في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية الهائلة التي تمر بها ميانمار، برزت الحاجة إلى عملة مشفرة جديدة كأداة حيوية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد. تجد البلاد نفسها في خضم أزمات متعددة، بدءًا من الصراعات الداخلية إلى التحديات الاقتصادية بعد الانقلاب العسكري في فبراير 2021. وعلى الرغم من حالة الضبابية، فإن الفوائض المتزايدة للعملات الرقمية قد تقدم أملًا جديدًا. تعتبر العملات الرقمية فرصة لخلق نظام مالي جديد يتجاوز العوائق التقليدية. يمكن أن تساهم في توفير بنى تحتية مالية أكثر شمولاً، مما يسمح بتوسيع نطاق الفئات السكانية التي يمكنها الوصول إلى الخدمات المالية. في حال تم تنفيذها بشكل صحيح، يمكن أن تتيح العملات الرقمية للناس في ميانمار تحويل الأموال، وإدارة المدخرات، واستثمار الأموال بسهولة أكبر، ما يعكس آمالًا جديدة للشباب والنساء الذين يعتبرون الأكثر تضررًا من النظام المالي القديم. تشير التوقعات إلى أن إدخال عملة مشفرة يمكن أن يسهم في تعزيز الاستقرار النقدي في ميانمار. لطالما كانت البلاد عرضة لتقلبات كبيرة في قيمتها النقدية، مما ترك العديد من المواطنين في حالة من عدم اليقين المالي. إذا ما تمكن المطورون من تحقيق نظام فعّال وآمن يعتمد على تقنية البلوكشين، فقد يتمكن المواطنون من الحفاظ على قيمة أموالهم بعيدًا عن التقلبات السوقية التي تعاني منها العملة التقليدية. من ناحية أخرى، قد يكون العمل على تطوير عملة مشفرة محلية مجهودًا يتطلب شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص. يتطلب المبادرة نهجًا تشاوريًا مع أصحاب المصلحة المختلفين، بما في ذلك المجتمع المدني والمصارف والمؤسسات المالية. يجب أن يتضمن ذلك الالتزام بالشفافية ومكافحة الفساد، من أجل بناء الثقة داخل المجتمع وثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد الميانماري. ومع زيادة اعتماد التقنيات الرقمية في العالم، يُظهر الشباب في ميانمار اهتمامًا كبيرًا بالعملات الرقمية. إذ يتجه العديد منهم نحو الاستثمار في البتكوين والعملات المشفرة الأخرى، مما يشير إلى وجود شغف بالتكنولوجيا المالية. هذا الأمر قد يكون دافعًا للمسؤولين في البلاد لوضع استراتيجيات ملائمة لجذب هذا الاتجاه واستخدامه في صالح تطوير اقتصاد ميانمار. علاوة على ذلك، قد تلعب العملات المشفرة دورًا هامًا في الشؤون الإنسانية. ففي أوقات الأزمات، يمكن للاقتصادات المحلية أن تواجه تحديات كبيرة في إدارة المساعدات الإنسانية. يمكن أن توفر العملات الرقمية منصة يمكن من خلالها تقديم المساعدات مباشرة إلى من يحتاجون إليها، ما يسهم في تقليل الفساد وزيادة كفاءة توزيع الموارد. إن استخدام العملة المشفرة في هذا السياق قد ينتج عنه تحسين ملموس في حياة المواطنين المتضررين من الأزمات. ومع ذلك، لا تخلو فكرة إدخال عملة مشفرة جديدة في ميانمار من التحديات. يشمل ذلك قضايا تنظيمية وقوانين قديمة تعيق الابتكار والتقدم. يجب أن تتخذ الحكومة الجديدة خطوات جريئة لوضع إطار للتشريعات يضمن سلامة النظام المالي ويدعم الابتكار في نفس الوقت. ينبغي توفير تعليمات توجيهية بشأن كيفية استخدام هذه العملات وتوفير المعلومات الضرورية للمواطنين حول المخاطر والفوائد المرتبطة بها. كما يجب أن يتم تحذير المواطنين من مخاطر العملات المشفرة المحتملة. فلا يزال هناك الكثير من الجدل حول هذه العملات، إذ يسعى البعض للاستفادة من غياب اللوائح واستخدامها للأغراض غير المشروعة. من الضروري إنشاء قوانين صارمة تعالج هذه المسائل وتضمن حماية حقوق الأفراد. في ظل كل هذه التحديات، يبدو أن هناك أملًا جديدًا في الأفق. تمثل العملات المشفرة فرصة لتنويع الاقتصاد الميانماري وخلق مسارات جديدة للنمو. يجب أن يتخذ المواطنون والحكومة خطوات جادة نحو كيفية التعامل مع هذه الظاهرة بشكل مسؤول. يمكن لإطلاق عملة مشفرة جديدة أن يغير المشهد الاقتصادي في البلاد ويسمح بدمج ميانمار في الاقتصاد الرقمي العالمي. في النهاية، يتطلب بناء مستقبل جديد لميانمار خطوات محورية في مجالات السياسة الاقتصادية والتكنولوجيا. هذه الرحلة ليست سهلة، ولكن مع التصميم والتعاون، يمكن تحقيق النجاح. إن إنشاء نظام مالي يعتمد على العملات المشفرة يمكن أن يكون البداية لحقبة جديدة لمواجهة التحديات القائمة وتحقيق الاستقرار والنمو المستدام في المستقبل.。
الخطوة التالية