تستمر وول ستريت في الحفاظ على زخمها الإيجابي مع بقاء إشارات التداول على اللون الأخضر، حيث حققت مؤشرات البورصة الأمريكية انطلاقة قوية قبل عطلة نهاية الأسبوع تعطى نشوة للمتداولين والمستثمرين، الذين وجهوا عيونهم صوب تحركات السوق ونتائج البيانات الاقتصادية. تلك العوامل اجتمعت لتشكل لوحة من التفاؤل في أروقة وول ستريت. في يوم الجمعة، 30 أغسطس 2024، تمكن مؤشر داو جونز الصناعي من الارتفاع بنسبة 0.55% ليغلق عند 41,563 نقطة، مقترباً من أعلى مستوى له في اليوم السابق. ورغم أنه لم يتمكن من تجاوز مؤشرات التكنولوجيا الكبرى، إلا أن هذه الزيادة تعكس مدى التفاؤل الذي يسود السوق، خاصةً مع توقعات بتغيير سياسة الفائدة في المستقبل القريب. كما لم يغفل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الذي شهد زيادة بنسبة 1.01%، بينما سرعان ما تبعته ناسداك التكنولوجية بارتفاع بلغت نسبته 1.13%، مما يعكس حماس المستثمرين في الاستفادة من مكاسب التكنولوجيا. الأسبوع الذي شهد تلك المكاسب، جاء بعد فترة من الضغوطات الاقتصادية، حيث كانت السوق تتأرجح بين مخاوف الركود الذي كانت تعاني منه في بداية شهر أغسطس، إلا أن مؤشرات القدرة على التعافي عادت بسرعة. توضح البيانات الاقتصادية التي أصدرتها وزارة التجارة الأمريكية أن الإنفاق الاستهلاكي ارتفع بنسبة 0.5% في يوليو، وهو ما يُعتبر مؤشراً مهماً على قوة الاقتصاد، خاصةً مع أن الاستهلاك يشكل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة. المستثمرون والمحللون ينظرون الآن بترقب إلى اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المرتقب في سبتمبر، حيث ثمة انطباعات إيجابية من بعض الاقتصاديين حول إمكانية خفض أسعار الفائدة. وقد أشار البعض إلى أن الانخفاض المتسارع في معدلات التضخم قد يفتح المجال لتحقيق هذا الهدف. فقد شهدت الولايات المتحدة مؤشرات تدل على تراجع التضخم، حيث سجل مؤشر "PCE" الأساسي، وهو المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، انخفاضاً إلى 2.6%، في حين كان من المتوقع أن يرتفع ليصل إلى 2.7%. مع بقاء المستثمرين في حالة من التفاؤل، إلا أن هناك بعض التحديات التي تلوح في الأفق، ومن بينها تزايد الضغوط على قطاع الطاقة، حيث تراجعت أسعار النفط جراء تقارير تشير إلى نية أوبك+ التخطيط لمزيد من زيادة الإنتاج. هذا الضغط كان له تأثير واضح على أسهم شركات النفط الكبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل، حيث انخفضت أسهمهما بأكثر من 1.2%. على الجانب الآخر، جاءت الأنباء المتعلقة بشركة إنتل لتُعد خبراً هاماً في الأسواق، بعد أن ذكرت التقارير أنها تدرس خيارات متعددة، بما في ذلك احتمال تقسيم أقسام التصميم والإنتاج، مما ساعد على رفع أسهمها بنسبة 9.49%. جميع هذه التطورات تساهم في خلق بيئة نشطة تدعو المستثمرين إلى البحث عن فرص جديدة. ومع عدم استقرار معدلات التضخم، تأتي الأخبار حول تضاؤل التضخم في منطقة اليورو، حيث انخفضت نسبة التضخم إلى أدنى مستوياتها خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يعطي الفيدرالي الأوروبي كذلك مجالاً للتفكير في تخفيض معدلات الفائدة. فقد أظهرت الأرقام أن التضخم في ألمانيا انخفض إلى 1.9%، مما زاد من التوقعات بحدوث تغيير في سياسة الفائدة الأوروبية. لكن بينما يسود التفاؤل في وول ستريت، يظل شهر سبتمبر موضوع نقاش كبير بين المحللين، حيث يُعرف بأنه أحد أحدث الشهور في تقويم البورصة. برغم ذلك، يبدو أن هناك دوافع جديدة تُعزز الاستثمارات، حيث أشار العديد من المستثمرين إلى رغبتهم في عدم تفويت الفرص المتاحة. الحديث لم يقتصر فقط على الأرقام والإحصائيات، بل امتد إلى استراتيجيات جديدة تبنتها الشركات الكبرى مثل فولكس فاجن التي أطلقت علامة تجارية جديدة للمعدات الخاصة بالرحلات البرية، حيث تسعى إلى تمديد نطاق خدماتها في السوق المتزايد. هذا وقد شهدت أسواق الأسهم الألمانية تصحيحاً طفيفاً، حيث أغلق مؤشر DAX عند مستوى 18,906 بعدما تجاوز 18,970 في وقت سابق. ورغم ذلك، لا يزال يرسم نهاية شهر أغسطس بشكل إيجابي، حيث تُظهر الأرقام مضاعفات الأرباح منذ بداية الشهر. ومع مضي الزمن، فإن الأرقام تتحدث عن نفسها: DAX زاد بنسبة 2.2%، مما يجعله في وضع تنافسي مع المؤشرات الأخرى. في النهاية، إن الوضع الحالي في وول ستريت يشير إلى عدم اليقين الدائم الذي يحيط بالأسواق المالية، إلا أن التفاؤل والرغبة في الاستثمار لا يزالان يسودان المشهد. وفيما تستعد الأسواق لتحديات جديدة، يبقى الأمل في أن تستمر المؤشرات الخضراء في التألق، مما يعكس نجاحات الاقتصاد الأمريكي وقدرته على التعافي والنمو في وجه التحديات.。
الخطوة التالية