تتزايد حوادث اختراقات العملات المشفرة بشكلٍ مقلق، حيث تتعرض التبادلات الرقمية لهجمات واسعة النطاق تؤدي إلى فقدان ملايين الدولارات. ومع ذلك، فإن الأثر الحقيقي لهذه الهجمات يظهر في القصص الإنسانية وراء الأرقام الضخمة التي تُفقد. ضحايا هذه الاختراقات هم ليسوا فقط أرقامًا على ورق، بل أشخاص حقيقيون يعانون من فقدان المال والضغوط النفسية الكبيرة التي تترتب على ذلك. في الأسبوع الماضي، تعرضت منصة Liquid Global، وهي إحدى منصات تبادل العملات المشفرة الشهيرة، لعملية اختراق أدت إلى خسارة قدرها 100 مليون دولار. ومن بين الضحايا كان كريس، وهو سائق سيارة أجرة من النمسا. يصف كريس تجربته المريرة قائلًا: "أنا أشعر بالقلق طيلة الوقت. أتحقق من هاتفي باستمرار لأرى إذا ما كان هناك أي تحديثات. قد أفقد تقريبًا 2500 يورو، وهذا مبلغ كبير بالنسبة لي". كريس كان يخطط لاستخدام هذا المال لشراء سيارة جديدة، وهو الآن في موقف صعب بعد أن أدى الاختراق إلى تجميد أمواله. في إندونيسيا، تعاني دينا، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 27 عامًا، من صدمة كبيرة بسبب اختراق المنصة. تقول: "لدي حوالي 30,000 دولار، وأحتاج هذا المال للعيش. أشعر بالغضب من القراصنة والقلق بشأن مستقبلي". لقد تساءلت كيف ستدبر أمور عائلتها بعد فقدان هذا المبلغ الكبير من المال الذي اعتمدت عليه في حياتها اليومية. قصص كتلك تتكرر في جميع أنحاء العالم. طبيب نرويجي، يبلغ من العمر 42 عامًا، يبذل قصارى جهده للتركيز في عمله، ولكنه يجد صعوبة في ذلك لأنه قد يفقد مدخراته التي بنى عليها الكثير من أحلامه. يبلغ رصيده في Liquid Global 969,000 يورو. يعبر عن قلقه، قائلًا: "بصراحة، توتر مستوى قلقك سيصل إلى مستوى 8 من 10. أفكر في الأمر باستمرار". في سيدني، الأثر النفسي للاختراق قد نتج عنه ضغوط كبيرة على أسر الضحايا. يروي جيمس قصة والديه، اللذين تمت إعاقة أموالهما بسبب الاختراق وظلوا في حالة من الذعر قبل أن يبيعوا بسرعة بأسعار منخفضة. "لم يكن لديهم أي فكرة عما يحدث، وعندما علموا، كانوا يشعرون بأنهم مضطرون للبيع للخروج من الوضع. فقدوا حوالي 10,000 دولار". تعتبر منصات التبادل مثل Liquid Global جزءًا حيويًا من عالم العملات المشفرة المتنامي، فهي تتيح للمستخدمين شراء وبيع العملات الرقمية، ولكن لا يوجد ضمان حقيقي على سلامة هذه المنصات. مع تزايد عدد المستثمرين في العملات المشفرة، يبرز السؤال: هل منصات التبادل آمنة؟ في الواقع، قد تتعرض هذه المنصات للهجمات بشكل متكرر، كما أنها ليست منظمة بشكل كافٍ كما هو الحال في النظام المصرفي التقليدي. منذ عام 2014، استحوذ الهاكرز على ما يقدر بحوالي 1.6 مليار جنيه إسترليني من الأموال المودعة على منصات التداول. ومع وجود ثغرات أمنية كبيرة، يُخشى الكثير من المستثمرين من أن يتعرضوا لفقدان أموالهم. ومن التجارب السابقة، نجد أن أكبر عمليات الاختراق تضمنت خسائر هائلة، مثل اختراق منصة BitGrail الإيطالية التي فقدت 146 مليون دولار في عام 2018. الرد على هذه الهجمات الأولية غالبًا ما يكون غير كافٍ. فقد تعرضت Poly Network لاختراق أدّى إلى فقدان 610 ملايين دولار، ورغم أن القراصنة أعادوا الأموال فيما بعد، إلا أن الكثير من المستخدمين لا يزالون في حالة من الرعب والخوف بسبب عدم وجود آليات مناسبة لتعويضهم عند حدوث اختراقات مستقبلية. تشير التعليقات إلى أن الفجوة بين النظام المصرفي التقليدي ونظام العملات المشفرة هي الأوسع في مجال الأمان. في النظام المصرفي التقليدي، يتمتع العملاء بقدر كبير من الحماية، ويتم تعويضهم في حالة حدوث اختراق، بينما في عالم العملات المشفرة، يُترك الأفراد للمعاناة بمفردهم. هذه الفجوة تزيد من الضغوط النفسية على المستخدمين الذين يكتشفون أن استثماراتهم يمكن أن تتبخر بين ليلة وضحاها. تتجلى الحاجة الملحة إلى تنظيم أكبر لهذا السوق الذي لا يزال جديدًا ومتغيرًا. يقول الخبراء إن هناك حاجة ماسة إلى مراجعات أمنية شاملة وخطط تعويض مضمونة لحماية المستثمرين. ولكن من الصعب تنظيم هذا القطاع، حيث أن الطبيعة المفتوحة للتكنولوجيا التي تعتمد عليها العملات المشفرة تجعلها عرضة لمزيد من المخاطر. وبينما تعود المناقشات حول الأمان والتعويضات إلى الواجهة، يبقى الضحايا في حياة مجهولة. إنهم يعيشون مع الخوف من المستقبل وما قد يحمله من فقدان للأمن المالي. إن القصص الإنسانية وراء الاختراقات تبرز أن هناك حاجة ماسة لتحسين الأمان والشفافية في سوق العملات المشفرة، فالبشر هم من يدفعون ثمن عدم كفاءة منظمات التبادل. تظهر الأحداث الأخيرة أن نطاق الأمان في عالم العملات المشفرة يمكن أن يشكل تحديًا كبيرًا للمستثمرين العاديين، وتجعل من الضروري إيجاد حلول فعّالة تضمن حماية أموالهم. فهل سيتحرك صناع القرار لتحسين الواقع المرير الذي يعيشه المستثمرون في هذا العالم رقمي الشرس؟ تظل الإجابة معلقة في الهواء، وسط قلق متنامٍ بشأن المستقبل.。
الخطوة التالية