من المعروف أن إسكتلندا تعاني من أزمة خطيرة تتعلق بارتفاع معدل الوفيات الناجمة عن تعاطي المخدرات، حيث تسجل البلاد أرقامًا مقلقة سنويًا. فقد توفي 1172 شخصًا نتيجة سوء استخدام المخدرات في عام 2023، مما يُضاف إلى أكثر من 14,000 حالة وفاة منذ عام 2000. وعلى الرغم من أن الحكومة الاسكتلندية تواجه ضغوطًا متزايدة من أجل اتخاذ إجراءات فعالة، فإن النقاش حول إمكانية حل هذه الأزمة بدون إلغاء تجريم المخدرات يتجدد بشكل متواصل. تُعتبر مشكلة المخدرات قضية معقدة تتداخل فيها العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية. وقد أظهرت الأبحاث أن legislación العقاب لم تؤدِّ إلى تقليل استخدام المخدرات، بل عكست الوضع مما يؤدي إلى أزمة متنامية. العديد من الخبراء يشيرون إلى أن إلغاء تجريم المخدرات يجب أن يكون على طاولة النقاش كخيار للتعامل مع هذه الأزمة. القوانين الحالية التي يحكمها "قانون سوء استخدام المخدرات" الذي صدر في المملكة المتحدة عام 1971، تجرم حيازة المخدرات مثل القنب والكوكايين والهيروين. هذا النظام يتيح للشرطة محاكمة الأشخاص الذين يتم القبض عليهم بتهمة حيازة المخدرات، بغض النظر عن الكمية الصغيرة التي قد تكون بحوزتهم. يقول الباحثون إن هذا النهج لا ينجح في تقليل انتشار المخدرات، بل يمنع الأفراد من اتخاذ خطوات للبحث عن المساعدة. هناك دعم متزايد من قِبل بعض المحللين والشخصيات العامة لإعادة النظر في القوانين الحالية، حيث يعتبرون أن التركيز يجب أن يكون على الأشخاص بدلاً من المخدرات نفسها. يشدد نايم إيستوود، المدير التنفيذي لمنظمة "Release" التي تقدم الدعم القانوني والتمثيل للأشخاص الذين لديهم تاريخ في تعاطي المخدرات، على أن الإلغاء الجزئي لتجريم حيازة المخدرات الشخصية قد يساعد في التصدي لوفيات المخدرات. يُعزى ذلك إلى أن العديد من الناس يترددون في السعي للحصول على المساعدة خوفاً من الملاحقة القانونية. من ناحية أخرى، تعارض الحكومة البريطانية، أي اقتراحات لإلغاء تجريم المخدرات. تعتبر موقف الحكومة مخالفًا للعديد من الجرائم المماثلة، حيث تضع المخدرات في ذات الفئة مع الجرائم الأخرى، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالنظام القانوني من قِبل الأفراد الذين يسعون للشفاء. هناك أيضًا تجارب من دول أخرى يمكن أن تُؤخذ في الاعتبار. لقد أثبتت البرتغال، على سبيل المثال، نجاحها في تقليل معدلات الوفيات الناجمة عن المخدرات، بعد أن ألغت تجريم استخدام المخدرات في عام 2001 وأتاحت إمكانية الحصول على المساعدة العلاجية بشكل مجاني وسلس. تظهر مثل هذه النماذج أن تغيير القوانين يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية، على الرغم من أنه ليس علاجًا شافيًا. الباحثون المحليون، مثل أليكس ستيفنز، عالم الجريمة في جامعة شيفيلد، يؤكدون على أن الإلغاء الجزئي لتجريم حيازة المخدرات يعد خطوة أساسية. ويدعون إلى ضرورة فهم أن الأشخاص الذين يعانون من إدمان المواد المخدرة هم في حاجة إلى الدعم، وليس العقاب. إلغاء تجريم الأشخاص سيعني توفير بيئة أفضل لاستخدام المخدرات بشكل آمن والتوجيه نحو العلاج. علاوة على ذلك، يمكن تحقيق تقدم تدريجي من خلال تعزيز استراتيجيات الرعاية والحماية. حيث يمكن تطوير مراكز العلاج المدعومة من الحكومة، مع تقديم دعم نفسي واجتماعي للأفراد الذين يسعون للشفاء. يجب أن يكون الهدف هو علاج الآثار الاجتماعية والنفسية لإدمان المخدرات بدلاً من التركيز على العقاب. لكن رغم ذلك، تبقى التساؤلات قائمة حول كيفية تنفيذ هذا الإجراء في بيئة سياسية معقدة. هناك حاجة ملحة إلى إجراء مناقشات شفافة وهامة لتحقيق فهم أكبر حول قضايا المخدرات. من المهم أن يتم تضمين كل الأقسام المعنية في هذه النقاشات، من عائلات الضحايا إلى المتخصصين في الصحة النفسية ورجال الشرطة. من المهم أيضًا الاعتراف بأن الأزمة تمتد لتحاكي قضايا أوسع مثل الفقر والبطالة والتمييز الاجتماعي. فغالبًا ما يتم دمج الأفراد الذين يعانون من أزمات المخدرات في مجتمع يفتقر إلى الدعم، حيث يرتبط تعاطي المخدرات بضعف الوصول إلى التعليم والرعاية الطبية. لذا فإن معالجة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية تعتبر خطوة حيوية نحو تغيير المسار. هناك تحدٍ آخر يتمثل في إقناع الحكومة البريطانية بتعديل القوانين، والتي غالبًا ما تكون متحجرة في هذا الصدد. وبما أن النقاش حول إلغاء تجريم المخدرات يعتمد على تغيير السياسة الوطنية، فإن من الضروري بناء مزيد من الضغط العام لدعم هذا التغيير. واستطلاعات الرأي تشير إلى أن العديد من الناس يدعمون فكرة تقليل العقوبات القانونية المفروضة على تعاطي المخدرات. عليه، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن لإسكتلندا معالجة أزمة الوفيات الناجمة عن المخدرات بدون الإلغاء الكامل لتجريم استخدامها؟ الجواب ليس سهلًا، لكنه يتطلب التزامًا حقيقيًا من الحكومة والمجتمع بأكمله لوضع الخطط والسياسات المناسبة التي تعزز من فرص العلاج بدلاً من العقاب. في النهاية، فإن العمل الجماعي والتعاون بين الحكومة والجهات المعنية يمكن أن يحقق الأمل لإنقاذ الأرواح. إن معالجة الجوانب القانونية والاجتماعية والنفسية ستُساعد في بناء مستقبل آمن وأكثر أمانًا لشعب إسكتلندا. الخبراء يجمعون على أن الإلغاء الجزئي لتجريم المخدرات ليس الحل الشامل، لكنه خطوة ضرورية في اتجاه السياسات الأوسع التي تركز على العلاج، التشجيع، والدعم.。
الخطوة التالية