في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لخوض انتخابات رئاسية جديدة في عام 2024، برزت نائبة الرئيس كامالا هاريس كواحدة من أبرز المرشحات عن الحزب الديمقراطي. وفي سياق هذا التنافس المحموم، أجرت هاريس مقابلة تلفزيونية مع شبكة CNN، التي وصفتها العديد من المصادر بأنها “مقابلة توظيف” أكثر منها حوارًا عاديًا. هذه المقابلة لم تكن مجرد فرصة لهاريس لتقديم أفكارها، بل تركزت بشكل خاص على الاختلافات بينها وبين الإدارة الحالية للرئيس جو بايدن، وهو ما أثار الكثير من النقاشات حول موقفها السياسي وماذا تعني رئاستها المحتملة. خلال المقابلة، حاولت هاريس رسم صورة لنفسها كقائدة جديدة يمكن أن تقود البلاد نحو طريق جديد. وأكدت مرارًا أنها "أفضل شخص لهذا المنصب"، وهو تصريح يستهدف تعزيز صورتها كمرشحة قوية. ومع ذلك، كانت هناك نقطة رئيسية لم تتمكن من الإجابة عليها بوضوح: كيف ستختلف قيادتها عن قيادة بايدن؟ هذه النقطة أدت إلى تزايد الاستفسارات حول مدى قدرة هاريس على تمييز نفسها في حملة انتخابية قد تجد نفسها فيها تواجه منافساً قوياً مثل دونالد ترامب، الذي بدأ يظهر علامات قوة مرة أخرى في استطلاعات الرأي. تعليق أحد المحللين البارزين، غرانت ريهير، من جامعة سيراكيوز، كان لافتًا حيث أشار إلى أن هاريس لم تتمكن من تحديد معالم سياستها الخاصة، وهو ما قد يصعب على الناخبين فهم ما الذي ستحمله رئاستها في حال فوزها بالانتخابات. هذا التقييم يعكس قلقًا متزايدًا في أوساط الحزب الديمقراطي حيال قدرة هاريس على جذب الناخبين المستقلين، الذين قد يكونون حاسمين في الانتخابات المقبلة. المقابلة كانت أيضًا فرصة لهااريس لتسليط الضوء على إنجازات الإدارة الحالية، حيث دافعت عن قرارات بايدن الاقتصادي والاجتماعي. لكن النقاد تساءلوا عن جدوى ذلك، خاصة في الوقت الذي يُنظر فيه إلى بايدن على أنه رئيس ضعيف. الحملة الانتخابية تُظهر حاجة ملحة لهاريس لممارسة دور يختلف عن دورها الحالي كنائبة للرئيس، حيث يتوقع منها الكثير من الناخبين تحديد نقطة انطلاق جديدة للبلاد. عند الحديث عن موضوعات حساسة مثل الهجرة، ورغم تقديم هاريس لموقفها بعدم التسامح مع الهجرة غير الشرعية، هناك تساؤلات حول مدى قدرتها على تغيير المسار الذي اتخذته الإدارة الحالية. تتوقع الانتخابات المقبلة أن تكون متعبة وصعبة، حيث يواجه المرشحون تحديات كبيرة تتعلق بجذب الناخبين الجدد وتوسيع القاعدة الشعبية. ترتبط انتقادات هاريس أيضًا بالديناميات الداخلية داخل الحزب الديمقراطي. من الواضح أن هناك قوى متنافسة داخل الحزب، مما يزيد من حدة التحديات التي تواجهها هاريس. ولعل مشروعها نحو التغيير يعكس أملاً أكبر في تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة الفرص الاقتصادية، وهو ما يعتبر أحد المحاور الحاسمة للناخبين. لكن عدم تمييزها عن بايدن قد يدفع الناخبين إلى النظر في خيارات أخرى. علاوة على ذلك، ضرورة وجود هاريس بجانب المرشح المحتمل الآخر، تيم وولز، يزيد من تساؤلات حول الاعتماد في الحملة الانتخابية. الكثير من الانتقادات كانت موجهة إلى عدم قدرة هاريس على الوقوف بمفردها في مناقشات حاسمة، مما يعكس قلقًا حول قدرتها القيادية. في حين أن وولز كان بمثابة الدعم لها، إلا أن الكثيرين يبحثون عن أكثر من مجرد دعم، بل عن رؤية واضحة ومحددة للمستقبل. من الرائع أن نتحدث عن قدرات هاريس، فقد كانت من أوائل النساء السود في العديد من المناصب المرموقة، لكنها بحاجة لإظهار أنها قادرة على تجاوز تلك الألقاب لتعزيز قاعدة دعم واسعة ومتنوعة. كما أن استراتيجيتها في استقطاب الناخبين، خصوصًا من الفئات المحرومة، تشكل ضرورة ملحة إذا أرادت تحقيق الانتصار في الانتخابات. بينما تستعد هاريس لمواجهة ترامب، الذي يبدو أنه يستعد لمهاجمتها باستمرار، ستكون أمامها عدة اختبارات قاسية. عليها أن تكون قادرة على التعامل مع هجماته بشكل متوازن وأن تبني رسالتها الانتخابية حول القضايا الأكثر إلحاحًا للناخبين. من الهجرة والاقتصاد إلى الصحة العامة، يتوقع الناخبون رؤية حلول معينة وليس مجرد تصريحات عامة. مع اقتراب شهر سبتمبر، ودخول مرحلة المناقشات الانتخابية والعروض التلفزيونية، من المحتمل أن يتم تسليط الضوء على هاريس أكثر من أي وقت مضى. لذا أمل الكثيرون أن تتمكن من تقديم تصورات واضحة ومدروسة حول رؤيتها للمستقبل وتقديم نفسها كبديل قوي في وجه الرئيس السابق ترامب. في نهاية المطاف، يمثل حوار هاريس على CNN محطّة رئيسية في مسيرتها السياسية ويجب أن تكون البداية لنقاش أعمق حول القضايا التي تهم الأميركيين. فهل ستتمكن هاريس من إعادة صياغة سردها وتحقيق التفاف حولها من قبل الناخبين؟ فقط الزمن كفيل بإجابة هذا السؤال الذي سيحدد مصير الانتخابات المقبلة. عندما يتعلق الأمر بالانتخابات، يعتبر كل تفصيل صغير مهماً، لذا لن تكون المنافسة سهلة. في وقت يتزايد فيه الاستقطاب المثير، يتعين على هاريس استنفار قواها للتأكد من أن كل ما تجلبه للحملة الانتخابية واضح وجاذب للناخبين.。
الخطوة التالية