رفض قاضي المحكمة الفدرالية في نيويورك محاولة الرئيس السابق دونالد ترامب الثانية لنقل قضيته المتعلقة بمبلغ المال الذي تم دفعه لعارضة الأزياء ستورمي دانيلز من المحكمة المحلية إلى الفيدرالية. تأتي هذه الخطوة بعد أن تم العثور على ترامب مذنباً بجميع التهم الموجهة له، والتي تشمل 34 تهمة تتعلق بتزوير السجلات التجارية، وذلك فيما يتعلق بمبلغ المال المدفوع من أجل تعزيز فرصته الانتخابية في الانتخابات الرئاسية لعام 2016. في حكمه، صرح القاضي ألفين هيلرشتاين بأن القضية تتعلق بأفعال غير رسمية وخاصة، ولا تستحق تحويلها إلى المحكمة الفيدرالية. وأوضح القاضي أن ما تم دفعه من أموال لا يدخل في نطاق السلطة التنفيذية للرئيس، وهو ما كان أحد أبرز الحجج التي استند إليها فريق الدفاع عن ترامب في طلبهم لنقل القضية. تاريخيًا، يُعتبر هذا القرار حلقة جديدة في مسلسل التوترات القانونية التي يواجهها ترامب منذ مغادرته البيت الأبيض. إذ تعود القضية إلى ما حدث قبل الانتخابات الرئاسية السابقة، عندما تم دفع مبلغ 130 ألف دولار لدانييلز، مقابل سكوتها عن علاقة زعم فيها ترامب أنه أقامها معها. هذه القضية أثارت جدلاً واسعاً بين مؤيديه ومعارضيه، وباتت موضوعاً رئيسياً في مشهد السياسة الأمريكية. يسعى ترامب من خلال محاولة نقله للقضية إلى المحكمة الفيدرالية إلى كسب الوقت وتأجيل إجراءات المحاكمة، خاصة مع اقتراب موعد sentencing، والذي هو مقرر في 18 سبتمبر. ومن الملاحظ أنه قد حاول من قبل أيضًا نقل القضية إلى الفيدرالية، ولكن محاولته السابقة كانت قد قوبلت بالرفض أيضًا. يعود ذلك على ما يبدو إلى القلق من الغموض الذي يكتنف الامتيازات الرئاسية والحماية القانونية التي قد توفرها المحاكم الفيدرالية. قال محامي ترامب إن العملية القانونية تُعتبر مجهدة، محملاً الادعاء مسؤولية التأخيرات. ومع ذلك، تؤكد النيابة العامة، على لسان ممثلها، أن المحاكمة لم تتعرض إلى أي تأخير نتيجة إجراءاتهم، وأن القضايا المعقدة مثل هذه تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين. وأشاروا إلى أن ترامب ليس في وضع يسمح له بالمطالبة بالتأخير، وأن كل ذلك هو نتيجة لاستراتيجياته القانونية. بينما تعقد المحاكمة، لا يزال ترامب يستعد لحملته الانتخابية لعام 2024. ولكن هذه القضايا القانونية قد تحول دون تركيزه الكامل على الحملة الانتخابية، الأمر الذي قد يؤثر سلبياً على استجابته لطلب ناخبيه. إذ يتطلب من ترامب تقديم أفضل أداء ممكن والعمل على استجداء دعم ناخبيه مع وجود ظلال هذه القضايا القانونية المستمرة. ترامب الذي يدعي أنه ضحية لحملة سياسية ضده، يستخدم مشهد القضايا القانونية كوسيلة لتعزيز صورته بين مؤيديه في الحملات الانتخابية. في عدة مناسبات، صرح بأن هذا الأمر مجرد جزء من "مطاردة الساحرات" التي تستهدفه. وفي الوقت الذي يسعى فيه إلى تجميع الدعم، يستمر في مواجهة صعوبات قانونية قد تؤثر على استراتيجياته. المراقبون يقولون إن القضايا التي يواجهها ترامب ليست مجرد تحديات قانونية، بل تعكس أيضاً الصراع السياسي الشائك في الولايات المتحدة. فالمحاكمات ليس لها تأثير مباشر على حياته السياسية فحسب، بل تلقي بظلالها الثقيلة على مستقبل الحزب الجمهوري ومدى تأييده لترامب. فهل سيظل ترامب قادرًا على قيادة الحزب، أم ستتجه الأنظار نحو مرشحين آخرين قد يرون في هذه الظروف فرصة للتقدم. المفارقة الرئيسية في القضية هي أن ترامب قائد للموقف، حتى في خضم القضايا القانونية التي تواجهه. فقد نجح في السيطرة على جزء كبير من الحوار السياسي، حيث يُعتبر كل تحديث في قضيته دليلاً على استمرارية الجدل حول صعوبات التوافق ودور القانون في السياسية. في الختام، يبدو أن الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد بالنسبة لترامب وتلك القضايا. فالمحكمة الفيدرالية ترفض طلباته، ومن المتوقع أن تزداد الاجرات القانونية تعقيداً. والآن، بينما يمتلك ترامب قاعدة دعم كبيرة، فإن تلك القضايا ستظل تتفاعل بشكل مستمر مما يتيح لمراقبي الوضع السياسي الأمريكي تسليط الضوء على كيفية تأثيرها على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. في لحظة حاسمة كتلك التي يمر بها ترامب، سيبقى النظر نحو المستقبل مفتوحاً. فهل سيتمكن من التغلب على هذه التحديات القانونية؟ لتحقيق النجاح في مسعاه للعودة إلى البيت الأبيض؟ أم ستنقلب تلك المحاكمات ضد استراتيجياته السياسية؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة عن هذه الأسئلة.。
الخطوة التالية