تعتبر قضية "سرقة القرن" في العراق واحدة من أكثر الموضوعات إثارة للجدل في الأوساط السياسية والاقتصادية خلال الفترة الأخيرة. فقد تمكنت مجموعة من الشخصيات المؤثرة من تنفيذ عملية اختلاس ضخمة، أثارت الشكوك حول ممارسات الفساد في الدولة. يسلط تحليلات الخبراء الضوء على هذه الشخصيات وعلاقتها بالأحداث التي شهدها العراق. في عام 2021، أثيرت ضجة كبيرة حول اختفاء حوالي 2.5 مليار دولار من الأموال العامة من وزارة المالية العراقية. وقد أشار المحللون إلى أن هذه الأموال تم تحويلها بطريقة غير قانونية، وأن هناك شبكة مترابطة من الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الجريمة. يشير بعض المحللين إلى أن المخطط قد أعد بعناية، ويعكس الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة. تعود جذور هذه القضية إلى ممارسات الفساد الطويلة الأمد في العراق، حيث تفشى الفساد في جميع مستويات الحكومة منذ الغزو الأمريكي عام 2003. لكن "سرقة القرن" تُعتبر نقطة تحول، حيث أن المبالغ المسروقة تمثل جزءًا كبيرًا من الميزانية العامة للعراق، وهو ما يزيد الأمور تعقيدًا. إحدى الشخصيات الرئيسية التي تم ذكرها في هذا السياق هي "صالح المهري"، وهو مسؤول حكومي سابق يتهم بأنه كان له دور مباشر في توجيه الأموال وإصدار التعليمات التي ساعدت في تسهيل عملية السرقة. ووفقًا للتحقيقات، يُعتقد أن المهري كان على ارتباط وثيق بجماعات سياسية معينة، مما يطرح تساؤلات حول مستوى الحماية التي يتمتع بها. علاوة على ذلك، تم استدعاء أسماء أخرى بارزة في الساحة السياسية، من بينهم نواب حاليون وسابقون، بالإضافة إلى موظفين كبار في وزارة المالية. يبدو أن هؤلاء الأشخاص قد استغلوا مناصبهم للتلاعب في الأنظمة المالية وإخفاء عمليات التحويل النقدي غير القانونية، ما يعكس عمق الفساد في أجهزة الدولة. الرأي العام يعتبر أن هذه الأزمة تبرز الحاجة الملحة لإصلاحات شاملة في النظام الإداري والمالي في العراق. ويشير الخبراء إلى أن قضايا الفساد المستشرية تهدد استقرار الدولة، وهي سبب رئيسي للتظاهرات الشعبية التي شهدها العراق في السنوات الأخيرة. يعبر المواطنون عن استيائهم من تدهور الخدمات العامة وارتفاع معدلات البطالة، وهو ما يزيد من غضبهم تجاه الحكومة. بالتوازي مع ذلك، بدأت السلطات العراقية تحقيقات رسمية في القضية، حيث تم تشكيل فرق عمل مختصة لمتابعة عمليات التحويل المالي والبحث عن الجهات المتورطة. ومع ذلك، يبقى التساؤل قائمًا حول مدى جدية الحكومة في محاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة. في الوقت الذي يتحدث فيه الخبراء عن الخطوات اللازمة للتصدي للفساد، يرى البعض أن هناك مقاومة من بعض القوى السياسية التي تستفيد من الوضع الحالي، وتعارض أي محاولة لإصلاح النظام. بحسب المحلل السياسي "أحمد العزاوي"، فإن التدخلات السياسية تعيق أي جهود حقيقية لمكافحة الفساد، وتستمر حلقات الفساد في الدوران بشكل متكرر دون أي رادع. هناك أيضًا دعوات من منظمات المجتمع المدني إلى إجراء تغييرات جذرية في كيفية إدارة الأموال العامة وتعزيز الشفافية. يعكف النشطاء على تشكيل حركات شعبية للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الفساد، وفي نزاع واضح مع القوى التقليدية التي حكمت البلاد لسنوات. باختصار، تمثل "سرقة القرن" أكثر من مجرد قضية مالية؛ إنها تجسد أزمة أعمق تتعلق بالفساد وسوء الإدارة في العراق. ومع انكشاف الأسماء المتورطة، يتجه الانتباه نحو مستقبل البلاد وإمكانية تحقيق الإصلاحات المطلوبة. يبقى أن نرى ما إذا كانت الحكومة الحالية ستتمكن من اتخاذ خطوات فعالة لاستعادة الأموال المسروقة وتقديم المتورطين إلى العدالة، أم ستستمر الدائرة المغلقة للفساد في الاستمرار. في ضوء الوضع الحالي، يبدو أن المواجهة مع الفساد ستكون اختبارًا حقيقيًا لإرادة الحكومة وشجاعة الشعب العراقي في مواجهة التحديات. يتطلع المواطنون إلى تحقيق العدالة واستعادة حقوقهم، في وقت يكتنف فيه الغموض مستقبل البلاد.。
الخطوة التالية