في عالمنا المعاصر، يتم التعامل مع الجيل الجديد، المعروف باسم "الجيل زد"، بشكل متزايد في أماكن العمل. يُعرَّف الجيل زد بأنه يشمل الأفراد المولودين بين عامي 1997 و2008. ومع ذلك، نجد أن العديد من المدراء والمسؤولين لا يزالون غير قادرين على فهم واستيعاب احتياجات وتطلعات هذا الجيل. بينما يتم تداول الكثير من الانتقادات حول الجيل زد، فإنها غالبًا ما تكون مبنية على أفكار خاطئة واعتقادات عفا عليها الزمن. من خلال حوارٍ مع الباحثة والمستقبلية كلوي كومبي، التي أجرت مقابلات مع أكثر من 20000 شاب، نستكشف القضايا المهمة المتعلقة بسوق العمل ودور الجيل زد فيه. اليوم، كثير من المدراء يواجهون صعوبة في التكيف مع روح العصر التي يتميز بها هذا الجيل، مما يؤدي إلى صراعات بين الأجيال المختلفة في بيئات العمل. في العامين الماضيين، شهدنا تحولات كبيرة في الطريقة التي ينظر بها الجيل زد إلى العمل والحياة بشكل عام. على عكس الأجيال السابقة، حيث كانت الوظيفة تتطلب التفاني المطلق والتضحية، ينظر الجيل زد إلى الحياة بشكل مختلف. يتسم هذا الجيل برغبة واضحة في تحقيق توازن بين العمل والحياة الشخصية، وهو مفهوم يبدو أنه لا يتفهمه الكثير من المدراء الحاليين. هناك فكرة سائدة بأن الجيل زد "كسول" أو "ضعيف". ومع ذلك، عوضًا عن هذه الأوصاف السلبية، ينبغي علينا إدراك أن هذا الجيل يسعى للحدود في العمل، ويضع أهمية كبيرة على الصحة النفسية والإنتاجية. وقد أظهرت الأبحاث أن الجيل زد على دراية تامة بتحديات الحياة المعاصرة، وهو يدرك تمامًا أن الأجر يجب أن يتناسب مع الجهد الذي يبذله. عندما نتحدث عن دور المدراء في دعم هذا الجيل، نجد أنهم غالبًا ما ينجرفون في التفكير القديم. يعتقد كثير من المدراء أن وضع الشباب في مجموعات محددة من نفس الفئة العمرية سيؤدي إلى زيادة التعاون والإنتاجية. ولكن تجارب عدة تشير إلى أن هذا النهج قد يؤدي إلى نتائج كارثية. بل على العكس، فإن إدماج الجيل زد مع الجيل الأكبر سناً، مثل الجيل إكس، يمكن أن يحقق نتائج إيجابية، حيث أن المسنّين قد يكون لديهم خبرة ومعرفة أكثر ملاءمة لفهم تحديات ومتطلبات الجيل الجديد. من جانبها، تحدثت كلوي كومبي عن أهمية اختيار نماذج عمل ملهمة للجيل زد. هذا الجيل يميل إلى تقدير الرواد الذين يحققون نجاحاتهم من خلال روح ريادية. كما أن الجيل زد يتطلع بشكل متزايد إلى نمط حياة مختلف عن التاريخ السابق، وهو يتخلى عن الفكرة التقليدية المتعلقة بالتعليم العالي كشرط أساسي لتحقيق النجاح المهني. تطرح هذه التوجهات تحديات جديدة للمديرين. في الوقت الذي يتحتم عليهم التكيف مع التغيرات التي يجلبها الجيل زد، تظهر لديهم مخاوف تتعلق بالترتيب التقليدي للعديد من الصناعات. فهل يستطيعون قبول أن الجيل زد لا ينظر إلى الاستقرار كما كان ينظر السابقون؟ الجيل زد يطالب بتوازن بين العمل والحياة، وهذا يتطلب من المدراء إعادة التفكير في سياسات العمل والتوجيه في أماكن العمل. عند النظر إلى تعليقات المدراء، نجد أن الكثيرين يعبرون عن شعورهم بالإحباط. ترتكز الانتقادات المتكررة لهم على أن الجيل زد غير ملتزم ولا يتحمل المسؤولية. لكنهم يجب أن يدركوا أن الجيل يتمتع بوعي أكبر بتحديات الحياة المعاصرة. هم يعرفون تمامًا ما يريدونه من العمل، بما في ذلك التوازن المرتبط بالمتطلبات النفسية والاجتماعية. تجدر الإشارة إلى أن الآراء المختلفة حول الجيل زد قد تكون لها جذور ثقافية. حيث تعتبر بعض الثقافات أن الالتزام بالعمل على المدى البعيد هو عنصر أساسي للنجاح. ومع ذلك، نجد أن الجيل زد يهتم بمفاهيم مختلفة مثل التغيير والإبداع. لذا، ينبغي للمدراء أن يكونوا مرنين وأن يتفهموا أن العمل في عصر الطفرة التكنولوجية يتطلب منهم التكيف والابتكار. تقدم كلوي كومبي نصيحة للمسؤولين ليكونوا أكثر انفتاحًا على أفكار الجيل زد. يجب على المدراء أن يستمعوا إلى احتياجات وآراء هذا الجيل، وأن يسعوا لتوفير بيئات عمل تشجع على الإبداع والمشاركة الفعالة. وفي النهاية، قد يكون من المفيد أن ندرك أن التنوع بين الأجيال هو مصدر قوة، وليس مصدر توتر. إذا أردنا أن ننجح في خلق ظروف عمل إيجابية ومستدامة، يجب علينا أن نتجاوز المفاهيم النمطية السلبية التي تتعلق بالجيل زد. بالاستماع إليهم وفهم احتياجاتهم، يمكن أن نحقق بيئات عمل تكون ملهمة وفعالة لجميع الأجيال، وليس فقط للجيل زد. بختام هذا الحديث، إن القدرة على فهم الجيل الجديد هو أمر لا يمكن الاستغناء عنه في عالم العمل الحديث. فكلما انفتحنا على أفكار وتجارب هذا الجيل، زادت فرص نجاحنا كمديرين ومؤسسات. إن الجيل زد ليس كما يُصوّر في بعض الأوساط الاجتماعية، بل هو جيل يستحق الاحترام والتقدير، ويمكنهم أن يكونوا جزءًا فعالًا في صياغة مستقبل العمل.。
الخطوة التالية