منذ فترة ليست ببعيدة، انطلقت مبادرة جديدة تهدف إلى تعزيز التعليم الرقمي في جميع أنحاء العالم، وتحديداً في المجتمعات النائية والتي تفتقر إلى البنية التحتية المناسبة. هذه المبادرة تأتي من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، والمعروفة بجهودها الحثيثة في تحسين حياة الأطفال في جميع أنحاء العالم. تحت عنوان "جيغا"، تهدف هذه المبادرة إلى توفير الوصول إلى خدمات الإنترنت، مما يسهم في تحسين التعليم وخلق فرص جديدة للأطفال والشباب. تمثل مبادرة "جيغا" شراكة بين "يونيسف" وعدد من المنظمات غير الحكومية والشركات العالمية، والتي تسعى جميعها إلى القضاء على الفجوة الرقمية التي تعاني منها الكثير من الدول النامية. إن الهدف الرئيسي يكمن في تأمين اتصال إنترنت موثوق لكل طفل، وخاصة في المناطق التي تعاني من قلة الموارد. في ضوء الأزمات المتكررة التي شهدها العالم، فقد أصبح التعليم عن بُعد أمرًا حتميًا، مما زاد الحاجة إلى وجود اتصال إنترنت مستقر. تعتبر هذه المبادرة استجابة مباشرة للتحديات التي تواجهها الأنظمة التعليمية في العديد من الدول، حيث تؤكد الدراسات أن أكثر من 1.5 مليار طفل متأثرون بجائحة كورونا، وقد انخفضت فرص التعليم بشكل كبير في جميع أنحاء العالم. لذلك، يسعى مشروع "جيغا" إلى إعادة بناء هذا النظام من خلال توفير إمكانية الوصول إلى المعلومات والمحتوى التعليمي الذي يحتاجه الطلاب للتعلم والتطور. تتضمن رؤية "جيغا" خطوات عدة لتحقيق أهدافها، أولها هو إجراء تقييم شامل للبنية التحتية الحالية لشبكات الإنترنت في البلدان المستهدفة. ومن ثم، تقوم الفرق المعنية بتطوير خطط عمل مخصصة تساعد على تحسين هذه البنية التحتية، بما يتماشى مع احتياجات المجتمعات المحلية. ولتحقيق ذلك، يتم التعاون مع الحكومات المحلية والمجتمعات لتعزيز الوعي بأهمية التعليم الرقمي وتشجيع الاستثمار في هذه المجالات. في إطار ذلك، تهدف "يونيسف" إلى جمع التمويل اللازم للمبادرة، وهذا يتطلب شراكات مع القطاع الخاص وكذلك مع البلدان المانحة. تسعى "يونيسف" إلى جذب استثمارات من الشركات الكبرى في مجال التكنولوجيا والاتصالات، حيث تلعب هذه الشركات دورًا كبيرًا في تحويل رؤى المبادرة إلى واقع ملموس. لقد شهد العالم مؤخرًا تقدمًا ملحوظًا في مجالات التكنولوجيا، وهذه المبادرة توفر فرصة لتعزيز جهود الابتكار والتطور في الدول النامية. على الرغم من التحديات الكبيرة، تبقى "يونيسف" مصممة على المضي قدمًا، حيث تشير التقارير إلى أن التحديات المذكورة يمكن التغلب عليها عبر الاستثمار الجيد والتخطيط الاستراتيجي. إن وجود شبكة إنترنت قوية في comunidades المستهدفة سيساهم في تحسين مستوى التعليم وبناء قدرات الطلاب. كما سيساعد على فتح آفاق جديدة لهم، سواء في مجال التعليم أو في سوق العمل في المستقبل. من جهة أخرى، ليس فقط الأطفال هم المستفيدون من هذه المبادرة. بل إن العائلات والمجتمعات ككل ستستفيد من تحسين الاتصال، حيث أن الوصول إلى الإنترنت يمكن أن يتيح الفرص للأمهات للبحث عن معلومات صحية وتعليمية، وللشباب لبدء أعمالهم التجارية الخاصة أو تطوير مهاراتهم. كما أن "جيغا" تهدف إلى أهمية إدماج تنمية القدرات المحلية في استراتيجيتها. حيث يتم تدريب المعلمين والمربين على استخدام وسائل التعليم الرقمية بشكل فعال، مما يسهم في تحسين جودة التعليم. وستكون تقنيات التعليم الجديدة متاحة للجميع، مما يعزز من قدرة الطلاب على التأقلم مع المتغيرات المتسارعة في عالم اليوم. إحدى الركائز الأساسية لمبادرة "جيغا" هو تعزيز التعاون والشراكات العالمية. فالشراكات مع المنظمات غير الحكومية، والشركات الخاصة، والهيئات الحكومية تؤمن توفر الموارد والاستدامة الضرورية للمشروع. إن تحقيق الأهداف المرجوة يتطلب تكاتف الجهود وتوجيه الاستثمارات إلى المناطق الأكثر احتياجًا. إن النجاح في تحقيق أهداف "جيغا" سيمكن "يونيسف" من وضع خريطة طريق واضحة لتنفيذ المبادرات التعليمية المستقبلية، وتعزيز الابتكارات التقنية التي تعود بالفائدة على المجتمعات الضعيفة. كما سيفتح هذا البرنامج أمام صناع القرار في البلدان النامية المجال للاستثمار في تلك الابتكارات، وبالتالي تحسين نوعية الحياة للعديد من الناس. في النهاية، تعتبر مبادرة "جيغا" فرصة حقيقية لمستقبل أفضل للأطفال في شتى أنحاء العالم. مع التمويل الملائم والشراكات الاستراتيجية، يمكن تحقيق نتائج رائعة تعود بالنفع على الأجيال المقبلة. "يونيسف" تلعب هنا دورًا حيويًا كحلقة وصل بين جميع الأطراف المعنية، لتقديم دعمها الفعال والمستنير في هذا المشوار الطويل نحو تعزيز التعليم وضمان مستقبل مشرق للأطفال.。
الخطوة التالية