يعتبر كويكب "أبوفيس"، المعروف بلقب "إله الفوضى"، واحدًا من أبرز الأجرام السماوية التي تثير قلق العلماء والمهتمين بعلم الفلك. فقد نشر مؤخرًا دراسة تشير إلى أن هناك احتمالية ضئيلة بأن هذا الكويكب قد يصطدم بالأرض في العام 2029، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول مدى خطورة هذا السيناريو، وكيف يمكن أن يؤثر على كوكبنا. يبلغ عرض كويكب أبوفيس حوالي 340 مترًا، وهو ما يعادل حجم برج إيفل الشهير. وعلى الرغم من أن حجمه لا يجعله كويكبًا قاتلًا يهدد الحياة على الأرض بشكل مباشر، إلا أنه يكفي لإحداث دمار واسع إذا ما اصطدم بإحدى المدن الكبيرة، وقد يكون له تأثيرات مناخية كارثية على مستوى الكوكب. تم اكتشاف أبوفيس في عام 2004، وسرعان ما تم التحذير من اقترابه الوشيك من الأرض، حيث سيجري مرورًا قرب كوكبنا في 13 أبريل 2029. وفي البداية، أثار هذا التحذير حالة من الذعر في أوساط العلماء وعامّة الناس، إلا أن الملاحظات اللاحقة أكدت أن الكويكب سيسير بأمان على بعد يقل عن 20,000 ميل (حوالي 32,000 كيلومتر) من الأرض، وهو أقل بكثير من المسافة بين الأرض والقمر. ولكن على الرغم من هذا، يُمكن أن يؤثر هذا الاقتراب على بعض الأقمار الصناعية التي تدور في مدارات بعيدة حول الأرض. تشير الدراسة الجديدة التي نشرت في 26 أغسطس في «مجلة علوم كواكب»، إلى أنه رغم احتمالية الاصطدام الضئيلة، إلا أنها تبقى قائمة. فقد قاد هذه الدراسة Paul Wiegert، خبير في ديناميكيات النظام الشمسي في جامعة ويسترن الكندية، حيث قام بتحليل احتمالات خضوع الكويكب للإزاحة بسبب تأثير اصطدام كويكبات صغيرة أخرى. على الرغم من أن التحذيرات السابقة أكدت أنه لا يوجد احتمال لتغيير مسار أبوفيس بواسطة الكويكبات المعروفة، إلا أن ثمة أمل في أن تتمكن الكويكبات غير المعروفة، والتي قد تكون صغيرة أو قريبة جدًا من الشمس، من التأثير عليه خلال السنوات الخمس المقبلة. استخدم Wiegert نماذج حاسوبية لمحاكاة احتمالية اصطدام كويكب غير معروف بأبوفيس، ووجد أن الفرص أقل من واحد في المليون. في حين أن فرص تغيير مسار أبوفيس بشكل كبير بفعل هذه الاصطدامات بلغت أقل من واحد في مليار، ما يجعل الوضع أكثر طمأنينة بالمقارنة مع المخاوف الأولية. لا يمكننا تجاهل إمكانية حدوث أي تغييرات في مسار الكويكب، حتى لو كان الاحتمال ضئيلًا. من المهم أيضًا الإشارة إلى أنه حتى لو تم إزاحة أبوفيس عن مساره، فلا ضمان بأن هذه التغيرات ستقربه من الأرض بدلاً من إبعاده. وبالتالي، فإن الاحتمالات الإجمالية للتصادم تبقى أضعف مما يُعتقد. تعتبر فترة المراقبة الحالية حرجة للغاية، حيث يتعذر رؤية أبوفيس بسبب قربه من الشمس. يُتوقع أن يعيد الكويكب ظهوره في عام 2027، وبذلك سيتمكن العلماء من تقييم احتمالات تغير المسار بشكل أفضل بين ذلك التاريخ وعام 2029. من المؤكد أن كويكب أبوفيس سيواصل الظهور في المستقبل القريب، حيث ستقوم الوكالات الفضائية بمراقبته بعناية. على سبيل المثال، بعد مرور عام 2029، ستقوم مركبة الفضاء "OSIRIS APEX" (المعروفة سابقًا باسم "OSIRIS-REx") بمسار قريب حول الكويكب، مما سيوفر لنا معلومات إضافية حول طبيعته ومساره. بالنظر إلى المستقبل، سيواصل أبوفيس تقديم فرص للبحث والدراسة في مجال الفضاء. سيكون له مرور قريب آخر في عام 2051، ثم في 2066 و2080، ولكن وفقًا للنماذج المحوسبة، يبدو أن الكويكب لا يشكل تهديدًا خطيرًا للأرض على مدى المئة عام القادمة. على الرغم من أن الأخبار حول كويكب أبوفيس قد تبعث على القلق، من المهم أن نتذكر أن علوم الفضاء تتطور باستمرار. تساعد التقنيات الحديثة والملاحظات المتطورة العلماء على فهم المزيد عن الأجسام السماوية، مما يزيد من قدرتهم على التنبؤ بمساراتها واحتمالات حدوث أي تصادمات. إلى جانب ذلك، تثير حالة أبوفيس اهتمام وكالات الفضاء العالمية، مما يعزز ضرورة التعاون الدولي في مجال مراقبة الكويكبات والمخاطر المرتبطة بها. من خلال المشاركة في رؤى علمية وموارد، يمكن للدول العمل معًا لتطوير استراتيجيات لرصد الكويكبات والاستجابة لأي مخاطر محتملة قد تواجه كوكب الأرض. في الختام، يظل كويكب أبوفيس موضوعًا يستحق اهتمام الجميع. وعلى الرغم من أن فرصة تصادمه بالأرض في العام 2029 ضئيلة للغاية، إلا أن استمرار الدراسات والمراقبة يساهمان في تعزيز فهمنا لخطر الأجرام السماوية القريبة من الأرض. في السنوات المقبلة، سنظل نتابع تقدم الأبحاث حول أبوفيس ومساراته، آملين في الحصول على المزيد من الطمأنات بشأن سلامة كوكبنا من أي تهديدات فضائية.。
الخطوة التالية