تُعتبر بيتكوين واحدة من أبرز الابتكارات المالية في القرن الحادي والعشرين، حيث ظهرت لتشكل ثورة حقيقية في عالم النقود وأساليب التداول. ومع بدء الأشخاص والمستثمرين في مختلف أنحاء العالم في فهم فوائدها وخصائصها، يبقى السؤال: هل نحن في مرحلة مبكرة من اعتماد بيتكوين؟ يسلط هذا المقال الضوء على تحليل موضوعي حول مستويات اعتماد بيتكوين والبيانات المتعلقة بها. يُعرَف اعتماد بيتكوين بأنه مدى استخدام الأفراد والمؤسسات لهذه العملة الرقمية. ومع تزايد الحديث عن بيتكوين، تتعدد الآراء حول كيفية قياس عدد مستخدميها ومدى انتشارها. يعتمد هذا القياس على مجموعة من المعايير التي تتعلق بكيفية تعريف "مستخدم البيتكوين" وطرق استطلاع البيانات. بالنظر إلى بيانات عام 2022، تتراوح التقديرات حول عدد مستخدمي بيتكوين من 200 إلى 800 مليون مستخدم. تشمل هذه الأرقام الناس الذين يمتلكون أي كمية من هذه العملة، سواء أكانوا قد استثمروا بكميات كبيرة أو مجرد أموال رمزية. تتضمن هذه الحسابات مستخدمي المنصات المختلفة والتجار الذين يستعملون عملة بيتكوين لشراء وبيع السلع. لكن من المهم التفرقة بين أنواع مختلفة من المستخدمين. فهناك المستخدمون المهتمون بشكل عابر، والذين يمكن أن يُعرَفوا بأنهم الأشخاص الذين يمتلكون بيتكوين بشكل غير جدي. يتبعهم المستخدمون الذين يستثمرون في بيتكوين بشكل منتظم، والذين يعتبرونها أداة للأرباح المالية. أما الفئة الأكثر تفاعلاً فهي "المستخدمون الثقيلون"، الذين يمتلكون نسبة كبيرة من ثروتهم في بيتكوين، وينفذون معاملات بشكل متكرر. تعتمد معايير قياس عدد المستخدمين على أسس مختلفة. يثير الجدل حول ما إذا كان يتم حساب أولئك الذين يحتفظون بيتكوين في منصات التداول مقابل من يحتفظون بها في محافظ خاصة، وكيفية التعامل مع العناوين على شبكة بيتكوين. هل يجب أن نعتبر كل من لديه عنوان بيتكوين مستخدمًا، أم أن هناك حدًا معينًا من الملكية يجب بلوغه؟ يشير العديد من المحللين إلى أن اعتماد بيتكوين يسير على منحنى يشبه تقنية الإنترنت. وهذا يعني أن الأنواع المختلفة من المستخدمين يمكن أن تُقرَأ على أنها تمثل مستويات مختلفة من الاعتماد. فقد أظهرت الأبحاث والدراسات أن البيتكوين لا يزال في مراحل مبكرة نسبياً من الاعتماد بصفة عامة، حيث لم تصل نسبة مستخدميها إلى المليار أو حتى نسبة 10-15% من سكان العالم. وبمقارنة بيانات اعتماد بيتكوين مع اعتماد الإنترنت، نجد أن النمو الحالي يبدو مبشراً، لكنه ليس بالأرقام المتضخمة التي تم تداولها في السوق. وفقًا لتقديرات أحد المحللين، فإن نسبة "المستخدمين الثقيلين" من إجمالي سكان العالم لا تتجاوز 0.01%. يُظهر هذا التقدير ضرورة التركيز على تعريف دقيق للمستخدمين وتفهم التفاوت بين المستويات المختلفة للامتلاك. يلاحظ الكثيرون في مجتمع بيتكوين أن النمو لقيمة بيتكوين يعتمد بشكل كبير على زيادة التمويل والسيولة في السوق. وبالتالي، فإن اعتماد المزيد من الأشخاص والعملات سيؤدي إلى زيادة الاعتراف بها كأصل مالي قابل للنمو. ومع زيادة عدد المعاملات والاقتصاد الرقمي، يمكن أن تصبح بيتكوين نوعًا من النقود العالمية في المستقبل. مع مرور السنوات، زادت أعداد العناوين التي تحتوي على بيتكوين بشكل هائل، حيث ارتفعت من حوالي مليون عنوان في عام 2012 إلى حوالي 42 مليون عنوان في الوقت الحالي. ومع ذلك، يبقى من الصعب تقدير عدد المستخدمين الفريدين بشكل دقيق، نظرًا لأن العناوين لا تعكس عدد المستخدمين الفعليين. فإذا افترضنا أن كل مستخدم يمتلك حوالي عشر عناوين، فإن العدد الإجمالي للمستخدمين الذين يمتلكون عناوين بيتكوين قد يصل إلى 4.2 مليون مستخدم. ومع ذلك، عند النظر إلى العناوين التي تحتوي على أكثر من 1000 دولار من بيتكوين، فإن العدد يتقلص بشكل كبير إلى أقل من مليون مستخدم. على الرغم من النمو الملحوظ في عدد العناوين، يُظهر التحليل أن الاعتماد الفعلي لا يزال في مراحله الابتدائية. يدعو بعض المحللين إلى التركيز على "المستخدمين الثقيلين" الذين يمتلكون حصة كبيرة من ثرواتهم في بيتكوين. من المحتمل أن يقدم هذا لنا لمحة أوضح عن الاعتماد الفعلي للبيتكوين في الاقتصادات المختلفة. تظل بيتكوين رمزًا للإمكانيات غير المنتهية في عالم المال. إن التحليل الدقيق لمعدلات اعتمادها يمكن أن يحدد التوجه المستقبلي للسوق ويضع الأسس لفهم كيف يمكن لهذه العملة أن تؤثر على النظام المالي بأسره. في الوقت الذي يقترب فيه اعتماد بيتكوين من أرقام لافتة للنظر، ما زالت الفرصة مفتوحة أمام المزيد من الابتكارات والنمو في هذا المجال. في النهائية، ينبغي على القائمين على صناعة بيتكوين العمل على زيادة الوعي والفهم العام بشأن هذه العملة الرقمية. فكلما زادت المعرفة والقبول الاجتماعي، كلما زادت فرص الاعتماد والنمو في المستقبل. كما أن تسهيل الوصول إلى المعلومات والأدوات اللازمة لاستخدام بيتكوين يمكن أن يسهم في تخفيض التحديات الحالية، الأمر الذي يسهم في الوصول إلى مرحلة متقدمة من الاعتماد.。
الخطوة التالية