وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السابع والعشرين من يوليو 2017، مجموعة من الأوامر التنفيذية التي أثارت جدلاً واسعاً حول سياسات الجيش الأمريكي تجاه الجنود المتحولين جنسياً. حيث تشير المعلومات المتاحة إلى أن هذه الأوامر قد تضع أسساً لتقييد الخدمة العسكرية للأفراد الذين يحددون هويتهم الجنسية بشكل مختلف عن الجنس الذي ولدوا به. تأتي هذه الأوامر في سياق سياسة ترامب التي تهدف إلى إعادة تشكيل القوات المسلحة بتوجه أكثر تحفظاً، وهو ما أثار استهجانات مختلفة من فئات متنوعة في المجتمع الأمريكي. للحديث عن المسألة، تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد سمحت للجنود المتحولين جنسياً بالخدمة بشكل علني منذ عام 2016، في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وهذا القرار جاء في إطار جهود الحكومة لتحسين الإدماج والقبول في المؤسسات العسكرية، إلا أن إعادة التفكير في هذا القرار بشكل جذري قد يمس بالحقوق المدنية للعديد. لقد كانت القوات المسلحة طويلة الأمد في السياسة الاقتصادية والاجتماعية، وكان لها تأثير كبير على التاريخ الأمريكي المعاصر. تسويق المفهوم من خلال الأوامر التنفيذية تضمنت الأوامر التنفيذية التي وقعها ترامب إعادة فرض الحظر على جنود المتحولين جنسياً في الجيش. وقد صرح ترامب أن هذا القرار جاء استناداً إلى المخاوف المتعلقة بالتكاليف الطبية المرتبطة بالرعاية الصحية الخاصة بالجنود الذين يعانون من اضطرابات هوية الجنس، وكذلك القضايا المتعلقة بالقدرة على الأداء القتالي والقدرة القتالية. وهذا ما يعكس تحولاً ملحوظاً في السياسة العسكرية. حيث تحتوي المجتمعات العسكرية التقليدية على ثقافات ومفاهيم قد لا تقبل الفرق بين الرجال والنساء، ناهيك عن الأفراد المتحولين جنسياً. لذا، يعد هذا القرار بمثابة إعادة تأكيد على القيم التقليدية التي يسعى ترامب إلى إحيائها من خلال برنامجه الانتخابي وعودته إلى جذور الحركة اليمينية المحافظة. ردود الفعل على الأوامر التنفيذية أثارت توقيع هذه الأوامر استهجان عدد كبير من المنظمات الحقوقية والقادة العسكريين، حيث اعتبروا ذلك تمييزاً صريحاً ضد الجنود المتحولين جنسياً. قادة من بينهم جنرالات سابقون ورؤساء سابقون لإدارات أمريكية عارضوا القرار بشدة، مؤكدين أن الجيش يجب أن يكون مكاناً يتمتع بالعدالة والمساواة، وأن سلوكيات التمييز لن تؤدي إلا إلى إضعاف قوة الدفاع الوطني. تقول كاثرين شيلدز، المديرة التنفيذية لمنظمة "الخدمة العسكرية من أجل العدالة": "إن الرأي السائد في الجيش يتجه من نحو مظاهر شامل أكثر، حيث التقدم في حقبة أوباما أٌفشل تماماً بقرار ترامب. يجب أن تكون وحداتنا العسكرية متاحة للجميع دون استثناء بناءً على الهوية الجنسية." إلى جانب ذلك، فقد صرح العديد من الأطباء النفسيين والعلماء بأن الأبحاث توضح أن الأفراد المتحولين جنسياً يمكنهم أداء مهامهم على أكمل وجه مثل غيرهم من الجنود، وأن الخدمات الطبية التي يحتاجون إليها ليست عائقًا عن أدائهم العسكري. وهذا ما يعكس إلى حد كبير الفجوة بين الحقائق العلمية والطموحات السياسية. التبعات المحتملة للقرار إذا تم تنفيذ هذا الحظر بشكل كامل، فإن التبعات ستكون عميقة على المستوى الاجتماعي والسياسي. ستتأثر حياة العديد من الأفراد الذين اختاروا الخدمة في القوات المسلحة، مما قد يؤدي إلى زيادة في المشكلات النفسية والاجتماعية للعديد منهم. كما يمكن أن تسهم هذه الأوامر التنفيذية في زيادة الفجوة بين الجيش والمجتمع الأمريكي، حيث أن الحكم بالتمييز قد يقوض الثقة العامة في القوات المسلحة. علاوة على ذلك، فإنه من الناحية الاقتصادية، قد يضطر الجيش لاستبدال الأفراد المتحولين الذين قد يختارون المغادرة بسبب التمييز، مما سيؤدي إلى فقدان المهارات اللازمة في بعض المجالات. الخاتمة وجدت الأوامر التنفيذية التي وقعها ترامب في وقتها صدىً واسعاً، وما زالت تتحكم في الخطابات السياسية حول حقوق الفرد والمساواة في مختلف المجالات. إذ أن موضوع الجنود المتحولين جنسياً في القوات المسلحة يسلط الضوء على صراعات طويلة الأمد بين القيم التقليدية والمبادئ الإنسانية الحديثة. ومع استمرار النقاش حول هذه البيئة العسكرية، يبقى التساؤل حول كيفية توجيه السياسات العسكرية في المستقبل على طاولة البحث. ستبقى هذه القضايا محط جدل بين الأوساط السياسية والمجتمع على حد سواء. في نهاية المطاف، يتعين على الجميع التفكير بعمق في معنى الخدمة العسكرية والحقوق الإنسانية والتنوع في صفوف القوات المسلحة.。
الخطوة التالية