في الآونة الأخيرة، شهدت عملة البيتكوين ارتفاعًا ملحوظًا وصل بها إلى حوالي 64,000 دولار، بعد أن انتعشت بأكثر من 20% من أدنى مستوياتها في وقت سابق من الشهر. جاء هذا الانتعاش بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي غير المتوقع بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الأمر الذي يُعد الأول من نوعه منذ أربع سنوات. هذه الخطوة أثرت بشكل كبير على الأسواق المالية وفتحت المجال أمام نقاشات حول مستقبل البيتكوين. تُعتبر قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي ذات أهمية خاصة عند الحديث عن البيتكوين. فعادةً ما تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى تكلفة اقتراض أقل، مما يشجع على الإنفاق والاستثمار. وفي هذا السياق، يبحث العديد من المستثمرين عن أصول بديلة قد توفر عوائد أفضل وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي. لذا، يُمكن أن يؤثر هذا المناخ الاقتصادي على الطلب على البيتكوين ويعزز من موقعه كخيار استثماري جذاب. يؤكد جاك مالرس، الرئيس التنفيذي لشركة سترايك الشهيرة في مجال مدفوعات البيتكوين، على أن الأحداث الحكومية لها تأثير كبير في تشكيل مستقبل البيتكوين. يعتقد مالرس أن الهوية السياسية للرئيس الأمريكي والحزب الحاكم تأتي في المرتبة الثانية مقارنة بالسياسات الاقتصادية العامة التي تتبناها تلك الأطراف. ويشير إلى أن الأحزاب السياسية، سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين، تساهم جميعها في زيادة العجز الوطني والتضخم، مما يعزز بشكل غير مباشر نمو البيتكوين. في ظل ارتفاع مستويات التضخم وعدم موثوقية العملات التقليدية، يتجه المزيد من المستثمرين إلى البيتكوين كمخزن للقيمة. يحذر مالرس من أزمة ديون سيادية وشيكة في الولايات المتحدة، وهو ما قد يُعرّض قيمة الدولار للخطر. بينما تكافح الحكومة مع هذه التحديات الاقتصادية، تزداد جاذبية البيتكوين كتحوّط ضد التضخم. ومع ذلك، فإن الوضع معقد بعض الشيء. رغم أن البيتكوين قد يواجه عقبات قصيرة الأمد، خاصةً في حالة الركود الاقتصادي، إلا أن قدرته على الاحتفاظ بقيمته على المدى الطويل تبدو واعدة. كثير من المستثمرين يرون في البيتكوين بديلًا رقميًا للذهب، وهو أصل يُعتبر موثوقًا يحتفظ بقيمته خلال الأزمات الاقتصادية. توجد عوامل متعددة تؤثر على سعر البيتكوين، وقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض الفائدة هو واحد منها. يشير مالرس أيضًا إلى أن سعر البيتكوين غالبًا ما يرتبط بمعدل التجزئة الخاص به، وهو مقياس لقوة الشبكة. عندما يرتفع عدد المنقبين وتزيد الطاقة التجزئة، فهذا يُشير عادةً إلى ثقة أكبر في الشبكة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. كان هذا الديناميكية واضحة عندما اتخذت وزيرة الخزانة جانيت يلين قرارات اقتصادية كبيرة في أواخر عام 2023. إذ تزامن إدخال المزيد من الدولارات إلى الاقتصاد مع زيادة دراماتيكية في سعر البيتكوين، حيث انتقل من حوالي 20,000 دولار إلى أكثر من 70,000 دولار. ومن مارس إلى أبريل 2024، ظلت أسعار البيتكوين مستقرة، تعكس حالة عدم اليقين في الأسواق العامة. دون تدخلات اقتصادية جديدة، ظل البيتكوين ثابتًا، مما يُظهر كيف أن الإجراءات الحكومية لها تأثير كبير على مسار أسعاره. يعبّر مالرس عن ثقته بأن الظروف الاقتصادية، التي تميزها العجز العالي والإنفاق الحكومي المستمر، ستؤدي إلى ما يسميه "أكبر فقاعة أصول في التاريخ". ويعتقد أن هذه الظروف يجب أن تنعكس في أسعار الأصول، مما يعني أن البيتكوين سيستفيد كلما تغيرت الساحة الاقتصادية. جانب آخر مهم هو شعور المستثمرين وثقتهم في السوق. إذا كانت السوق ترى أن سياسات الاحتياطي الفيدرالي ستستمر في دعم الأصول ذات المخاطر مثل البيتكوين، فقد يُشجع ذلك المزيد من المستثمرين على الدخول إلى السوق. على العكس، إذا تفاقمت الظروف الاقتصادية، قد يتحول الشعور العام إلى التشاؤم، مما يؤدي إلى ضغوط متزايدة على البيع. تشير الاتجاهات الأخيرة إلى أن العديد من مستثمري البيتكوين يواجهون الآن خسائر، كما يتضح من مقياس "العرض في الربح". يتتبع هذا المقياس مدى ربحية كمية البيتكوين المتاحة حاليًا. ومع تراجع هذا الرقم، يشير ذلك إلى أن جزءًا كبيرًا من المستثمرين قد يكونون في حالة خسارة. ومع ذلك، هناك شيء مثير للاهتمام: أولئك الذين لا يزالون في الربح يقومون بتقليل ضغوط البيع، مما قد يساعد في استقرار السوق. عند النظر إلى المستقبل، يتساءل الكثير من المستثمرين عما إذا كان بإمكان البيتكوين فعلاً الوصول إلى علامة الـ 100,000 دولار. بينما يُبدي مالرس تفاؤلاً، إلا أنه يشير إلى أن تحقيق هذه القمة سيعتمد على مجموعة من السياسات الاقتصادية المواتية، ومشاعر السوق، وازدياد قبول البيتكوين كأصل موثوق. يتابع المحللون والمستثمرون عن كثب أنشطة الاحتياطي الفيدرالي ومؤشرات اقتصادية أخرى. أي علامات على استمرار عدم الاستقرار الاقتصادي قد تعزز الاهتمام بالبيتكوين، مما يدفع أسعاره إلى الأعلى. بالإضافة إلى ذلك، مع دخول المزيد من المستثمرين المؤسسيين إلى سوق العملات الرقمية، قد تتغير الديناميكيات المحيطة بالبيتكوين بشكل كبير. دخول اللاعبين الأكبر غالبًا ما يجلب المزيد من السيولة والمصداقية إلى السوق، مما قد يعزز أسعار البيتكوين بشكل أكبر. تلقي الزيادة المحتملة في البيتكوين بظلالها ليس فقط على المستثمرين الفرديين ولكن أيضًا على النظام المالي بأسره. مع ازدياد اعتبر البيتكوين كخيار قابل للتطبيق مقابل العملات التقليدية، قد يؤدي ذلك إلى تحول كبير في كيفية رؤية الناس للنقود. يمكن أن تسفر هذه التحولات عن إعادة تشكيل الأنظمة المالية، وتحدي القوانين الحالية، وإطلاق نقاشات حول مستقبل العملات الرقمية. في الختام، إن رحلة البيتكوين نحو إمكانية الوصول إلى 100,000 دولار بعيدة عن اليقين، لكن المشهد الاقتصادي الحالي يوحي بأن هذه الإمكانية حية وموجودة. مع سياسات الاحتياطي الفيدرالي واهتمام المستثمرين المتزايد، قد يكون البيتكوين على وشك تحقيق اختراق كبير.。
هل تسببت قرارات الاحتياطي الفيدرالي في ارتفاع سعر بيتكوين إلى 100 ألف دولار قريبًا؟
