في تقرير جديد صدر عن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، تم الكشف عن أن الاحتيالات المرتبطة بالعملة المشفرة كلفت الأمريكيين نحو 5.6 مليار دولار في عام 2023. هذه الأرقام المثيرة للقلق تظهر الزيادة المستمرة في أنواع الاحتيالات التي تهدف إلى استغلال المستثمرين، وخاصة أولئك الذين يبحثون عن الفرص والمكاسب السريعة في عالم العملات الرقمية. في غضون الأشهر الستة الأولى من عام 2024، أبلغ المكتب عن تلقي أكثر من 18,000 شكوى تتعلق بالاحتيالات في الاستثمارات المتعلقة بالعملات المشفرة، مع خسائر تتجاوز 1.9 مليار دولار. الأمر الذي يشير إلى أن المشكلة ليست فقط متجذرة في 2023، بل أنها تتفاقم بشكل سريع مع استمرار تطور أساليب المحتالين. يعتمد المحتالون في تنفيذ عملياتهم على تكتيكات متطورة تهدف إلى إقناع ضحاياهم بأن استثمارهم في العملات المشفرة سيوفر لهم عوائد كبيرة. كما أشار جيمس بارناكلي، نائب المدير المساعد لقسم التحقيقات الجنائية في الـ FBI، إلى أن المحتالين يقومون "بزراعة الثقة" في ضحاياهم ببطء. في البداية، يعمد المحتال إلى بناء علاقة صداقة مع الضحية، سواء عبر الإنترنت، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى الرسائل النصية، قبل تقديم فرصة الاستثمار. وعادة ما يبدو العرض مغريًا، حيث قد يدعي المحتال أنه جزء من مجموعة تجري استثمارات ناجحة في العملات الرقمية. بعد ذلك، يُعطى الضحية تطبيقًا ويبًا لوضع أمواله فيه، مما يدفع العديد من الناس، وخاصة كبار السن، إلى استثمار مدخراتهم. الأرقام تدق ناقوس الخطر حول تأثير هذه الاحتيالات، حيث كشف التقرير أن الأفراد فوق سن الستين هم من أكثر الفئات استهدافًا. فقد خسر هؤلاء ما يقرب من 1.6 مليار دولار في عام 2023 وحده. ولعل السبب في ذلك هو أن كبار السن يتمتعون بوقت فراغ كبير، مما يجعلهم أكثر عرضة للاستجابة لمحاولات المحتالين. كما أن المحتالين بارعون في كسب الثقة وبناء علاقة متينة مع ضحاياهم. واحدة من الأساليب التي لا تستهان بها هي توجيه المحتالين للضحايا بإرشادات دقيقة حول كيفية الذهاب إلى أكشاك العملات المشفرة وإيداع النقود. وهذا الأمر يتجاوز التوقعات، حيث أنه ليس من السهل على كثير من الناس تخيل أن جدتهم التي تبلغ من العمر 89 عامًا ستذهب إلى كشك لإجراء معاملة مالية. ولكن كما يشير بارناكلي، فإن هذا يحدث بشكل يومي. وبالنظر إلى فرص استرداد الأموال، أوضح بارناكلي أنها نادرة للغاية. منذ بداية العام، قام الـ FBI بإبلاغ 3,000 شخص بأنهم كانوا ضحية للاحتيال، ولكنه أشار إلى أن عدد هذه الحالات قد يكون أقل من الواقع، حيث أن العديد من الناس لا يدركون أنهم تعرضوا للخداع. تعكف السلطات الفيدرالية، وفي إطار جهودهم للحد من هذه الأنواع من الاحتيالات، على تدريب السلطات المحلية والولائية على كيفية التعرف على العلامات التحذيرية للاحتال. وتطلب أيضًا من البنوك الانتباه إلى مشكلات العملاء الذين يمكن أن يكونوا ضحايا محتملين. على سبيل المثال، قد يبحث الأشخاص المسنون عن سحب كميات ضخمة من النقود لتمويل مشاريع تجديد منازلهم، وهو أمر قد يبدو غير منطقي. ومع تزايد الاحتيالات، قد يبدو المستقبل مقلقًا لمستثمري العملات المشفرة. ومع ذلك، فإن المعرفة هي أول خطوة نحو الحماية. من الضروري أن يتعلم الأفراد كيفية التعرف على علامات الاحتيال والابتعاد عن الاستثمارات التي تبدو جيدة جدًا لدرجة يصعب التصديق عليها. يجب توخي الحذر عند التعامل مع أي عروض استثمارية تستند إلى الوعود الكبيرة. في نهاية الأمر، يحتاج المستهلكون إلى أن يكونوا واعين للمخاطر المرتبطة بالاستثمار في العملات المشفرة وأن يبذلوا جهدًا لفهم كيفية عمل هذه الأنظمة وما هي العلامات التحذيرية التي تشير إلى أن شيئًا ما ليس على ما يرام. الاستثمار الذكي هو الاستثمار الذي يأخذ في الاعتبار المخاطر ويجنب الغامض. وبالتأكيد، فإن الاحتيالات التي تكبدت الأمريكيين خسائر ضخمة في السنوات الأخيرة هي تذكير صارخ بضرورة الحذر واليقظة في عالم العملات الرقمية. التحديات التي يواجهها المستثمرون حاليًا متعددة ومعقدة، حيث تتطور أساليب المحتالين باستمرار. إن التعرف على الحقائق حول العملات المشفرة والاحتيالات المحتملة يمكن أن يساعد في حماية المستثمرين والمستهلكين على حد سواء. لذلك، يجب أن يكون هناك وعي دائم وإرادة للتعلم من الأخطاء السابقة حتى لا يتكرر السيناريو المأساوي لشخص آخر. من الواضح أن هناك حاجة ملحة إلى الجهود المتزايدة من قبل الحكومة والشركات الخاصة والمجتمع ككل للتعاون والحد من انتشار مثل هذه الجرائم. فبينما يمكن أن تكون العملات المشفرة وسيلة قوية للاستثمار، إلا أنها تحتاج إلى الاستخدام الحكيم والبصيرة لتمكين الأجيال المقبلة من تجنب الفخاخ التي قد تكلفهم الكثير.。
الخطوة التالية