أنت مالك للعملات المشفرة؟ تهانينا، قد تكون نرجسيًا، وفقًا لدراسة حديثة في عالم المشاريع الجديدة والاستثمارات المبتكرة، برزت العملات المشفرة كواحدة من أكثر الظواهر إثارة للجدل في السنوات الأخيرة. إذ تمتلك القدرة على تغيير طريقة تفكيرنا في المال والتداول. ومع ذلك، توصلت دراسة حديثة إلى نتائج غير متوقعة: قد يكون الأشخاص الذين يمتلكون العملات المشفرة أكثر عرضة لتبني سمات شخصية دالة على الاضطرابات النفسية. في هذا المقال، نستعرض نتائج هذه الدراسة وآثارها المحتملة على مجتمع مستثمري العملات المشفرة. أجريت الدراسة التي شملت 2001 بالغ أمريكي بواسطة باحثين من جامعتي ميامي وتورنتو، ونُشرت نتائجها في يوليو 2024. وجاءت النتائج لتؤكد أن مالكي العملات المشفرة يظهرون سمات شخصية مظلمة، بما في ذلك الاضطرابات النفسية مثل النرجسية، والسايدية، والميكافيلية. أظهرت الدراسة أيضًا أن هؤلاء الأشخاص يميلون إلى أن يكونوا أكثر نجاحًا ماليًا وأكثر نشاطًا سياسيًا، بما في ذلك التطوع أثناء الانتخابات والمشاركة في الاحتجاجات لدعم قضاياهم. تشير الإحصائيات إلى أن حوالي ثلث المشاركين في الدراسة كانوا مالكين للعملات المشفرة، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بمعدل ملكية العملات المشفرة على مستوى الولايات المتحدة والذي يبلغ حوالي 14%. ولاحظ الباحثون أن حاملي العملات المشفرة يتصفون بسمات شخصية سلبية مثل الحاجة إلى الفوضى، والبارانويا، والدوغماتية، والشعور بالضحية، والاستجابة النفسية. يعتبر التأكيد أن مالكي العملات المشفرة يظهرون مستويات أقل من التفكير التحليلي والعلمي، وصفة لفتت انتباه الكثيرين. حيث استنتج الباحثون أن هذه الفئة من الناس ليست فقط أقل ذكاءً من نظرائهم غير الملاك، بل أيضًا تعاني من مستويات مرتفعة من القلق والاكتئاب والانفعالية والوحدة واضطرابات المزاج. وسلطت الدراسة الضوء على دور وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل هذه الشخصيات. حيث وُجد ارتباط قوي بين استخدام منصات التواصل الاجتماعي غير التقليدية وامتلاك العملات المشفرة. في الواقع، تبين أن التواجد النشط على فيسبوك، المنصة الأكثر شيوعًا، يعد ضمانًا تقريبًا لعدم ملكية أي عملة مشفرة. تُظهر البيانات أن الشخصيات التي تمتلك العملات المشفرة هي في الغالب أكثر ميلاً لأن تكون ذكورًا أو مذكّرية، وتمتلك مستويات دخل مرتفعة قليلاً، وشعورًا بالظلم من الحياة التي يرونها غير عادلة. تشكل هذه النتائج صورة نمطية مثيرة للجدل عن مستثمري العملات المشفرة، حيث يُنظر إليهم على أنهم أكثر عزلة، يفضلون الانعزال، ويعانون من مشاعر سلبية. ورغم كل ما تم ذكره، يتساءل الكثيرون عن مدى صحة هذه النتائج ودقتها. انتقد بعض مؤيدي العملات المشفرة الدراسة كتحيز واضح وناتج عن سرد مسبق. وأشاروا إلى أن تمويل الدراسة من قِبل مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، التي تُظهر توجهات سلبية تجاه العملات المشفرة، قد يؤثر على نتائجها. على الجانب الآخر، لا يمكن تجاهل انتشار الاستثمار في العملات المشفرة والنجاح الكبير الذي حققته بعض العملات مثل البيتكوين والإيثيريوم. لكن من الجدير بالذكر أن هناك أيضًا مخاطر كبيرة مرتبطة بهذا النوع من التداول، حيث يُعتبر سوق العملات المشفرة متقلبًا جدًا، مما قد يؤدي إلى فقدان المتداولين لأموالهم. تتضمن المشاعر السلبية التي أظهرتها الدراسة القلق والتوتر والمزاج السيئ، ما دفع البعض إلى التفكير في قضايا مثل الإدمان على تداول العملات المشفرة وضرورة وجود مراكز إعادة تأهيل لمساعدة الناس على التغلب على هذا التحدي. ومع زيادة الوعي عن الأثر النفسي لاستثمار العملات المشفرة، قد تصبح هذه الخدمات أكثر شيوعًا في المستقبل. على الرغم من الشكوك المحتملة حول الدراسات ونتائجها، لا يزال من المهم أخذ هذه النتائج بعين الاعتبار. فكيف يمكن للمستثمرين في العملات المشفرة تحسين علاقاتهم مع المال والشعور بالسلام النفسي؟ ربما يعود الأمر إلى مراجعة السياسات المالية والتوازن بين الأهداف الفردية والمجتمعية. في النهاية، تبقى العملات المشفرة ظاهرة مثيرة للجدل تحظى برعاية كبيرة من فئة معينة من المستثمرين، بينما تثير القلق في الوقت نفسه بشأن التأثيرات النفسية والاجتماعية المحتملة. علينا جميعًا أن ندرك أنه في عالم سريع التغير مثل عالم العملات المشفرة، يبقى الوعي الذاتي والقدرة على قراءة المخاطر والتحديات النفسية أمرًا ضروريًا، ليس فقط للحفاظ على السلام النفسي، ولكن أيضًا لتجنب العواقب السلبية التي قد تطرأ على الحياة اليومية. إذا كنت مالكًا للعملات المشفرة، قد يكون من المفيد التوقف للحظة والتفكير في دوافعك وأهدافك. هل تستثمر لإحداث تغيير إيجابي في حياتك، أم أنك تسعى وراء الإثارة المسيطرة على السوق؟ الإجابة على هذا السؤال قد تكون حاسمة في تحديد مسار استثمارك ومستوى سعادتك ورضاك الشخصي.。
الخطوة التالية