطر". تتزايد المخاوف العالمية بشأن تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الانتخابات. فالصور المُزيفة، والنصوص المُنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي، والإعلانات المستهدفة بدقة عالية، يمكن أن تجعل من الصعب على الناخبين التمييز بين الحقيقة والخيال. ويشير الخبراء إلى أن قلة من الناس فقط يمكنهم تحديد المحتوى المُزيف، مما يزيد من خطر انتشار المعلومات المغلوطة. إريك وينغروفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة Steg.AI، قال: "هذا المحتوى يعيد الانتشار بشكل سريع قبل أن يتمكن أي شخص من التحقق من صحته". وأضاف بأن المحتوى الذي يتم تداوله من شخصية معروفة مثل ترامب يمكن أن يكون له تأثير كبير على الجمهور. وفي حين لا يُعد نشر الشخصيات العامة لمحتوى مُنتج بالذكاء الاصطناعي غير أخلاقي تماماً، إلا أن الخبراء يرون أنه من الضروري أن يتم تصنيف هذا المحتوى كشيء مُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي. كان من الواضح أن الصور المتعلقة بتايلور سويفت قد جذبت انتقادات كبيرة على الإنترنت، وقد يُعزى هذا جزئياً إلى كونها أداة فعالة لتحفيز النقاشات السياسية. من الجوانب القانونية المتعلقة بالمحتوى المُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي، حذر الخبراء من أن الوضع قانونياً يمكن أن يكون معقداً. فكما قال برنت ميتلشتات، مدير الأبحاث في معهد أكسفورد للإنترنت، فإن تقديم المحتوى بشكل ساخر أو كمزحة يمكن أن يعزز من الموقف القانوني للشخص الذي ينشره. ومع ذلك، فإن الصور المقدمة في حالة ترامب لم تكن واضحة بالقدر الذي يجعل منها مضحكة أو ساخرة. ما بين التحذيرات من الذكاء الاصطناعي والاستخدام المتزايد لمحتواه، يبدو أن ترامب يواجه تحدياً كبيراً في إدارة هذا التناقض. كيف يمكن لشخص أن يحذر من الذكاء الاصطناعي بينما يقوم بنفسه بنشر محتوى مُنتج بهذه التكنولوجيا؟ وفي ظل غياب القوانين الصارمة، يستمر الجدل حول ما إذا كان نشر هذا النوع من المحتوى يُعد نوعاً من التلاعب بالحقائق. أثبتت هذه القضية أن ترامب لا يزال مؤثراً في السياسة الأمريكية، رغم أنه لم يعد في منصبه، وأن صوته تظل له صدى. ومع تصاعد المنافسة في الانتخابات المقبلة، من المحتمل أن تستمر قضايا مثل هذه في الظهور، حيث يستفيد كل من السياسيين والجمهور من التكنولوجيا الحديثة. في الختام، يمثل استخدام الذكاء الاصطناعي في المحتوى السياسي ظاهرة متنامية قد تغير قواعد اللعبة، فكثير من الناس لا يدركون تماماً مدى تأثير هذه التكنولوجيا على موقفهم من السياسة. فالوسط السياسي بحاجة ماسة إلى تطوير سياسات تساعد على تصنيف المحتوى المُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح، وضمان أن يتمكن الناخبون من التمييز بين الحقيقة والمعلومات المُزيفة. وإذا استمر الشخصيات العامة في اتخاذ مواقف متناقضة حيال هذا الموضوع، فإن الجمهور بحاجة إلى أن يكون واعياً ومدركاً للمخاطر التي تأتي مع استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العام.。
الخطوة التالية