تمثل تقنية جمع الأموال من خلال الحشود أو ما يعرف بـ"تمويل الأسهم الجماعي" أحد التطورات الحديثة التي أثرت على كيفية تمويل المشاريع والشركات الناشئة. منذ ظهورها، تحولت هذه الوسيلة إلى بديل موثوق للتقنيات التقليدية في جمع رأس المال، مما أتاح الفرصة للعديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة للتركيز على النمو والتوسع. ما هو تمويل الأسهم الجماعي؟ يمكن تعريف تمويل الأسهم الجماعي بأنه عملية يقوم فيها أصحاب المشاريع والشركات الناشئة بجمع الأموال من عامة الناس مقابل حصص ملكية في هذه الشركات. على عكس مصادر التمويل التقليدية مثل المستثمرين الملائكة أو رأس المال المخاطر، يمنح هذا النوع من التمويل الفرصة لأي شخص للاستثمار في المشاريع التي يعتقدون بأنها ستنجح. بدأت هذه الظاهرة تتسارع في أستراليا منذ عام 2018، عندما تم إصدار أولى التراخيص الخاصة بها، حيث ظهرت 426 عرضًا لتمويل الأسهم، وجمعت أكثر من 315 مليون دولار أسترالي. يتضمن هذا التمويل أيضًا مجموعة من اللوائح التي تهدف إلى حماية المستثمرين وضمان الشفافية في العملية. كيف يعمل تمويل الأسهم الجماعي؟ يعمل تمويل الأسهم الجماعي بشكل مشابه للطروحات العامة الأولية، ولكن مع اختلافات رئيسية. من حيث الإجراءات، يجب على كل شركة ترغب في جمع الأموال إعداد مستند عرض وتقديمه عبر منصات متخصصة مثل "بيرشال" و"إكويتيز". هذه المنصات تكون مرخصة من قبل هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية، وتساهم في ضمان أن يتلقى المستثمرون كافة المعلومات اللازمة لتقييم استثمارهم. يتم تنظيم حملة تمويل الأسهم الجماعي عادةً على مرحلتين. المرحلة الأولى تُعرف بمرحلة "إبداء الاهتمام" التي تستمر عادةً من ثلاثة إلى أربعة أسابيع، حيث يحصل أصحاب الشركات على فكرة عن اهتمام السوق بعرضهم. في هذه المرحلة، يمكن للمستثمرين المحتملين معرفة المزيد عن الشركة وطرح أسئلتهم. أما المرحلة الثانية فهي الحملة الرسمية، التي تتم عادةً خلال فترة تتراوح من أسبوعين إلى أربعة أسابيع. يتضمن ذلك عرض الأسهم على المستثمرين، سواء كانوا من الأفراد أو من الشركات. خلال الحملة، يتم تحديد فترة زمنية يجب على المستثمرين الالتزام بها، وعادةً ما تكون هذه الفترة عدة أسابيع كحد أعلى، مع تحديد أهداف جمع الأموال. درجة المخاطر يعتبر الاستثمار عبر تمويل الأسهم الجماعي استثمارًا عالي المخاطر. تميل معظم الشركات التي تسعى لجمع الأموال عن طريق هذا الأسلوب إلى أن تكون في مراحلها الأولى، مما يعرضها لمخاطر النجاح والفشل. لذلك، من المهم للمستثمرين أن يكون لديهم استراتيجية استثمارية واضحة وأن diversificere من محفظتهم لتقليل المخاطر. لضمان حماية المستثمرين، وضعت القوانين الأسترالية بعض القيود، مثل تحديد سقف للاستثمار بحيث لا يمكن لأي مستثمر عادي أن يستثمر أكثر من 10,000 دولار في شركة واحدة خلال عام. كما أن الشركات لا يمكنها جمع أكثر من 5 ملايين دولار في عام واحد من خلال هذا النظام. الفوائد والعيوب مثل أي نوع من الاستثمارات، يأتي تمويل الأسهم الجماعي مع مجموعة من الفوائد والعيوب. من بين الفوائد: تسهيل الوصول إلى رأس المال: يعتبر هذا النوع من التمويل خيارًا رائعًا للشركات الناشئة التي تعاني من صعوبة جذب المستثمرين التقليديين. قاعدة مستثمري أوسع: من خلال تمويل الأسهم الجماعي، يمكن لكل من الشركات وشراحها إتاحة الفرصة لعدد أكبر من الناس للاستثمار والمساهمة في نمو الأعمال. توليد تسويق مجاني: يمكن أن يساعد جمع الأموال من الجمهور الشركات في الحصول على تسويق مجاني وزيادة الوعي بعلامتهم التجارية. فرص عوائد مرتفعة: على الرغم من أن الشركات الناشئة تحمل مخاطر عالية، فإن نجاحها قد يؤدي إلى عوائد مالية كبيرة. ومع ذلك، تتضمن العيوب: تخفيف الأسهم: يمكن أن تؤدي عمليات جمع الأموال في المراحل المبكرة إلى تخفيف كبير في حصص الملكية، مما يجعل المستثمرين الحاليين معرضين لخطر فقدان السيطرة. مخاطر الفشل العالية: احتمالية فشل الشركات الناشئة تظل مرتفعة، مما يعني أن الأرباح ليست مضمونة. استثمار غير سائل: حاليًا، لا توجد وسيلة منظمة للبيع أو تحويل الأسهم المشتراة عبر منصات التمويل الجماعي، إلا من خلال الطروحات العامة أو عمليات الشراء. منصات التمويل الجماعي في أستراليا على الرغم من أن أستراليا قد بدأت في تبني فكرة التمويل الجماعي بشكل متأخر نسبياً مقارنة بدول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلا أن الدولة حققت نجاحًا سريعًا في هذا المجال. تعتبر منصات مثل "بيرشال" و"أون ماركت" من بين المنصات الرائدة، حيث تستحوذ على اللجوء الأكبر من المستثمرين ورؤوس الأموال. في السنة المالية 2023-2024، تم جمع حوالي 64.5 مليون دولار من 35,000 مستثمر. تسير هذه الصناعة على مسار نمو ثابت، حيث يُظهر التقرير الأخير لـ"بيرشال" أن عدد الصفقات قد زاد بنسبة 16% مقارنة بالسنوات السابقة. في الختام، يعتبر تمويل الأسهم الجماعي وسيلة تمويل مبتكرة ومثيرة للاهتمام تعكس التحولات في عالم الأعمال. إنها تتيح للشركات الصغيرة والمتوسطة الفرصة لجمع الأموال من جمهور واسع، بينما توفر للمستثمرين فرصًا جديدة للاستثمار في الأفكار والرؤى الجديدة. على الرغم من المخاطر المرتبطة بها، فإن القوانين والتحوطات الموضوعة تساعد في تقليل هذه المخاطر وتعزيز ثقة المستثمرين.。
الخطوة التالية