في إنجاز تاريخي بارز، حققت شركة "بيركشاير هاثاوي" قيمة سوقية تصل إلى تريليون دولار، لتصبح بذلك أول شركة أمريكية غير تكنولوجية تصل إلى هذا الرقم القياسي. يأتي هذا النجاح في الوقت الذي تهيمن فيه الشركات التكنولوجية الكبرى مثل "أبل" و"مايكروسوفت" و"نفيديا" على أعلى المراتب في السوق. ومن المعروف أن "بيركشاير هاثاوي" تحت قيادة وارين بافيت، ذو الـ 94 عامًا، قد اكتسبت شهرة واسعة على مدى عقود طويلة، حيث تمتلك مجموعة متنوعة من الشركات في مختلف القطاعات. تأسست "بيركشاير هاثاوي" عام 1839 كشركة لتصنيع النسيج، وقد مرّت بتحولات عديدة حتى أصبحت كونغلومرية استثمارية ضخمة من خلال استحواذها على شركات متعددة وأنشطة تجارية متنوعة. وقد قام بافيت بالحصول على حصة كبيرة في الشركة عام 1965، ومنذ ذلك الحين، أصبح أحد أشهر المستثمرين في العالم. لقد تطرقت التقارير إلى أداء الأسهم في الشركة، حيث شهدت ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة تزيد عن 13% منذ بداية العام. ووفقًا لتقييمات السوق، فإن قيمة أسهم "بيركشاير هاثاوي" قد ارتفعت بشكل كبير، مما ساهم في تحقيق هذا الإنجاز المذهل. بالإضافة إلى ذلك، تم الإبلاغ عن أن الشركة قد قامت في الآونة الأخيرة ببيع قرابة 25 مليون سهم من بنك أمريكا، ما يعادل نحو مليار دولار، بالإضافة إلى تقليل حصتها في "أبل" بنسبة تصل إلى 50%. في الوقت نفسه، بدلاً من الاقتصار على عمليات البيع، قامت "بيركشاير هاثاوي" بعمليات شراء جديدة، حيث استحوذت على حصص في سلسلة متاجر مستحضرات التجميل "ألتّا بيوتي" وشركة "هيكو" لصناعة قطع غيار الطائرات. وتعكس هذه التحركات الاستراتيجية حرص الشركة على التنويع والنمو في مجالات جديدة، رغم تحذيرات بافيت من عدم توقع أداء استثماري فائق في المستقبل. كما يُعتبر استمرار وجود الاستثمارات الكبيرة في شركات عملاقة مثل "أمريكان إكسبريس" و"كوكا كولا" و"تشيفرون" بمثابة دليل على الاستراتيجية الاستثمارية المتوازنة لـ "بيركشاير هاثاوي". حيث تملك الشركة حصة 21.3% في "أمريكان إكسبريس" و9.3% في "كوكا كولا" و6.5% في "تشيفرون". وبالإضافة إلى هذه الاستثمارات، تملك الشركة أيضًا علامات تجارية مشهورة مثل "جيكو" و"بي إن إس إف للسكك الحديدية" و"ديري كوين". يمثل إنجاز "بيركشاير هاثاوي" في الوصول إلى تريليون دولار قيمة سوقية علامة فارقة في تاريخ الأسواق المالية. حيث تبرز الشركة كمثال لكيف يمكن لقوة الاستثمارات القائمة على القيم والخبرة أن تؤدي إلى نجاح مستدام، بعيدًا عن التقلبات السريعة التي تشهدها الأسواق اليوم. شغل موضوع بلوغ الشركات لهذا المستوى من القيمة السوقية الكثير من النقاشات بين المستثمرين والخبراء الماليين. ويعزي الكثيرون هذا النجاح إلى استراتيجية بافيت في التركيز على تحليلات عميقة للأسواق والتوجهات الاقتصادية. كما يُعتبر تركيزه على استثمارات ذات دخل ثابت وموثوق منهجية أثبتت فعاليتها على مر السنين. لكن، ومع ذلك، ومع الاقتراب من شهرة تريليون دولار، أشار بافيت في رسالة سنوية للمستثمرين إلى أن الأداء الاستثماري الاستثنائي قد لا يكون متاحًا في المستقبل. حيث دعا المستثمرين إلى التقليل من توقعاتهم بشأن النمو السريع، مشيرًا إلى أن "بيركشاير" قد تتفوق قليلاً على متوسط الشركات الأمريكية، لكنها لا تتوقع تحقيق أداء يحقق انتصارات كبرى. ومع ذلك، يبقى التفاؤل موجودًا بخصوص زيادة القيمة السوقية واستمرار النمو بفضل استراتيجيات الاستثمار المتوازنة التي تتبناها الشركة. من الجدير بالذكر أن "بيركشاير هاثاوي" قد بدأت في اندماجها الاستثماري بعد استثمار ناجح في "سي.بي.إس" كجزء من استراتيجيتها المتنوعة. وقد أبدى بافيت دوماً حرصه على الابتعاد عن المخاطر العالية، مؤكدًا أهمية الحفاظ على رأس المال وتقليل المخاطر الممكنة. ومع وصولها إلى مستوى قيمتها السوقية الجديد، يعكس نجاح "بيركشاير هاثاوي" كيف يمكن للشركات التي تركز على الاستثمارات طويلة الأجل أن تعدّ من كبار اللاعبين في السوق، حتى في ظل المنافسة الشديدة من الشركات ذات التقنية العالية. وتعكس قصة "بيركشاير" قدرة الاستدامة والنجاح العملي بعيد المدى، مما يجعلها نمطًا يحتذى به لكثير من المستثمرين الصاعدين. ومهما كانت التحديات الاقتصادية التي قد تواجهها الأسواق في المستقبل، فإن "بيركشاير هاثاوي" تظل رمزًا للإبداع والاستثمار الذكي، مع الحفاظ على قيم التطوير المستدام والاستثمارات النابعة عن فهم عميق للأسواق. إن وصولها إلى قيمتها السوقية الحديثة إنما هو بمثابة إلهام للأجيال المقبلة من المستثمرين، أن بالسعي المستمر والاكتفاء بعمليات استثمارية ذكية يمكن تحقيق العظمة في عالم المال والأعمال.。
الخطوة التالية