في بداية سبتمبر 2024، يواجه سكان باكستان، الذين لم يتعافوا بعد من الفيضانات المدمرّة التي اجتاحت البلاد قبل عامين، تهديدات جديدة مع بداية موسم الأمطار. ومع هطول الأمطار الغزيرة، أصبحت المنازل التي أعيد بناءها بعد كارثة 2022 مهددة مرة أخرى، مما يشكّل عبئًا نفسيًا واجتماعيًا رهيبًا على الأسر التي عانت من تلك الكارثة. عائلة فوزية، التي تعيش في شمال شرق باكستان، تعكس تجارب العديد من الأسر. في عام 2022، تضررت عائلة فوزية بشدة جرّاء الفيضانات، حيث فقدت أكثر من 60% من ممتلكاتها. بعد أسابيع من العيش في مراكز الإيواء، تمكنت العائلة بصعوبة من إعادة بناء منزلها، مستخدمة الأموال التي اقترضتها من الأصدقاء وبيع بعض الماشية. لكن مع بدء هطول الأمطار الغزيرة في هذا العام، وجدوا أنفسهم مجددًا تحت خيمة مصنوعة من الأقمشة البلاستيكية المتناثرة. تحكي فوزية: "أطفالنا يرتعبون من صوت المطر. كلما أمطرت، يشعرون بالذعر ويصرخون: سنغرق مجددًا". وهذا الشعور بالخوف يتشاركه الكثيرون في المناطق المتضررة، مما يعزز الذاكرة المؤلمة لتلك الفيضانات التي خلفت أكثر من 1700 قتيل و30 مليون إنسان متأثر. وفقًا للسلطات، أسفرت الفيضانات الأخيرة منذ بداية يوليو 2024 عن وفاة ما لا يقل عن 285 شخصًا، حيث فشلت بعض المناطق في الاستعداد بشكل كافٍ لما قد يجلبه موسم الأمطار. يتساءل العديد من المواطنين عن مدى استعداد السلطات لمواجهة مثل هذه التحديات. تسعى الحكومة للادعاء بأنها اتخذت خطوات مثل تطبيق أنظمة الإنذار المبكر وتقوية السدود على الأنهار الكبرى. ومع ذلك، تنبعث أصوات الانتقاد من المجتمع، حيث يعتبر الكثيرون أن الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في باكستان دفع بقضايا التعافي من الفيضانات ووسائل التكيف مع تغير المناخ إلى قاع قائمة الأولويات الحكومية. عندما نتحدث مع خبراء المناخ والبيئة، نجد أن العديد منهم يحذّر من أن تغير المناخ هو أحد الأسباب الرئيسية لهذه الفيضانات المتكررة. يوضحون أن باكستان واحدة من أكثر الدول تأثرًا بتغير المناخ، وأن الفيضانات الشديدة أصبحت سمة مألوفة في السنوات الأخيرة. وفي الوقت ذاته، يجد العديد من الخبراء أن الاستثمارات اللازمة في البنية التحتية لمواجهة التغيرات المناخية لا تزال غير كافية. تأمل الحكومة الباكستانية في أن تنجح في توفير التمويل اللازم للتعامل مع الوضع، لكن الانتقادات تشير إلى ضعف الموارد بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية. وهذا يترك الكثير من الأسر مثل عائلة فوزية في حالة من القلق المستمر. في سياق متصل، جاء بعض المساعدات الدولية، لكن العديد من السكان يشعرون بأن هذه المساعدات غير كافية. فعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل المنظمات الإنسانية، إلا أن الأسر تعاني من نقص في المواد الغذائية والمأوى والرعاية الصحية. تتحدث فوزية عن صعوبة إيجاد الغذاء الكافي بعد الفيضانات. فقد كانت ممتلكاتها من الماشية التي تعيل الأسرة قد فقدت، مما زاد من معاناتهم. وعندما تسقط الأمطار، يصبح من الصعب عليهم الخروج للعمل في fields ، مما يزيد من تأثير الفيضانات على حياتهم اليومية. تقرير حديث من منظمة الصليب الأحمر يشير إلى أن هناك حاجة ملحة للتمويل الدولي لمساعدة العائلات على التعافي. كما تحذر تقارير أخرى من أن عدم الاهتمام الجاد بمسألة التكيف مع تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى كارثة أكبر في المستقبل. بينما تجري الانتخابات في باكستان، يخشى الكثيرون أن تنغمس الحكومة في الصراعات السياسية ولا تعطي الأولوية للأزمة الإنسانية. يشعر السكان في المناطق المتضررة بأن آمالهم ضعيفة في رؤية الحكومة تأخذ خطوات ملموسة لمساعدتهم في التغلب على التحديات التي يواجهونها، ويعربون عن خيبة أملهم من الوعود التي لم تتحقق. ونداءات المجتمع الدولي تزداد من أجل دعم الجهود من أجل التعافي من الفيضانات وتسهيل الإجراءات اللازمة لمواجهة آثار تغير المناخ. ومع ذلك، يبقى الكثير من الآمال معلقاً على استجابة الحكومة وتأثير الدعم الدولي. النهاية، يمكن القول إن باكستان تواجه اختبارًا جديدًا مع تكرار الفيضانات، وإذا لم تأخذ الحكومة هذه التحديات على محمل الجد، فإن العائلات التي تكافح من أجل البقاء ستظل تعيش في ظلال الخوف من غدٍ مجهول. مع كل مطر، يُذكرون بأن ذكريات 2022 لا تزال حية، وأن مستقبلهم مفتوح على كل الاحتمالات، سواء كانت أملًا أو خوفًا.。
الخطوة التالية