أربعة أعوام مرت على بداية جائحة كوفيد-19، ولا تزال العزلة مستمرة بالنسبة لبعض السكان ذوي الإعاقة في الولايات المتحدة. لم يكن هذا الوباء مجرد تحدٍ صحي، بل كان له تأثيرات عميقة على نمط الحياة للكثيرين، خاصة أولئك الذين يعانون من حالات صحية خاصة تتطلب منهم اتخاذ احتياطات إضافية للبقاء في أمان. لقد شهدت المجتمعات التي تقطنها أشخاص معوّقون، تغييرات جذرية في حياتهم اليومية. فعلى سبيل المثال، تروي سارة آن ويلت، المقيمة في نيو جيرسي، أنها قضت أكثر من 1620 يوماً في العزلة منذ بداية الوباء. سارة تعاني من نقص المناعة، إذ لا يستطيع جسمها إنتاج ما يكفي من الأجسام المضادة لمواجهة العدوى. لذا فإن القيام بمهام بسيطة، مثل التنزه أو الذهاب للتسوق، أصبح شاقاً ومليئاً بالمخاوف. انتقلت سارة وعائلتها من ولاية آيوا إلى نيو جيرسي خلال الجائحة، واستخدمت استراتيجيات لتجنب الاختلاط بالناس قدر الإمكان. تقول سارة: "الأمر مفجع أنني مضطرة لمواجهة هذه التحديات فقط للوصول إلى الرعاية الطبية." تعبر سارة عن غضبها من عدم قدرة المجتمع على تلبية احتياجات الناس ذوي الإعاقة، وتقول: "لماذا نعيش في مجتمع إذا كان كل شيء فيه غير متاح؟" مع مرور الوقت، بدأ المجتمع المحيط بها في العودة إلى الحياة الطبيعية، بينما تكافح سارة للتكيف مع قيودها الجديدة. إنها تتطلع الآن للانتقال إلى مناطق ريفية في جنوب الولايات المتحدة، حيث تأمل في تجميع مجتمع يراعي حاجات الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يمكّنهم من استعادة بعض من الأنشطة التي فقدوها. "نريد شيئاً يشبه الطبيعي؛ ولكن مصمماً بطريقة تقلل من المخاطر على الجميع في المجتمع"، تضيف سارة. بالإضافة إلى ذلك، تشارك تشاريس هيل، وهي مقيمة في كاليفورنيا وتعاني من مرض التهاب المناعة الذاتية، مشاعر مشابهة. لقد وجدت نفسها تكافح أيضاً من أجل الوصول إلى الرعاية الطبية، حيث تراجعت التدابير الوقائية في العديد من مرافق الرعاية الصحية. تشعر تشاريس بأن بيئات الرعاية الطبية، التي ينبغي أن تكون آمنة، أصبحت الآن غير متاحة لها وللعديد من الآخرين الذين يعانون من أمراض مزمنة. تقول تشاريس: "الأمر مؤلم عندما ترى أن معظم الأماكن الطبية لم تعد تتطلب ارتداء الكمامات. هذا يجعل من العسير علينا أن نحصل على الرعاية التي نحتاجها." ومع ذلك، تمكنت تشاريس من إيجاد بعض السعادة من خلال العناية بحديقتها وزراعة الطعام، بالإضافة إلى الانخراط في فعاليات محلية بطرق آمنة، مثل اللقاء مع أصدقائها في الخارج. من المؤسف أن القضايا المتعلقة بشؤون الصحة العامة لا تقتصر على الأفراد المنعزلين فقط. فالكثير من الأشخاص الذين كانوا في السابق بصحة جيدة يعانون الآن من أعراض طويلة الأمد مرتبطة بكوفيد-19. فقد أشار الأطباء إلى أن التقدم الكبير في فهم الفيروس لا يزال يتطلب بذل المزيد من الجهود لمواجهة تداعياته العميقة. تعتبر منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة يشكلون شريحة مهمة من السكان الذين يحتاجون إلى مستوى عالٍ من الحماية. ومع ذلك، مع زيادة عدد حالات كوفيد-19 في الولايات المتحدة، فإن السياسات بإزالة تفويضات الكمامة تعني أن الأشخاص مثل سارة وتشيريس يشعرون بأن السلامة أصبحت ترفاً بعيداً. تقول تشاريس: "يجب أن نبحث عن نموذج جديد يتضمن اختبارات مجانية ولقاحات، ويعطي الأولوية لمصالح الأشخاص الأكثر عرضة للخطر." إن القفزات التي حققها المجتمع في استجابته للأزمات الصحية لا تكفي إذا لم تتضمن احتياجات الفئات الهشة. يشير الأطباء إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة في الولايات المتحدة تصل إلى حوالي 3% من السكان البالغين. وهذا يعني أن هناك مئات الآلاف من الأمريكيين الذين لا يزالون يعيشون في خوف دائم من التعرض للفيروس. ومع استمرار ارتفاع حالات كوفيد-19، يبدو أن الوضع قد يتطلب رؤية جديدة، ترتكز على التضامن والاحترام. في ظل هذا الواقع، يجب على المجتمع الأوسع أن يتفهم أن الناس ذوي الإعاقة ليسوا "عبئاً" أو "تكاليف" كما يُشاع في بعض الأحيان. بل هم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع، ويستحقون القدرة على المشاركة الكاملة فيه. وفي الوقت الذي تعمل فيه سارة على بناء مجتمع أفضل لأفراد ذوي إعاقة، تُظهر قصتها كيف يمكن للتعاون لاحترام كل فرد في المجتمع أن يكون له تأثيرات إيجابية. يأمل العديد من ذوي الإعاقة في أن تسلط هذه التجارب الضوء على الحاجة إلى تبني سياسات أكثر شمولية وتفهماً، حتى لا تُترك فئات معينة عرضة للخطر. هناك حاجة لخلق عالم يمكن فيه لكل شخص أن يشعر بالأمان والدعم، بغض النظر عن وضعهم الصحي. بهذا الشكل، يتضح أن المجتمع يحتاج إلى إعادة تقييم أولوياته، ويجب أن يعمل على تحقيق مساحة شاملة للجميع. إذ لا يجب أن يكون الأمان نقطة انطلاق للعودة إلى الحياة الطبيعية فحسب، بل يجب أن يكون حقاً لكل إنسان، يسعى للعيش بحرية وبكرامة.。
الخطوة التالية