في ظل تزايد الضغوطات التنظيمية التي تلاحق صناعة العملات الرقمية، أعرب السيناتور بيل هاجرتي عن قلقه العميق حول البيئة التنظيمية الحالية في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنها تدفع بشركات التشفير إلى البحث عن فرص في الأسواق الخارجية. وقد أكد هاجرتي في تصريحات له أهمية إجراء المزيد من جلسات الإشراف مع رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، غاري جينسلر، لمناقشة اللوائح الحالية وآثارها على الابتكار والنمو في هذا القطاع الدينامي. تشهد صناعة العملات الرقمية تحولًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، حيث تتزايد الدعوات من كل جانب إلى ضرورة وجود إطار تنظيمي واضح وعادل يلبي احتياجات القطاع ويضمن حماية المستثمرين في الوقت ذاته. ومع ذلك، فإن العديد من الشركات التي كانت تأمل في النمو والتوسع في السوق الأمريكية تواجه صعوبات كبيرة نتيجة للغموض والتعقيد الذي يحيط باللوائح الحالية. يعتقد هاجرتي أن الظروف السلبية التي تميز المشهد التنظيمي في الولايات المتحدة تعكس فشلًا في التعامل مع الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية. حيث قال: "إن البيئة الحالية ليست مواتية لشركات التشفير، مما يدفعها إلى البحث عن ملاذات أكثر أمانًا في الأسواق الخارجية". وقد أعرب أيضًا عن أمله في أن تساعد جلسات الاستماع المستقبلية مع جينسلر في تسليط الضوء على القضايا الملحة التي تواجه هذه الصناعة. يشير المحللون إلى أن الجهود التنظيمية المتزايدة تتجاوز مجرد حماية المستثمرين، بل تعتبر أيضًا محاولة للحفاظ على الهيمنة الأمريكية في مجال الابتكار التكنولوجي. ففي الوقت الذي تستعد فيه العديد من الدول الأخرى، مثل سنغافورة وسويسرا، لتبني لوائح أكثر ملاءمة تشجع الابتكار، يبدو أن الولايات المتحدة تفقد قبضتها على أحد أسرع الأسواق نموًا في العالم. تنظر بعض الشركات الناشئة في سوق التشفير في خيارات الانتقال إلى دول تتمتع بإطارات تنظيمية أكثر تساهلاً، وهو ما قد يضر بشكل كبير بنمو الوظائف والاستثمار في الولايات المتحدة. في هذا السياق، قال هاجرتي: "إذا استمر هذا الاتجاه، فسنجري محادثات حول كيف يمكننا استعادة هذه الشركات، وكيف يمكننا خلق بيئة أكثر جاذبية لاستثمار الشركات الإبداعية". تُعتبر جلسات الإشراف مع غاري جينسلر خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث ستتيح فرصة لمناقشة كيفية تحقيق التوازن بين توفير حماية للمستثمرين وتشجيع الابتكار. حيث ينتقد العديد من المشاركين في الصناعة جينسلر بسبب سياساته التي تُعتبر صارمة، ويأملون أن تسهم المناقشات في إحداث تغيير. على صعيد آخر، تُشير بعض التقارير إلى أن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) تمتلك بالفعل أحد أكثر الأنظمة عسرًا في العالم. إذ يعاني المستثمرون والشركات من نقص الوضوح حول كيفية تطبيق هذه اللائحة وما يُعتبر مضاربة أو استثمارًا قانونيًا. من المعروف أن بعض الشركات تتعامل مع لجنة الأوراق المالية والبورصات في استمرار بشأن تفسير القوانين القائمة، مما أدى إلى زعزعة الثقة في إمكانية عملهم في الولايات المتحدة. بدوره، أعرب جينسلر عن التزامه بجعل السوق أكثر أمانًا، لكنه أكد أيضًا على أهمية التوازن بين حماية المستثمرين وتعزيز الإبداع في التكنولوجيا المالية. وقد صرح أنه يتطلع إلى التحاور مع جميع الأطراف المعنية لضمان أن تكون القوانين مُعَدَلة لتلبية احتياجات المستقبل. وفي ذات السياق، بدأت بعض الشركات الكبرى النظر في فتح مكاتب إقليمية في الدول التي توفر بيئات تنظيمية أكثر ليونة. إذ تتحرك شركات مثل "كوين بيس" و"بينانس" لتوسيع عملياتها خارج الولايات المتحدة وسط مخاوف من تفاقم الضغوطات التنظيمية. مع تزايد الأصوات المطالبة بتوفير إرشادات واضحة وتخفيف القيود، يتعين على الجهات التنظيمية التفكير في تدابير مرنة تسهم في تعزيز الابتكار والتنمية الاقتصادية، مع الحفاظ على الأمان والاستقرار في الأسواق. إذ بات من الواضح أن تأثير السياسات الحالية قد يتجاوز حدود صناعة العملات الرقمية، مما يؤثر على مكانة الولايات المتحدة كمركز عالمي للابتكار التكنولوجي. في ختام المطاف، يجسد تعليق السيناتور هاجرتي والآثار السلبية التي تشهدها صناعة التشفير، ضرورة وجود حوار مفتوح بين الجهات التنظيمية والصناعية. إن تحقيق توازن بين حماية المستثمرين وتحفيز الابتكار هو التحدي الأكبر الذي يجب التعامل معه بشكل عاجل. فمع تزايد النمو والابتكار في عالم العملات الرقمية، سيكون من المحوري للولايات المتحدة أن تتبنى إطارًا تنظيميًا يتسم بالمرونة والذكاء، بما يضمن استمرارها في صدارة المجال التكنولوجي العالمي. وفي غياب مثل هذا التوجه، يبدو أن الصناعة ستستمر في مواجهة حالة من عدم اليقين، في الوقت الذي قد يتجه فيه الابتكار والاستثمار إلى أماكن أخرى، تاركًا الولايات المتحدة في وضع قد لا تحسد عليه على المدى البعيد.。
الخطوة التالية