العنوان: الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر: تعريف جديد وتحديات مستمرة في عالم التكنولوجيا المتسارع، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) أحد أبرز المفاهيم التي تتردد في الأوساط العلمية والصناعية. ومع تزايد استثمارات الشركات الكبرى مثل جوجل وميتا (فيسبوك سابقًا) وأيضًا وجهات نظر شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك، يظهر مفهوم "الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر" كموضوع مثير للجدل. لكن، ماذا يعني حقًا أن يكون الذكاء الاصطناعي "مفتوح المصدر"؟ ولماذا تظل هناك صعوبة في التوصل إلى تعريف واضح لهذا المصطلح؟ في الآونة الأخيرة، أصدرت مؤسسة Open Source Initiative (OSI) تعريفًا رسميًا لمفهوم الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر. يعتبر تعريف OSI الذي تم العمل عليه على مدى عامين نتيجة مشاورات واسعة مع مجموعة من العلماء والمحامين وممثلي الشركات التكنولوجية الكبرى. يشير التعريف إلى أن الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر يجب أن يكون متاحًا للاستخدام والتعديل والتوزيع من قبل أي شخص، دون الحاجة للحصول على إذن من الشركة المالكة. كما يتطلب التعريف الشفافية حول البيانات المستخدمة في تدريب النظام، بما في ذلك الشيفرة المصدرية والمعلمات التي تؤثر على أداء نموذج الذكاء الاصطناعي. لكن، هنا تكمن الإشكالية. على الرغم من أن العديد من الشركات تدعي أن نماذجها أكواد مفتوحة المصدر، إلا أن الادعاءات غالبًا ما تكون مضللة. على سبيل المثال، تعتبر OpenAI، على الرغم من اسمها، بمثابة نموذج مُغلق، حيث تُبقي خوارزمياتها ونماذجها وبياناتها سرية. وهذا يدفعنا للتساؤل: هل يُعد هذا حقًا نموذجًا مفتوح المصدر؟ يظهر مصطلح "الغسل المفتوح" (Open Washing) كتحدٍ آخر يظهر في هذا السياق. حيث يتم استخدامه لوصف عمليات الترويج للموديلات غير المفتوحة أو شبه المفتوحة على أنها بدائل رائدة مفتوحة المصدر، ولكن دون تقديم أي مساهمة حقيقية للمجتمع. وقد أوضح ممثلو Mozilla أن عواقب هذا الأمر تؤثر على الابتكار والبحث والفهم العام للذكاء الاصطناعي. تعرف أحد الباحثين عن الآثار السلبية للغسل المفتوح بأنها تجعل من الصعب تمييز النموذج المفتوح الحقيقي عن النموذج الذي تم التلاعب به لأغراض دعائية. هذا الأمر قد يعيق تطور التقنيات الجديدة، حيث يتحول التركيز من التطبيقات المبتكرة إلى محاولات تسويق منتجات غير متوافقة مع مبادئ البرمجيات مفتوحة المصدر. بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بتاريخ الشفافية والتعريفات، فقد حظي النقاش حول الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر باهتمام متزايد من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم. يحاول المشرعون تطوير إطار قانوني ينظم الذكاء الاصطناعي ويضمن حماية حقوق الناس. وقد بدأ القضاة في العديد من البلدان في إدراك أهمية مفهوم "الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر" في عمليات الدمج والمبيعات، فضلاً عن التشريعات المتعلقة بحماية البيانات. تسعى مجموعة من الباحثين والمحامين إلى استخدام التعريف الجديد كحاجز لمنع الإعلانات المضللة. فإذا زعمت شركة ما أنها تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، فيجب أن تتماشى سياساتها وقيمها مع التعريف الجديد، وإلا سيترتب على ذلك إرباك واسع النطاق. إذا نظرنا إلى الجانب الإيجابي، فإن الإعلان عن تعريف واضح لمفهوم الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر يعد خطوة كبيرة نحو تعزيز الابتكار والشراكة في المجتمع التقني. بمعرفتنا بصورة أفضل لما يعنيه هذا المصطلح، يمكن للباحثين والمطورين التعاون بشكل أكثر فعالية، مما يؤدي إلى تطوير تقنيات أفضل وأكثر فائدة للجميع. في حين أن التحديات لا تزال قائمة، فإن وجود تعريف رسمي يساعد على إرساء الأسس اللازمة لمعالجة هذه التحديات. مثلا، يمكن أن يمثل هذا التعريف دليلا صادقا للشركات الناشئة التي تعتزم الدخول في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يساعدها على الاستفادة من الإمكانات الهائلة لهذا المجال. على الرغم من أن الأسئلة حول النزاهة والشفافية في البيانات التي يتم استخدامها لتدريب النماذج تبقى مفتوحة، فإن الاعتماد على المعايير الواضحة يمكن أن يعزز من الثقة في التقنيات الجديدة ويشجع على الابتكار. بإمكان الباحثين العمل بشكل أكبر على تحسين الشفافية في جمع البيانات واستخدامها، مما يساهم في الحد من التحيزات المحتملة. في الوقت الذي تدخل فيه العديد من الشركات الكبرى في هذا المجال، يجب على الجمهور والمجتمع الأكاديمي مواصلة الضغط من أجل المزيد من الالتزام بالمبادئ الأساسية للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر. يتطلب ذلك المراقبة المستمرة والمشاركة في النقاشات التي تركز على الفوائد والسلوكيات المرتبطة بهذا النوع من التكنولوجيا. ختامًا، يؤكد تعريف الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر الجديد على أهمية الشفافية والشراكة لجميع الأطراف المعنية، ابتداءً من الشركات الكبرى وصولًا إلى المطورين المستقلين. التعريف الجديد قد يسهم في تعزيز الفهم العام والأداء الجيد للذكاء الاصطناعي، ولكنه يتطلب تعاونًا مستمرًا وتفانيًا لتحقيق هذه الأهداف. في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه الجهود كافية لضمان أن الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر يصبح أداة فعالة وآمنة للجميع؟。
الخطوة التالية