تشير تقارير جديدة من شركة "Chainalysis" المختصة في تحليل بيانات البلوكشين إلى تطور أساليب الاحتيال في عالم العملات الرقمية، حيث تكيف المحتالون مع التغيرات في البيئة الرقمية بهدف الحفاظ على عملياتهم الاحتيالية. منذ عدة سنوات، كان عالم العملات الرقمية مليئًا بالاحتيال، ولكن في السنوات الأخيرة لوحظ أن المجرمين يعيدون التفكير في استراتيجياتهم لمواكبة الإجراءات الأمنية المتزايدة في الصناعة. حسب تقرير "Chainalysis" لمنتصف السنة 2024 حول جرائم العملات المشفرة، فإن المحتالين بدأوا يتجهون بعيدًا عن schemes الكلاسيكية مثل "بونزي" ويركزون بدلاً من ذلك على حملات احتيالية مستهدفة. هذا الشيء يعكس قدرة المحتالين على التأقلم والتكيف مع سلوكياتهم، مما يجعل من الصعب اكتشافهم من قبل السلطات. خلال الفترة ما بين 2020 و2024، انخفضت متوسط مدة تشغيل عمليات الاحتيال بشكل ملحوظ. ففي عام 2020، كانت عمليات الاحتيال تستمر حتى 271 يومًا، بينما في عام 2024، انخفض المتوسط ليصل إلى 42 يومًا فقط. تظهر الأرقام أن المحتالين لم يعد لديهم الرغبة في الحفاظ على عمليات احتيال طويلة الأمد. بل، أصبحوا يميلون إلى ما يسمى بـ "التجديد"، حيث تنتهي عمليات الاحتيال ثم تعود من جديد لأجل تجنب الاكتشاف. هذا التكتيك الجديد يمكن أن يسهم في تفادي الضغوط القانونية التي من المحتمل أن تواجههم. تظهر البيانات أيضًا أن أسلوب "البقرات" أو "Pig Butchering" قد أصبح أحد أكثر الأساليب ربحًا في مجال الاحتيال بالعملات الرقمية هذا العام. يُعتبر هذا النوع من الاحتيال عملية مُعقدة حيث يتم استدراج الضحايا إلى استثمار أو دفع أموالهم digital assets، وعندما تصبح الأموال في خزائن المحتالين، يتم "ذبحها" أو تصفيتها بشكل كامل. وفقًا للتقرير، فقد حقق أحد الكومبوندات الاحتيالية الموجودة في ميانمار، والتي لوحظت لأول مرة على البلوكشين في عام 2022، أرباحًا تجاوزت 101.22 مليون دولار هذا العام وحده. وفقًا لدراسة تمت في فبراير، وجدت أن المحتالين في مجال "Pig Butchering" قد سرقوا ما يقارب 75 مليار دولار من الضحايا حول العالم منذ عام 2020 وحتى فبراير 2024. كما أظهر البحث أن المحتالين كانوا يتفاعلون بحرية مع بعض أكبر البورصات في الصناعة مثل "Binance" و "OKX"، مما يشير إلى وجود ثغرات في الأمن يمكن استغلالها. تستمر الاحتيالات في مجال العملات الرقمية بالانتشار، حيث أظهرت تقارير من شركات أمان مثل "Immunefi" أن الصناعة فقدت حوالي 920 مليون دولار بسبب عمليات الاحتيال والقرصنة في النصف الأول من العام، مما يمثل زيادة تقدر بـ 24% عن نفس الفترة من العام السابق. هذه الأرقام توضح أن الاحتيال في مجال العملات الرقمية لا يزال يمثل تهديدًا كبيرًا، وأن السياسيين والهيئات التنظيمية يحتاجون إلى تعزيز الجهود لمكافحة هذه الظاهرة. يتطلب هذا الوضع تحركًا سريعًا من جميع الأطراف المعنية. يجب على مستخدمي العملات الرقمية أن يكونوا أكثر حذرًا بشأن الفرص الاستثمارية، وأن يتعلموا كيفية التعرف على العلامات التحذيرية التي تشير إلى عمليات الاحتيال المحتملة. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري أن تقوم الحكومات والجهات التنظيمية بتطبيق القوانين بشكل أكثر صرامة للتصدي لهذه الأنشطة الإجرامية. ضمن هذا الإطار، تعتبر التعليمات والدروس حول كيفية استخدام العملات الرقمية بأمان أمرًا ضروريًا. من خلال زيادة الوعي والتثقيف، يمكن تقليل فرص الوقوع ضحية لعمليات الاحتيال. يجب تعزيز استراتيجيات الكشف المبكر عن الاحتيال والسيطرة عليه، وتركز الشركات المعنية في هذا المجال على تطوير أدوات يمكن أن تساعد في تحديد ومنع الأنشطة الاحتيالية بشكل أكثر فعالية. في الختام، تمثل الاحتيالات في عالم العملات الرقمية تحديًا حقيقيًا يحتاج إلى اهتمام فوري، حيث يواصل المحتالون تطوير أساليبهم وكسب الملايين. تتحمل كل من الحكومات والشركات والمستخدمين مسؤولية حماية أنفسهم والحفاظ على سلامة البيئة الرقمية. إن التعلم من التجارب السابقة وتطبيق استراتيجيات فعالة لمكافحة الاحتيال يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على مستقبل العملات الرقمية.。
الخطوة التالية