في الآونة الأخيرة، خضعت التعريفات التي ينظمها القانون التجاري الموحد (UCC) إلى تعديلات جوهرية تهدف إلى تلبية التحديات الجديدة التي تطرحها الأصول الرقمية. وتأتي هذه التعديلات، وخاصة التعديل على تعريف "المال" حسب المادة 1-201(b)(24)، في إطار التغييرات التي تم تبنيها في عام 2022، والتي تعكس التوجه العالمي نحو الرقمنة والاعتماد المتزايد على العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثريوم. تُعتبر هذه التغييرات جزءًا من جهود أوسع لتنظيم الأصول الرقمية وتوفير إطار قانوني يمكن أن يستوعب الابتكارات التكنولوجية. بيد أن هذا التعديل يحمل في طياته أيضاً تحديات جديدة، إذ يحدد ما هو المال وما لا يُعتبر مالاً. وفقًا للتعريف الجديد، تم استبعاد العملات الرقمية مثل البيتكوين من تعريف المال، في حين أُدرجت العملات الرقمية التي تصدرها البنوك المركزية، مثل العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC)، ضمن تعريف المال. لكي نفهم أبعاد هذا التعديل، يجب أن نعرف أولًا ما هو المال بمفهوم القانون التجاري. وفقًا للقانون، يُعرَّف المال كوسيط تبادل يُعتَمد من قبل الحكومة سواء كانت محلية أو دولية. إن توسعة هذا التعريف ليشمل العملات الرقمية للبنوك المركزية يشير إلى توجه حكومي لإضفاء الشرعية على الأصول الرقمية التي تُعتبر أكثر استقرارًا وأمانًا من العملات المشفرة التي لا تسيطر عليها أي جهة حكومية. تُظهر التعديلات أيضًا إدراكًا للتحديات القانونية التي قد تطرأ عندما تتبنى بعض الدول العملات المشفرة. على سبيل المثال، قامت السلفادور بقبول البيتكوين كوسيلة قانونية للدفع. في ضوء هذا، أُضيفت فقرة جديدة تؤكد أن الوسيط الذي تم إنشاؤه وتداوله قبل اعتماده من قبل الحكومة لا يعتبر مالًا. لذا، فإن البيتكوين، رغم اعتماده في السلفادور، ليس معترفًا به ضمن التعريف الجديد للمال. تدور وثيقة التعليق الرسمية المرتبطة بتعريف المال حول فكرة أن الأصول الرقمية التي تم إنشاؤها أو توزيعها من قبل أشخاص خاصة لا يمكن أن تصبح مالًا لمجرد اعتماد الحكومة لها لاحقًا. تقدم الوثيقة أمثلة توضيحية تُظهر كيف يمكن أن تتداخل المفاهيم وتنتج نتائج غير متوقعة في عالم الأصول الرقمية. ولهذا، سيكون لها تأثيرات بعيدة المدى على كيفية التعامل مع الأصول الرقمية في المعاملات التجارية والقانونية. إن عدم إدراج العملات الرقمية غير المعتمدة حكوميًا ضمن التعريف قد يؤثر سلبًا على قيمة هذه العملات ويعوق قدرتها على الإسهام في النظام المالي. من جهة أخرى، تقدم التعديلات أيضًا مسارًا للأصول الرقمية غير المعتمدة من خلال إدخال المادة 12 الجديدة التي تتعلق بالسجلات الإلكترونية القابلة للتحكم. تتيح هذه المادة للأعداد المتزايدة من الأصول الرقمية فرصة التداول ضمن إطار قانوني يضمن حقوق جميع الأطراف المعنية. حتى الآن، أظهرت الجهود المبذولة لإدخال هذه التعديلات مدى أهمية تحديث القوانين بما يتماشى مع الابتكارات في مجال التكنولوجيا المالية. يشهد العالم تحولًا في كيفية رصد وتداول الأموال، مما يتطلب من الجهات القانونية الدولية والمحلية التكيف مع هذه التغييرات بشكل عاجل. وبينما نتطلع إلى المستقبل، يُعَد التشريع الذي يتعلق بالأصول الرقمية فرصة للدول للمساهمة في إنشاء نظام مالي رقمي شامل وآمن. قد تساهم هذه الجهود في إرساء الثقة في الأصول الرقمية، مما يُحفز الابتكار والنمو في القطاع المالي. تتعدى آثار تغييرات التعريف حدود الأمور القانونية لتصل إلى التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية. إن إنشاء إطار قانوني واضح للأصول الرقمية يمكن أن يسهم في تعزيز التجارة الدولية ويتيح فرصًا جديدة للأفراد والشركات على حد سواء. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو مواكبة السرعة التي تتطور بها هذه التكنولوجيا، مما يتطلب مرونة كبيرة في التشريعات. في هذه البيئة المتغيرة، قد تكون التحديات التي تواجه الجهات التنظيمية كبيرة، ولكنها أيضًا تجلب فرصًا جديدة. يعتمد مستقبل الأصول الرقمية على كيفية تعاملنا مع هذه التحديات وكيفية تشكيل القوانين التي تنظمها. إن قدرة النظام المالي على التكيف مع هذه التغييرات هي في النهاية ما سيحدد نجاحه في المستقبل. إجمالًا، يمثل تحديث تعريف المال في القانون التجاري الموحد خطوة مهمة نحو إدماج الأصول الرقمية في النظام المالي التقليدي، ويعكس أهمية القوى الاقتصادية الحديثة. لذلك، يحتاج جميع المعنيين، بما في ذلك المشرعين والشركات والأفراد، إلى فهم هذه التغييرات وكيف يمكن استغلالها بفعالية في عالم المال الحديث. ومهما كانت التحديات التي قد تطرأ، فإن الالتزام بالابتكار والتحسين سيظل سمة أساسية لمستقبل النظام المالي العالمي.。
الخطوة التالية